23 ديسمبر، 2024 5:41 ص

مجزرة الأسماك حاليا ً مجزرة الشعب لاحقا ً

مجزرة الأسماك حاليا ً مجزرة الشعب لاحقا ً

خلال الأيام المعدودة الماضية نفقت آلاف الأطنان من أسماك مزارع الأقفاص العائمة في دجلة و الفرات في عدد من المحافظات العراقية. و لقد طرحت روايتان عن سبب هذه المجزرة. الرواية الأولى تقول بأنه تم إلقاء مادة سامة في الماء مما أدى إلى هذا الهلاك الجماعي للأسماك. أما الرواية الثانية فتقول بأن الأسماك أصيبت بمرض تعفن الخياشيم، الذي يظهر سنويا ً في مثل هذا الوقت، مما أدى إلى هلاكها الجماعي. أما الأسماك الحرة فلم يذكر مصيرها أحد لأنه يبدو بأنه لا توجد مؤسسة مسؤولة عنها تحافظ عليها باعتبارها ثروة وطنية، أو بالفعل توجد مثل هذه المؤسسة و لكنها مجرد مؤسسة لدفع الرواتب لمنتسبيها و هدر للأموال المخصصة لرعاية الثروة السمكية.
فإذا كانت الرواية الأولى هي الصحيحة فهذا يدل على أننا بلغنا الدرك الأسفل من الإنحطاط المجتمعي و الأمني بحيث أن هنالك جهة خارجية ما تأتي بمعية جهات داخلية إلى النهر و تقوم بوضع السم فيه، و حجم الهلاكات يدل على أن السم الذي وضع في الماء كان بكميات كبيرة و مناطق عديدة و أيام عديدة. و هذا السم الذي قتل كل هذه الأسماك فإنه حتما قد دخل أجسامنا عن طريق ماء الإسالة الذي يسحب من النهر. و هنالك إحتمال بأننا نحن المقصودون من تسميم الماء لغرض الفتك بنا و تحويلنا إلى شعب بائس قليل السكان يسهل السيطرة عليه و قيادته كقطيع مطيع. و لكن بما أن الأسماك أقل وزنا ً منا فلقد هلك أولا ً أما نحن فإن أجسامنا تحتاج إلى كميات أكبر لكي نهلك كالأسماك، و هنالك إحتمال بأن دخلت أجسام بعضنا كميات من السم سيظهر عليها لاحقا ً تأثيرها المدمر، و ربما حدث مثل هذه الحالة لأهالي البصرة عندما أصيب منهم عشرات الآلاف بحالات التسمم. و نتائج تأثير السم علينا يعتمد على نوع السم و كميته و الفترة الزمنية التي تدخل فيه أجسامنا و يكون على شكل ضرر بأحد أعضاء الجسم أو الإصابة بالسرطان أو الموت تسمما ً.
أما إذا كانت الرواية الثانية هي الصحيحة فهذا يدل على أن التلوث الشديد قد أصاب دجلة و الفرات بحيث أن المرض أصاب و أهلك كل هذه الأعداد الهائلة من الأسماك، فلو كان ماء دجلة و الفرات نظيفا ً لكانت الهلاكات قليلة و لا تصيب حقل الأسماك بكامله، لأن الأمراض في الماء النظيف يكون تأثيرها بسيط على الأسماك يبدأ بالضعيفة و يستمر لفترة زمنية يستطيع أصحاب الحقول ملاحظة بداية المرض و التمكن من مكافحته. و إذا كان تلوث مياه الأنهار قد بلغ هذا السوء فإنه أيضا ً يؤثر على صحتنا بنفس طريقة تأثير المواد الكيمياوية السامة التي تلقى في الماء و الذي يأتينا بواسطة ماء الإسالة. إن تلوث الأنهار بمياه المجاري و المخلفات الصناعية التي تلقى فيها يدل على عدم فاعلية مؤسسات الدولة المسؤولة على سلامة البيئة العراقية و أنها مجرد مؤسسات لصرف الرواتب لمنتسبيها و هدر للأموال المخصصة للحفاظ على البيئة العراقية.
بالإضافة إلى معاناتنا من تلويث مياه الأنهار فنحن أيضا ً نعاني من تلويث الهواء بعوادم السيارات و مولدات الكهرباء الأهلية و حرق النفايات و المصانع بجميع أشكالها. و أن التهاون في مكافحة تلويث مياه الأنهار و الهواء بالطريقة التي تحدث حاليا ً ستكون عواقبه وخيمة على صحتنا و خاصة نحن نعاني من سوء الخدمات الصحية الحكومية و غلاء أسعار الخدمات الصحية الأهلية.