23 ديسمبر، 2024 4:45 ص

النقاش مع الجاهل المدعي العِلم والثقافة مشقة!
نصيحته عناء!
محاولة لفت نظره لمواضع جهلة مهمة محفوفة بالأنزعاج والعصبية!
لماذا كل ذلك؟!
الجاهل من هذا النوع غير مهيأ نفسياً وفكرياً لتقبل انه جاهل فمجرد إدراك الشخص لقصوره الفكري يجعله ذا فكر، أما الجاهل من هذا النوع فتختلج في نفسه نزعة الغرور تجعله في نظره (على الأقل) سيد الفاهمين.
يتصور كل نقاش حلبة نزال يبتغي النصر فيها بترهات كلامه وتعابيره التي يدأب على تكرارها ليصور لنفسه انه فاهم لمجرد أن فمه ولسانه يتحركان للنطق بأي كلام يطرأ على باله دون النظر لحجته ودليله وفكره المستنبط عنه.
هكذا مجرد كلام والسلام فاللغو عند الجاهل من هذا النوع يعتبره فلسفة.
ربما تم تلقينه الكلام وطريقة التفكير من خلال حضوره لمجالس من تميل لهم نفسه فيواكبهم ويتلقن منهم كيف يتكلمون وكيف يتصرفون وكيف يُفكرون تلقيناً أعمى سيقوده لعمى العقل.
 
إن تعريف (العِلم) هو حضور صورة الشيء في الذهن فعندها يعتبر (الجهل) عدم حضور صورة الشيء في الذهن. يُنسب الجهل إلى الإنسان خاصَّة لأنَّه يمتلك قابليَّة التعلّم ومن شأنه أن يكون عالماً.
 
ينقسم الجهل منطقياً إلى قسمين: جهل بسيط وجهل مركَّب.
أما الجهل البسيط فهو: أن يجهل الشيء وهو عالم بجهله، فهناك أمر واحد عدمّي بسيط. لا يعلم بالشيء وإنتهى.
وأما الجهل المركب فهو: أن يجهل الشيء وهو لا يعلم بجهله. فهو إذاً غافل عن جهله ولا يدري بأنَّه جاهل فيرى نفسه عالماً به، فيتركب جهله من جهلين: جهل بالواقع وجهل بهذا الجهل، فهذا الجهل ليس هو إلاّ ظلمات بعضها فوق بعض وسرابٌ يحسبه الظمآن ماءً.
 
لا يعترف الجاهل المركب بجهلة بل ويدّعي ما لا يعلم. يستمر بالأدعاء والتظاهر أنه فاهم من خلال إيهام نفسه بتصرفه كفاهم وهو جاهل. يغذي غروره وتعصبه بالأدعاء والتظاهر حتى يستمر. ربما يكذب ويصدق كذبته وربما يطور كذبته لاحقاً لتصبح كذبة أكثر تميزاً من ذي قبل في نظره على الأقل.  
يكذب حتى يغذي ما في داخله من غرور وحب الأنا وحب الظهور. 
 
قيل: (إنَّ من قُدرات الإنسان ومميَّزاته هو أنَّه يتمكَّن من التوجُّه والانتباه إلى علمـه وجهله فيعلم بأنَّه يعلم ويعلم بأنَّه لا يعلم وأمّا الحيوانات إن كانت تعلم فهي لا تعلم بأنَّها تعلم كما أنَّها حينما تجهل لا تعلم أنَّها لا تعلم).
 
الخشية كل الخشية ان يكون مجتمع بجمهورٍ كبير حاملين بامتياز هذا النوع من الجهل.
مجتمع ذا جهل المركب على كافة الأصعدة الدينية والسياسية والأجتماعية. مجتمع ذا جهل مركب من حملة الشهادات ومن ذوي المناصب ومن ذوي الوجاهة الدينية والسياسية والأجتماعية!
 
قيل أن قول (لا أعلم) هو نصف العلم. والمعروف أنَّ الإنسان الذي يعلم أنه لا يعلم الشيء قد اكتسب نصف العلم وهو العلم بجهله وبقي النصفُ الآخر وهو العلم بالشيء المجهول.
وأما كيفية الوصول إلى العلم الثاني (النصف الأخر) فهو من خلال حُسن الاستفسار وحُسن السؤال وحُسن الإطلاع بكل بساطة.