23 ديسمبر، 2024 2:44 م

مجرد مقترح ، اصدار جوازات سفر بين أحياء بغداد

مجرد مقترح ، اصدار جوازات سفر بين أحياء بغداد

سمعت من أحد أصدقائي ، أن سيطرات الأحياء السكنية عازمة على إصدار (باجات) تُعلّق على الزجاج الامامي للسيارات ، تضم معلومات عن السائق وعنوان سكناه على شكل (باركود) ، شبيهة بتلك الموجودة على صحيفة الناخب لتقرأها الأجهزة الفاشلة في الأنتخابات ، فضحكتُ ظنا مني ، أنها مُزحة سمجة وثقيلة ، مثل ألاف النكات السوداء التي يتداولها الشارع عن فشل الحكومة والأصرار على ذلك الفشل على جميع الأصعدة ، تلك النكات التي لو سمعها انسان حُر (وأنا متأكد أن المعنيين يسمعونها ) ، لأنتحر دون تردد ، ومرت هذه النكتة السخيفة ليطويها النسيان ، ولكن ليس طويلا .

بعد ذلك بأيام ، صُدمتُ وكأني تلقّيتُ صفعة ، عندما طالبني شرطي السيطرة بالباج وأنا متوجّه الى بيت شقيقي في منطقة (زيّونة) ، وأن عليّ دفع (15) الف دينار ثمنا للوصل ! ، لقد كان صاحبي على حق ، وهو يبلغني بقرار قرقوشي ، لا يمكن أن يسنّه حتى العثمانيون ، اسلوب متخلف تُسخر التكنولوجيا وبالتالي (البزنس) لتكريسه ، اسلوب صعب التصور والجدوى ، لا يدل الا على حالة التخبط والفشل ، وكيف تسلط علينا متخلفون وجهلة وسراق ومبتزون لا تهمهم إلا جباية الأموال لأدارة الملف الأمني ، إن كان ثمة ملف أصلا !.

كيف وصل الأمر الى حد أن نسلّم (لحايانا) الى هؤلاء وهم بعقلية أطفال في الأبتدائية ليقودوا البلد نحو الفناء ، الأجدر منهم أصدار جوازات سفر للتنقل بين الأحياء ، ولكن عليهم وضع لافتات للحدود الأدارية لمنطقة (العطيفية) أو (البلديات) ، وربما نتوقف في طوابير للحصول على (فيزا) لدخول (النعيرية) مثلا ، والتي قد تتحول الى محافظة ، أو دولة !.

المسألة أخطر مما نتصور ، فهذا إقرار بأن السيطرات فاشلة كليا ولا طائل منها ، وصاروا يعالجون الفشل بفشل ترقيعي ، وأن أي (صعلوك) ، بأمكانه الضحك على (شوارب) أكبر الأجهزة الأمنية لدينا ، وهو فرصة جديدة للابتزاز الذي يفسرونه على أنه (باب) رزق جديد .

فشل نحن مَن يدفع ثمنه ، فشل صار يتفاقم يوما بعد يوم ، الى درجة أنه بات كابوسا يجثم على صدورنا ، ففي كل دول العالم ، بأمكان إثبات شخصيتك بهوية واحدة ، ولكن اثبات الشخصية في العراق ربما يتطلب (فايل) كامل من المستمسكات في المستقبل ، مستقبل لا أبقاهم الله لبلوغه .