تقوم اغلب شركات الأدوية وإدارة مؤسسة الغذاء والدواء بمنع أو حجب علاجات السرطان”، أو “لا تتناول هذا المنتج، فهو يحتوي على دهن الخنزير”.. قد تكون الشائعات على غرار هذه الشائعة أو تلك، حيث تُرّوج معلومات غير صحيحة قد تترك آثارًا فادحة وجسيمة على المجتمعات والأفراد، ولم تعد تلك الشائعات مجرد أكاذيب يلقيها شخص هنا أو هناك، لكن أصبح من يقف خلفها مؤسسات ووسائل إعلامية متخصصة أحياناً في تحريف وتزييف الحقائق، وقد أثبتت دراسة استطلاعية متخصصة أن 82% من أفراد المجتمع يتأثرون بهذه الشائعات.
يعرف الباحثون الشائعة بأنها: خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع، وعادة ما تفتقر لذكر مصدر موثوق، ويغلب عليها طابع الإثارة والتشويق، وقد تكون ذات طابع سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو عسكري.
واليوم وفي عصر السرعة والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي نتعرض يومياً لكمّ هائل من المعلومات والأخبار التي لا نتفقد صحة مصدرها ولا نكلف أنفسنا عناء ذلك، إن الزخم الهائل الذي عرفته التكنولوجيات المعلوماتية عموماً، والانتشار المتزايد لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات في الآونة الأخيرة بشكل خاص، أدى إلى ظهور ثورة رقمية طالت جوانب متعددة، ومنها وسائل الإعلام، حيث أدت رقمنة الإعلام (تحولها للشكل الرقمي) إلى بروز ظاهرة “الإشاعة الإلكترونية” أو ( الجيل الرابع ) من الحروب.
“الذباب الإلكتروني” يطلق على الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وما يميز هذه الحسابات أنها تدار بشكل آلي من قبل مبرمجين مرتبطين بجهات منظمة غالباً عبر ما يسمى “روبوت الويب” أو (BOTS) الذي يقوم بمهام متكررة وتلقائية عبر برمجته بشكل يسمح له بإعادة التغريد التلقائي أو التعليق على تغريدات معينة، والهدف الرئيس لهذه الحسابات هو بث الشائعات والمعلومات المغلوطة في محاولة لصناعة رأي عام من خلال إعادة نشرها، فيظن المستخدمون بأنها تشكل رأياً عاماً، وكان واضحاً استخدام هذه الحسابات الوهمية في الخلافات السياسية والأمنية بين الدول.
جدير بالذكر بأن منصات التواصل الاجتماعي تقوم بحذف الحسابات الوهمية بشكل دوري، حيث قام “فيسبوك” بحذف ما يزيد على 100 مليون حساب وهمي خلال السنوات السابقة، وحذفت “تويتر” ما يزيد على 20 مليون حساب.
الان يقودنا هذا الواقع المخيف في مواجهة ( حرب الجيل الرابع) للسؤال من سيتصدى ؟
توجد في العالم الكثير من مبادرات لرصد ومحاربة الشائعات الإلكترونية, التي تستخدم التكنلوجيا كعامل في مواجهة هذا النوع من الشائعات والاخبار الكاذبة عبر فضاء الانترنيت.
هنالك مبادرات وجهود بعضها حكومي وبعضها مبادرات مجتمعية أو فردية للحد من الشائعات وملاحقاتها وتوعية الناس بخطورتها، ومن أبرزها:
تقنيات الذكاء الاصطناعي: قامت شركة “جوجل” خلال عام 2016 بتمويل 20 مشروعًا أوروبيًّا يعمل على التحقق من المعلومات باستخدام خوارزميات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
التعقب الرقمي: وهي الحلول التي تعمل على تتبع الشائعة وانتشارها، وتعقب مصدرها، والتحقق من عناصرها بشكل فوري ومنظم، ومن أبرز أمثلتها موقع “Emergent”، وهو جزء من مشروع بحثي تابع لمركز “تو للصحافة الرقمية” بجامعة كولومبيا.
مبادرات فردية: وهي التي يتم إطلاقها من قبل أفراد هدفهم دحض الشائعات أو التقليل منها ورفع وعي المجتمع لخطر نشر الأكاذيب والشائعات.
ننعطف في هذه المرحلة المضطربة في مواجهة (حرب الجيل الرابع) والذي تشير كل الدراسات والبحوث المتخصصة عالمياُ الى إن الفرد هو اقوى آليات مواجهة الشائعات الإلكترونية.
هذا يعني ضرورة زيادة وعي الجمهور وبنائه ثقافياً، فالوعي هو العنصر الفاعل في مواجهة الشائعات، وهو الذي يجعل الجمهور قادراً على التمييز والانتقاء من بين ما يعرض عليه، وكما لا يخفى فإن من أهم آليات مواجهة الشائعات إتاحة المعلومة الصحيحة؛ لأن غياب المعلومة يهيئ البيئة الخصبة لانتشار الشائعات بشكل كبير، كما أشارت عدة دراسات استطلاعية، كما لا بد من توحيد الجهود وإيجاد مظلة لجميع الحسابات والصفحات التي تعنى بكشف لشائعات الإلكترونية ومحاربتها، بالإضافة إلى وضع عقوبات واضحة لكافة أشكال التعاطي الإلكتروني معها، ودعوة المؤسسات العاملة في حقل الإعلام إلى تأهيل كوادرها وتدريبهم على التحقق من الأخبار والمصادر الإلكترونية.
الان سل نفسك , كم مرة استخدمك المغرضون كسلاح من دون أن تعلم في نشر شائعة لم تتحرى عن حقيقتها قبل إن تعيد نشرها في الوتساب او صفحتك في الفيس بوك ؟
[email protected]