22 ديسمبر، 2024 8:09 م

مجتمع دولي ، أم تجمعات ضباع ؟!

مجتمع دولي ، أم تجمعات ضباع ؟!

الضبع ، ذلك الحيوان المفترس ، انه نتن الرائحة وقمّام وانتهازي إلى أبعد الحدود ، يقتات عادة على جيف ومخلفات الحيوانات المفترسة الأخرى ولا يُبقي منها شيئا ، فيضرس حتى العظام والأسنان والجلد ، وأحيانا يعتمد على تجمعات بني جنسه ويعمل كفريق لأصطياد الطرائد المنفردة والغافلة مهما كان حجمها ، وعملية الأفتراس غاية في البشاعة ، لأنها تلتهم ضحاياها حية ولا تقتلها فورا أسوة ببقية الكواسر ، فيبدأ بالتهام ضحيته ابتداءً من مؤخرتها ، فتتألم الضحية سيئة الحظ أشد الآلام ، لكن أصواته الشبيهة بالضحكات القبيحة والمستخفّة بالحياة تغطي على صرخات الفريسة التي تختفي تدريجيا بعد مدة طويلة من العذاب والآلام .
أجد تشابها كبيرا بين تصرفات الضباع ، وستراتيجية المجتمع الدولي في تعاطيه مع أغلب القضايا ، وبالذات في الشرق الأوسط ، هكذا أعادوا العالم الى شريعة الغاب ، إنه المبدأ الذي عاد لنا بصورة ابشع هذا الذي  وصفه أديبنا السوري (أديب إسحق) في القرن التاسع عشر قائلا :
قتل أمرئٍ في غابةٍ جريمةٌ لا تُغتفروقتل شعب آمـن مسألة فيـها نظــر
فهُم من أجّج (الحريق العربي) بمساندة أقزام الخليج ، هم من كرّس الفوضى والأقتتال والأرهاب ، لقد كان العراق أسوأ مثال على الوضع بعد التغيير ، كان يجب أن يكون عبرة ، لكن لا أعتقد أنهم أغبياء ، بل يتغابون ، ومبدأ المعايير المزدوجة ، عماد هذه السياسة  .
لا شك أن (بوش) الأبن و(بلير) من أوائل هذه الضباع ، رغم إعترافهما بعدم وجود مسوّغ لأحتلال العراق ، ويكفي هذا المجتمع عارا ، أنهما بقيا بعيدَين عن العدالة ، وقد لاحظنا إفتقار أوربا لحماسة شن الهجوم على العراق ، على غرار تكالب أمريكا وبريطانيا ، ولو عُرف السبب بطُل العجب ، فقد كان (صدام) ينوي التعامل باليورو الأوربي بدلا من الدولار الأمريكي في كل تعاملاته التجارية ، وهذا ما رفع عقيرة الولايات المتحدة دون أوربا ، وأسقطوا (القذافي) بضربة فرنسية مباشرة ، والقذافي هو مَن دعم الحملة الإنتخابية (لساركوزي) ، بمبلغ 5 ملايين يورو بواسطة وسيط لبناني ، وقد وفى (ساركوزي) بوعده حقا بكل إنتهازية وغدر ! ، والسبب المباشر لحملة قلب نظام القذافي ، ليس الحفاظ على حياة الناس الآمنين من قمع نظام القذافي كما يدّعون ، لكن السبب هو عزمه على سك (الدينار الأفريقي) الذهبي ، كبديل عن العملات العالمية في التعاملات التجارية ، وها نحن نرى تداعيات سقوط القذافي المرعبة ، من حملات من الإبادة والأقتتال والتشرذم ! .
مجتمع يتنفس الكذب في كل ما يدّعيه ، من رعايته لحقوق الأنسان وحربه على الإرهاب ، فتراخيه وعدم جدّيته وكسله الدبلوماسي والأستخباري في محاربة هذا الإرهاب ، وعدم إغتنامه لفرص كبيرة للقضاء عليه ، بات ينظر إليه رجل الشارع (وهو محق) ، انه نوع من اسناد هذا الأرهاب الذي صار صناعة رائجة تدر بالمليارات ، ومنع دحره إلا وفق سقف زمني يقرره هذا المجتمع ، بعد أن تأتي طبخات جيَفهُ أكلها ، عدا وجود مئات الأدلة على عرقلة دحر الأرهاب من قبل الدول المبتلاة ، كالعراق وسوريا ، بضربات مباشرة ضد قوى التحرير (للجيش السوري أو العراقي) ، تارة بإدعاء (ضبابية الحرب) ، وتارة بحجة دعم (المعارضة المعتدلة) التي لا يمتلك هذا المجتمع جدولا بأسماء فصائلها ! ، وتركيا التي لا تنفك من إثارة الغبار لتشويه المشهد الحقيقي ، وأنتهازيتها بالأتجار حتى بمعاناة اللاجئين البؤساء ، لأبتزاز أوربا بتهديدها بإغراقها باللاجئين ، هذا المجتمع الذي يبدو من مصلحته إبقاء رحى الموت الدماء والخراب دائرة ، وهذه استراتيجية ضباع بإمتياز ، وهي تستمتع برائحة الدم ! .
لاحظتُ أن مجلس التعاون (على الإثم والعدوان) الخليجي ، صار يُعقد بحضور أحد هذه الضباع ، فبالأمس ، عُقد هذا المجلس لشن العدوان وحرب الإبادة على اليمن ، وقد حضره السيد (أولاند) كضيف شرف وكأنه يبارك هذه الخطوة الدموية ، أو على الأقل لا يهتم ، ما دام دوره كان الترويج لطائرات (رافال) ، وسط أقرانه من الضباع ! ، ومنذ حوالي الشهر ، إبتدأت رئيسة وزراء بريطانيا مشوارها السياسي ، بحضورها كضيف شرف هي الأخرى لقمّة هذا المجلس وهي تُثبت انتمائها القوي إلى مجتمع الضباع ! ، الحرب على اليمن التي أحرجت حتى (ذيول) هذا المجتمع المتبلّدة والمنحازة ، والمتمثلة بمنظماته مثل (هيومان رايتس ووتش) التي أصدرت بيانا خجولا ، مدينة استخدام السعودية للأسلحة الإنشطارية المحرّمة دوليا في اليمن !.