من جديد يلوح التهديد ببحور من الدم في الأفق ، ويعود الخطاب الدموي ليملأ آذاننا محاولا تحذير الراغبين في اقامة اقليم سنّي من مغبة نواياهم ..هل نستعد اذن لمرحلة جديدة مليئة بصوت الرصاص ولون الدم الذي تتنوع مناشئه واسبابه فقط في كل مرة لكنه لاينتهي أبدا ..لم يجف دم ضحايا الحويجة وسبايكر والموصل والصقلاوية وضحايا التفجيرات والعنف الطائفي بعد لنستعد لبحور جديدة من الدم.. هل يتصور السيد المالكي الذي اطلق هذا التصريح اننا جميعا مصابون بفقدان الذاكرة لننسى كيف ابيحت دماء اهل الحويجة وكيف حوصرت سبايكر وأبيد شبابها الغض وكيف تم تسليم الموصل وتزايدت التفجيرات بسبب صفقة اجهزة التفتيش الفاسدة وتحول العنف الطائفي الذي تنامى مابين عامي 2005 و2007 الى خطاب شحن طائفي ودكتاتوري اتسمت به الحكومة السابقة فضلا عن انهيار العراق اقتصاديا ..ألم يتساءل عن السبب الذي قاد أميركا الى الدعوة الى تقسيم العراق وعن السبب الذي قاد السنّة انفسهم الى الاعتراف بان سياسة الاقاليم هي الحل ، رغم ان اقليم الجنوب سيكون الرابح الاكبر بوجود النفط والماء والخيرات والكثافة السكانية ..انها سياسة الحكومة السابقة ذاتها التي غيرت خارطة العراق حين ابرزت معاول الطائفية لتفتت الوحدة الوطنية .. قبل فترة ،وحين بدأ نجم العبادي بالسطوع بفضل مواقفه المعتدلة ، كشف مصدر سياسي بأن المالكي اتصل بالعبادي وابلغه ان يكف عن اتهامه بالمسؤولية عن ملفات الفساد في الحكومة السابقة مضيفا بأن التنقيب عن فساد المرحلة السابقة سيؤخر مسيرته لاصلاح اوضاع العراق ، وذكر المصدر ان العبادي اشار الى دورالقضاء في محاسبة المسؤولين الفاسدين مهما كانت مناصبهم وانه –أي المالكي – لن يخشى العقاب لولم يكن مذنبا … ترى ، هل كانت تلك بداية لعهد جديد من التحديات التي قادت الى وضع العصي في دواليب حكومة العبادي ومحاولة تقويض حكمه وقادته الى الوقوف حائرا احيانا بين ارضاء شعب بدأ يثق به ويؤمن بنواياه الحسنة ومطالباته المشروعة بأن يكون اكثر جرأة في محاسبة المسؤولين الفاسدين وتسمية افعالهم وسحب ميليشياتهم المسيئة وايقاف دورهم الفاعل في قيادة الدولة من خلف الستار بسلاح الطائفية والدم ايضا ، وبين ارضاء التحالف الوطني والكتل والاحزاب المختلفة التي بدأت نواياه تثقل عليها احيانا .. من قبل ، قال الزعيم النازي ادولف هتلر : “الزعيم العبقري يجب ان تكون لديه القدرة على جعل المعارضين المختلفين يظهرون كما لو انهم ينتمون الى عائلة واحدة “….ربما بهذه الطريقة فقط سينجح العبادي في مواجهة تلك المحاولات الواضحة لافشال حكومته فهو مطالب بقدر أكبر من الجرأة والعزم على اتخاذ قرارات تشير الى المسيء والفاسد حتى لو كان مسؤولا وتكشف كل الملفات وتحاكم المذنب وتمد يدها للجميع ، وسيرى كيف سيلتف الجميع حوله ..كل الشرفاء من السنّة والشيعة ، ولن يفكروا وقتها في اقامة اقاليم أو احتكارحصص من ثروات العراق ..سيفكرون في استعادة وحدتهم فقط ، تلك الوحدة التي لن تعود حقيقة بعد الآن الا على يد زعيم عبقري.