22 نوفمبر، 2024 3:52 م
Search
Close this search box.

مجلس القضاء الأعلى 

مجلس القضاء الأعلى 

يتحرك مشروع قانون مجلس القضاء الأعلى هذه الفترة على طاولة مجلس النواب العراقي ، و كان من المقرر أن يحسم أمر التصويت عليه لولا طلب بعض الأطراف تأجيله و هذا ما حصل بالفعل خاصة مع انتهاء الفصل التشريعي ، إلا أن القانون حتما سيدفع بعد العطلة التشريعية للتصويت عليه ؛ و حريٌ بالكاتب أن ينتظر ما سيصنع بمشروع القانون هذا ، وقتها يطلق لكلماته العنان ، إلا أن عملية التشريع التي لا طالما انشغلنا بتفكيكها و تحليل ديناميكيتها تدفعنا إلى أثارات استفهامية و تحليلية و يمكن أكثر من ذلك ، و لذلك لا ينبغي أن يطلع الرأي العام و الخاص على القوانين بعد التصويت عليها و نشرها في موقع مجلس النواب أو ما تثيره الخلافات كما يحصل في العادة عند تشريع كل قانون ، فمثلما نقول في كل مرة تشريع القوانين يعني إعادة تشييد الدولة ، و هذه العملية بقدر ما هي مهمة كبيرة هي كذلك مركبة و معقدة 
و خلاصة التركيب و التعقيد أن هذه القوانين تواجه محنة تعزيز الطائفية ، فليس على أي باحث إلا أن يجول وسط الكتل النيابية التي تشكل مصنع إنتاج القوانين و يحضر نقاشاتها ليتعرف على حجم الثقل الطائفي في تشريع القوانين و ممارسة العمل ، لا غرابة فالواقع السياسي العراقي و منذ العام ألفين و ثلاثة و لازال لا يقبل أن يخرج من التصنيف القومي و الطائفي ، و بهذا يجد كل سياسي أن وجوده و حجمه مرهون بوظيفته الطائفية ؛ تتجسد هذه الوظيفة في أكثر من شكل و مستوى ، و ليس السياسي العراقي بدعا من سياسيي العالم ، إلا أن السياسة في العالم تتحرك على أساس المصالح البرامجية و التوجهات الإدارية كما في البلدان الديمقراطية المتقدمة ، أو على أساس التوجهات اليمينية و اليسارية كما في تجارب أخرى ، إلا أن مفاهيم و مصالح تشكل مبادئ عليا على الجميع أن يتحرك تحتها ، و هذا مالا يحصل في الكثير من بلدان الشرق الأوسط و منها العراق ، فكل جماعة تعتقد أن المبادئ العليا هي مصالحها السياسية التي في هذه المرحلة هي المصالح الطائفية تحت عناوين خلابة ،( حق الأكثرية ، حق الشريك ، المظلومية ، التهميش و الخ ) 
و ألان لنعود لموضوعنا و هو مشروع قانون مجلس القضاء الأعلى ، فأكثر ما يطرح من خلاف على الأقل ما رشح لنا هو ما يرتبط بعلاقة مجلس القضاء الأعلى بالمحكمة الاتحادية العليا و محكمة التمييز الاتحادية و هيأة الأشراف القضائي و جهاز الادعاء العام ،  أي شكل العلاقة ما بين أركان السلطة القضائية ؛ فهنالك من يدفع تحت ذريعة عدم حصر إدارة السلطة القضائية بيد شخص واحد إلى تجزئة أو تفتيت البناء الكلي للقضاء ، و السعي هنا يتضمن عزل هذه الأجهزة بعضها عن البعض الآخر ، و كأنها سلطات متعددة و ليست سلطة واحدة ، و يغيب عن عَرّابي التجزئة أن هذه المؤسسات و بحسب وظائفها و تخصصها و قوانينها هي من تحقق الدور الذاتي لكل منها و تحقق التكامل فيما بينها ، و أن تجزئتها يأخذها إلى التشرذم و التفتت ، و لا تعني مساعي التجزئة هذه إلا إدخال هذه المؤسسات في مزاد الهيمنة و التحاصص المعمول به في مؤسسات السلطات الأخرى ، فمن هو حريص على استقلال القضاء العراقي أن يحسن تشريع قوانينها و هذا هو الكفيل بتحقيق الاستقلال و النجاح ، فوجود هذه المؤسسات تحت خيمة واحدة لا يعني وظيفة واحدة فللتمييز شأنه و للإدعاء العام شأنه و هكذا للمحكمة الاتحادية و للأشراف القضائي ، و شأن كل منهم يحدده الدستور و القوانين ؛ و ليس شيءٌ آخر ، و هذا ما يحصل في كل البلدان و لا يمكن عكس هواجس الصراع التشريعي أو التنفيذي المرحلي على البناءات العليا للدولة .  

أحدث المقالات