التصريح الاخير للمرشد الاعلى للنظام الايراني بخصوص التحذير من تزايد شعبية منظمة مجاهدي خلق وإنضام الشباب الايراني الى صفوفه يمکن النظر إليه إنه تطور غير عادي في مسار المواجهة والصراع القائم بين النظام الايراني وبين مجاهدي خلق والذي شهد فصولا ومراحل مختلفة مع الاخذ بنظر الاعتبار إن النظام وخلال العقود الثلاثة الاخير وبصورة ملفتة للنظر شدد على إن مجاهدي خلق قد إنتهى دورها وتأثيرها في داخل إيران وصارت من الماضي.
الثورة الايرانية التي کانت منظمة مجاهدي خلق من أهم وأکثر الاطراف فعالية وتأثيرافي قيامها ونجاحها ولاسيما إذا مانظرنا الى تلك المواجهة العنيفة التي کانت المنظمة تخوضها ضد النظام الملکي لايبدو إن التيار الديني المتطرف في الثورة الايرانية والذي لعبت الظروف والاوضاع دورا کبيرا في إمساکه بزمام الامور، کان ينظر الى المنظمة بعين الراحة خصوصا بعدما خرج زعيمه مسعود رجوي من السجن وأقيم تجمع في جامعة طهران حضره أکثر من 300 ألف، ولذلك فقد حاول کسب المنظمة التي کانت تٶکد على الحرية وتعتبرها منطلقها المبدأي الذي لايمکن أن تساوم عليه، وقد إتبع النظام اسلوب الترغيب والترهيب ولکن من دون جدوى لأن المنظمة کانت ترفض نظرية ولاية الفقيه وتنظر إليه على إنه إمتدادا للديکتاتورية الملکية ولکن بلباس ديني ولذلك فقد حدث الصدام الذي إتبع فيه النظام کل الطرق والوسائل والاساليب من أجل القضاء على المنظمة وحتى إن مجزرة صيف عام 1988، والذي قام فيه بإعدام 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار مجاهدي خلق ممن کانوا يقضون فترات أحکامهم في السجن بموجب أحکام قضائية صادرة من محاکم النظام نفسه، هذه المجزرة کانت أحد تلك النماذج بالغة الوحشية والقسوة التي إستخدمها النظام ضد المنظة.
الاعتراف الاخير لخامنئي بشعبية مجاهدي خلق، لم يکن إعترافا أو حديثا يتيما بل إنه يتکرر وبإستمرار وبصورة ملفتة للنظر، وإن ماقد تناول الموقع الحوزوي لمعهد”راه يافتکان اسلام نبوي” بهذا الصدد يٶکد على ذلك بکل وضوح، حيث أبدى هذا الموقع ضجره وتبرمه من تزايد شعبية منظمة مجاهدي خلق بين شباب إيران، واعترف على مضض بالكشف عن استخدام أسماء بعض المرتزقة في وزارة المخابرات الإيرانية تحت غطاء (معارضة النظام الإيراني) أو (الأعضاء السابقين في منظمة مجاهدي خلق) للتشهير والشيطنة ضد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
هذا الموقع الذي کتب بتاريخ 29 مايو2020 تحت عنوان ”لماذا مجاهدي خلق أكبر تهديد“: “في هذه الأيام شبابنا بالآلاف يقع في فخ منظمة مجاهدي خلق”، يضيف قائلا بأنه:” يؤمن مجاهدو خلق بالإسلام حسب ظنهم. لكن بالضبط يقفون ضد الإمام الخميني، الذي يؤكد على “الثورة الإسلامية”، وهم يتحدثون عن “الإسلام الثوري”. هذه هي بالضبط نقطة انطلاق الفساد والآثار المدمرة اللاحقة لمجاهدي خلق على المجتمع وبين الأجيال المتعاقبة من الشباب، وخاصة في الوقت الحاضر. يكفي النظر إلى التعاليم الإيديولوجية للمنظمة وكتبها المضللة. خاصة إلى خطابات زعيمها مسعود رجوي. إنه يقدم إسلام مجاهدي خلق على السلم التقدمي “على يسار الماركسية. يقول رجوي بوقاحة إن الإسلام، الذي يعتقده آخرون، بمن فيهم الإمام خميني، هو في يمين الماركسية وهو ملوث بالأفكار الاستغلالية؛ ومن هنا يستنتج: إسلام مجاهدي خلق هو إسلام ضد الاستغلال.”، هذا الاسلوب المعمق من الطروحات التي باتت تطرح في وسائل إعلام النظام الايراني تدل على إن منظمة مجاهدي خلق صارت تشکل تهديدا وتحديا سياسيا ـ فکريا ـ إجتماعيا قائما وإستثنائيا للنظام ولاسيما بعد أن صار الشباب ينضمون الى صفوفها وإن مايعرب عنه النظام حاليا من مخاوف ومايعلنه من تحذيرات بشأن المنظمة تعيد الى الذاکرة العام 1978، أي العام الذي سبق الثورة وفي هذا الامر دلالات وعبر کثيرة لايفهمها أحد کما يفهمها النظام الايراني.