يستذكر العراقيون في الثالث والعشرين من نيسان فاجعة أليمة ، حدثت العام الماضي ، في مجزرة رهيبة ، كانت منطقة الحويجة مسرحا لتلك الجريمة المروعة، والتي تعد وصمة عار في جبين الانسانية ، التي لم تقف الموقف الذي يستحق لادانة مرتكبي تلك الجريمة الشنعاء رغم ان شخوصها مازالوا يحتلون مواقع متقدمة في الدولة والقيادات العسكرية، راح ضحيتها أربعون عراقيا ، لاذنب لهم سوى انهم متظاهرون سلميون، يطالبون بحقوق مشروعة ، ليس أكثر من المحافظة على كرامتهم المهدورة وتوفير عيش آمن كريم ، وهي مطالب بسيطة لو أحسن القائمون على قيادة البلد معالجة متطلباتها في حينها دون اللجوء الى ارتكاب مجزرة كهذه ، بتلك الطريقة الموغلة في الاجرام تم ارتكابها، دون ان يحرك الضمير العالمي نفسه ليطالب بالاقتصاص من مرتكبيها وشخوصها الكبار، الذين يمارسون مسؤولياتهم وكأن شيئا لم يكن ، رغم ان البعض ممن أسهموا في تلكلجريمة يرتبطون بروابط القربى مع من طالتهم أيادي الغدر في ساحة الجريمة ، رغم انهم مدنيون أبرياء ، حتى عدت تلك الفاجعة بانه جرائم ضد الانسانية.
ولا أدري متي يستيقظ ضمير العالم على محنة ألمت بمنطقة الحويجة ، وذبح ابناؤها في وضح النهار، بدم بارد ، علما بان هناك قيادات مدنية وعسكرية اشتركت في تنفيذ فصول تلك الجريمة وهي معروفة للقاصي والداني، إذ ما زال العراقيون يتذكرون شخوصها، وكيف جرت احداث تلك الفاجعة الأليمة، ولم تصدر اللجان التحقيقية البرلمانية وغيرها أي قرارات تشير الى أسباب حدوث تلك المجزرة ، ومن هو المقصر ومن ينبغي محاسبته في محاكم إجرام جنائية دولية ، ولم يتم تشخيص الرموز التي شاركت فيها رغم ان العراقيين يعرفون من كانوا ابطال تلك الجريمة وكيف أسهوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في اعداد سيناريوهاتها او من أؤلئك الذين تفاوضوا نيابة عن المعتصمين السلميين ، لكنهم اخفقوا في حماية الدم العراقي حتى سالت دماء اربعين متظاهرا ، لم يكن يحملون بوجه من اراد اقتحامهم سوى عصيا من أوتدة الخيم في مواجهة محاولات التوغل داخل المخيم، ولم يقتنع القائمون على سيناريو الجريمة بالمناشدات التي جاءت من اكثر من طرف دولي ومحلي للكف عن عملية الاقتحام ومع هذا أصرت العساكر على دخولها رغم المناشدات العاجلة من مختلف الاطراف المحلية والدولية ، حتى بدا وكأن هناك اصرار على عملية الاقتحام باية طريقة، فالمهم لدى العساكر ان تتم ابادة من في الساحة تحت كل المبررات، والتخلص منهم، كي يكونوا عبرة لغيرهم في ساحات أخرى.
أجل ستبقى مجزرة الحويجة شاهدا على ان الدماء البريئة التي أريقت في ساحة الاعتصام ستبقى معلما لكل عراقي شريف على انها الفاجعة ألاكثر دموية والاكثر إيغالا في الدم العراقي وإستباحة كرامة الانسان، وتعد انتهاكا للدستور ولأسس الديمقراطية التي يتغنى بها قادة العملية السياسية ليل نهار ، حتى ان ملايين العراقيين راحوا يصمون آذانهم عن سماع ما جلبته لهم الديمقراطية من مكاسب لاتحصى ولا تعد، وهي مكاسب الموت والقتل الجماعي للعراقيين في الحويجة والانبار وديالى وفي إستباحة الدم العراقي في محافظات الوسط والجنوب التي يتحمل الحاكمون القسط الاكبر منها، كونهم أسهموا في التحريض على مواجهة كل من يطالب بحقوق أو يختلف مع الحكومة في وجهة نظره ، رغم ان أكثر المطالبين بالحقوق المشروعة لم يكونوا أعداء للحكومة ، بل كانوا مواطنين عراقيين يريدون تحقيق الكرامة في أبسط اشكالها والعيش في أبسط مستوياته، لكن الحكومة أصرت على المواجهة في كل الساحات في الحويجة والانبار وديالى ومحافظات أخرى وقد تم ارتكاب فضاعات، لابد وان تتم محاسبة القائمين على أحداثها المروعة واحالتهم الى محاكم دولية ، لتقتص من كل مجرم أساء الى شعبه وسفك دماء العراقيين الأبرياء بأية شكل كان طابع الجريمة ، فالمجرم هو واحد من حيث تنفيذ الجريمة فمن يقتل في الحويجة هو نفسه من يقتل في الانبار ومن يفجر السيارات المفخخة لتصيب بها أجساد العراقيين الأبرياء في مدن الوسط والجنوب وفي بغداد ، فلا فرق بين الاجرام في قتل العراقيين من اي محافظة كانت، لكن الاقدر اللعينة هي من ضيعت على العراقيين مستقبل بلدهم حتى ضاع دمهم بين القبائل.