تعد مجزرة الحويجة التي جرت في الثالث والعشرين من نيسان من عام 2013 إحدى أبشع جرائم العصر ، وتعد إنتهاكا سافرا لكل حقوق الإنسان وشرائع الأرض والسماء ووصمة عار في جبين مرتكبيها، بل وجبين الإنسانية جمعاء ، ووصمة عار بوجه الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي يوم صمتا على أكثر المجازر وحشية في التاريخ الحديث، ويوم استباحت قوات سوات خيم المعتصمين في الحويجة التابعة لمحافظة كركوك ، وقتلت أربعين من المعتصمين العزل الأبرياء ، وهم متظاهرون سلميون لايحملون سوى عصي خيم لمواجهة أعتى محاصرة عسكرية في مداهمة فريدة من نوعها في التاريخ، ونفذت تلك المجزرة الرهيبة التي يندى لها جبين الانسانية، وتعد شاهدا على مدى إيغال من إشتركوا في تنفيذ هذه الجريمة والشخوص العسكرية والمدنية التي إشتركت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في مسرح الجريمة ومنها على وجه الخصوص وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي ووزير التربية محمد تميم وقائد القوة البريد الفريق الركن علي غيدان المخطط لمسرح الجريمة.
أجل ان مواقف كل من وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وتردد وزير التربية محمد تميم وعدم قدرته على ايجاد حل للأزمة قبل القيام بالمداهمة وتقصيره في ابلاغ القيادات العسكرية بالمواقف والتطورات المتسارعة في وقتها، وعدم مراهتنته على الحل السلمي للأزمة وتصريحاته المتضاربة والمتناقضة وتبريراته التي ساقها حينذاك وعدم وقوفه الموقف الذي يرفع الرأس بوجه من يريدون تنفيذ الجريمة رغم ان أغلبهم هم من ابناء عمومته، أضافة الى قائد القوة البرية علي غيدان والضباط الاخرين الاقل منه مرتبة وموقعا ، كلها دلائل تؤكد ان منفذي الجريمة ما كادوا لينفذون جريمتهم لولا الاصرار على تنفيذ الجريمة تحت كل الظروف، وان المفاوضات كانت خدعة وتمويها اكثر من كونها قبولا بمبدأ الحل، ولهذا يستحق القائمون على قيادة مسرح الجريمة ان يقدموا الى محاكم دولية تعنى بجرائم الحرب والابادة الجماعية كونها ابادة جماعية فعلا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى..
اما صمت العالم الغربي ومنها الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي على مجزرة الحويجة فأمر يدعو الى الإستهجان والاستغراب واللامبالاة أزاء أبشع جريمة حدثت على مرأى ومسمع العالم كله، ورغم ان منظمات دفاع عن حقوق الانسان داخل الاتحاد الاوربي اهتمت بتلك الجريمة في أشهر سابقة وكانت احدى مداولات لجانها الفرعية عند انعقاد لجنة حقوق الانسان البرلمانية الاوربية وحضور وفد عراقي ، اطلعهم على بعض معالم المجزرة ، الا ان موقف الغرب وصمته وعدم ايلاء تلك الجريمة أهمية رغم بشاعتها ورغم كون الضحايا معتصمين سلميين يطالبون بحقوق مشروعة، الا ان تنفيذ تلك الجريمة من قبل قوات سوات بقتلهم اربعين معتصما بدم بارد يعكس مدى همجية المنفذين لتلك الجريمة وانتهاكهم السافر لكل حقوق الانسان في أبسط أشكالها ولو حدثت جريمة أصغر منها في أي بلد في العالم غير العراق لأقامت الولايات المتحدة والإتحاد الاوربي الدنيا ولم يفعدوها ، لكنها لأن حدثت في العراق وهم متسامحون مع ما ينفذ من جرائم ابادة شبه يومية فتعد الجريمة أمرا طبيعيا لاينبغي ان تتم محاكمة المنفذين لتلك الجريمة في محاكم دولية تختص بالمحكمة الجنائية الدولية التي تكون اختصاصاتها متقاربة مع سياريو الجريمة ومن طبيعة مسرحها الاجرامي المريع.
وكان من الضروري والمهم اقامة نصب تذكاري في نفس مسرح الجريمة او قريب منه، يصور تلك الاحداث الموغلة في الاجرام في العصر الحديث، واقامة ( بانوراما ) تمثل أحداث مسرح الجريمة ، لكي يطلع على صورتها البشعة، لكي لاتنسى احداث تلك الجريمة ولكي نظهر للعالم مدى فداحة النظام الديمقراطي في العراق وخرقه لابسط قواعد الديمقراطية في أبسط أشكالها وتعد تعديا سافرا على الحقوق الانسانية وانتهاكا سافرا للمثل العليا وللقيم الرفيعة للمجتمعات حتى المتخلفة منها،بل انه حتى المجتمعات الهمجية لاترتكب فيها تلك الفضائع بتلك الدرجة من القسوة والوحشية في مجزرة لم تجد الاهتمام من الولايات المتحدة التي تتغنى بحقوق الانسان ليل نها ونصبت نفسها وليا على العالم والحاكم بأمره، ومع هذا لم تنطق حتى كلمة واحدة تكون شاهدا على انها استنكرتها او استهجنتها او حاسبت المسؤولين عن ارتكاب تلك المجزرة الموغلة في الاجرام وصمتت عنها كثيرا..
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح دوما هو : لماذا لايهتم العالم المتمدن بمثل هذه الجرائم البشعة التي تمثل ” إبادة جماعية ” بلا وجه حق او مسوغ أخلاقي ولماذا لاتتم محاسبة مرتكبي هذه الجريمة وقادتها الكبار من أمثال سعدون الديمي وزير الدفاع وكالة والمشرف على سيناريو الحدث المروع ومحمد تميم وزير التربية الذي كان أحد أسباب حصول الجريمة ، أو لنقل انه كان الوسيط بين قادة العساكر والمعتصمين، لكن سلوكه وتعامله مع الازمة ساعد على تنفيذ الجريمة، وعلي غيدان قائد القوة البرية الذي كان يعد سيناريو الجريمة وهو من ساق المبررات غير المنطقية ، لتتم محاكمة هؤلاء جميعا مع الضباط والجنود المشتركين في مسرح الجريمة، الذين نفذوا جريمة إبادة جماعية حدثت امام سمع العالم وبصره، فهل يمتلك الضمير الانساني العالمي ويصحو ضمير بعض الشرفاء في أميركا والعالم الغربي ، لكي لاتتكرر تلك المذبحة المروعة مرة أخرى ، ولتضع حدا لجنون القتلة والمأجورين وسفاحي الدم ، الذين يقتلون شعبهم بهذه الطريقة التي تخلو من أبسط القيم الإنسانية وتعد وصمة عار في جبين الإنسانية إن بقي صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة على هذه الجريمة بالطريقة التي تجري الان..؟والعراقيون الشرفاء بإنتظار كلمة حق تنتصر للضحايا وعوائلهم، فهل من مجيب؟