22 ديسمبر، 2024 2:35 م

مجاهد في ساحة الهاتف المحمول

مجاهد في ساحة الهاتف المحمول

جهاز الموبايل او ما يسمى بالنقال او بالجهاز الذكي والخلوي او الهاتف المحمول, سمه ما شئت فكلها اسماء تشير لساحات صراع مختلفة, في العالم الافتراضي الذي اصبح جبهات لهذا السلاح العصري.
يعد الجهاز المحمول “الموبايل” في عصرنا الحاضر من اخطر اسلحة العصر, ويعبرون عنه “لغم موقوت” كدلالة على جدية التعامل معه وكتحذير من عواقب استخدامه, وكتنويه لاختيار المواقع التي يقدمها “الخلوي” فكل اداة ممكن ان تكون صالحة وطالحة في نفس الوقت, فهذا السحر العجيب الذي تمتلكه كف اليد, جعل من العالم قرية صغيرة تدور بين احضان الفرد, يتنقل صورياً ومشاهدة بين الامم والحضارات القديمة والجديدة, ويتطلع كيف تعامل الديانات مع القوميات التي حلت فيها, بكل سهولة وبدون تعب القراءة والكتابة وعناء البحث عما يريد.
إن مقاطع الفيديو الصغيرة التي تختصر فلماً كاملاً كان يقدم فكرة في ساعتين او ساعة ونصف, جعل من المجتمع يرتبط اكثر في هذا العالم الخلوي الجديد, ويتخذ من الروابط المروجة للمحتوى الاكثر مشاهدات, مرجعاً له في حياته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية, فأصبحت هناك قطعات كبيرة من المجتمعات تسير خلف تلك المواقع الوهمية لا شعورياً, لا يفقهون شيئاُ في عقولهم بل يصدقون بما تراه اعينهم, ويؤمنون بها حد القطع واليقين, قال تعالى (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) الآية 2 من سورة الحج.
إن الاهداف الاساسية من صنع جهاز النقال من قبل الغرب الكافر, ليس الغايات منه خدمة البشر, فمرامي الشيطان الاكبر والمالك لهذه الابتكارات والتي مفاتحه بين اصابعه, يهدف من خلالها السيطرة على الوجودات, من بوساطة المغويات والمغريات التي يقدمها, فالشيطان الرجيم الذي تجسم على الارض بجسد امريكا “الشيطان الاكبر” في زماننا خاطب الله سبحانه وتعالى (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين) الآية 82 من سورة “ص” فهم الغرب هو امتصاص الاموال وكنزها من دماء الشعوب, وجعلها تدور بين رحى مطحنة الترف والرفاهية الكاذبة, التي تنتهي بعبودية الانسان وهلاكه بأيديهم.
بعد هذا العرض البسيط والسريع ما هو دورنا تجاه هذا المؤثرات العقلية والفكرية, التي تهدد مجتمعاتنا الاسلامية وتحاول تغيير معتقداتها, في كتاب “جامع السعادات” للشيخ محمد مهدي النراقي “رحمه الله” المتوفى 1209 هجرية, في معرض الحديث حول “القوى الشيطانية” وكيفية إمكان ترويضها والسيطرة عليها, والحد من وحشيتها وتحييد خطرها, يذكر انه بالإمكان ذلك من خلال تقوية القوة المناهضة لها ويعني “القوى العاقلة” وهي قوى الفكر والعقل والحكمة والمسؤولة عن نتائج الخير, اذن التكليف والواجب الشرعي هو الدخول في ساحات العالم الافتراضي, وانتشال المؤمنين من هذا العالم, وتحويل الساحات المعادية من مواقع هجومية ومواضع دفاعية, الى اراض انتصارات مليئة بأفكار المقاومة ومعتقدات الاسلام المحمدي الاصيل.
إن ضغطة زر ضعيفة واحدة في هذا الجهاز البسيط, قد تنقل الانسان عبر هذه البوابة الصغيرة للجنة وقد ترميه في النار, ان الشعور بالمسؤولية تجاه “الامر بالمعروف والنهي عن المنكر” الذي هو من فروع الدين, يدفع بالمؤمن ان يضع في كل زناد من موقع النشر الالكتروني رصاصة, او ينصب سهماً في قوس الايمان يقطع بها خيوط الشيطان, يقول الامام الصادق عليه السلام (ليعدن احدكم لخروج القائم ولو سهماً) وسهم الكلمة يفترض ان يكون لنا فيه نصيبٌ, ننقذ به ايتام آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم, قال الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام “مَنْ تَكَفَّلَ بِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْقَطِعِينَ عَنْ إِمَامِهِمْ، الْمُتَحَيِّرِينَ فِي جَهْلِهِمْ، الْأُسَارَى فِي أَيْدِي شَيَاطِينِهِمْ وَ فِي أَيْدِي النَّوَاصِبِ مِنْ أَعْدَائِنَا، فَاسْتَنْقَذَهُمْ مِنْهُمْ وَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ حَيْرَتِهِمْ، وَ قَهَرَ الشَّيَاطِينَ بِرَدِّ وَسَاوِسِهِمْ، وَ قَهَرَ النَّاصِبِينَ بِحُجَجِ رَبِّهِمْ وَ دَلَائِلِ أَئِمَّتِهِمْ، لِيَحْفَظُوا عَهْدَ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ بِأَفْضَلِ الْمَوَانِعِ، بِأَكْثَرَ مِنْ فَضْلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ وَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ وَ الْحُجُبِ عَلَى السَّمَاءِ، وَ فَضْلُهُمْ عَلَى الْعِبَادِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى أَخْفَى كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ” الإحتجاج على أهل اللجاج: 1 / 17.
إذن فالبيان و “جهاد التبيين” من اهم ساحاته واسهلها التي لا تكلف غير الكلمة (فوري وضروري) كما يعبر السيد الخامنائي دام بقاؤه, هو العالم الالكتروني بكل عناوينه وسائل تواصل اجتماعي, وصحف ومجلات.