23 ديسمبر، 2024 9:09 ص

مجالس اُمراء محافظات العراق .. أَمْ اعضاء مجالس المحافظات !!؟؟

مجالس اُمراء محافظات العراق .. أَمْ اعضاء مجالس المحافظات !!؟؟

لان الأمانة ثقيلة وخطيرة, وتتطلب تضحيات جسيمة, ولان المسؤولية الوطنية والأخلاقية, والدينية تعني شرف ووجود من يتحملها . لهذه الاسباب مجتمعة, عانى الشعب العراقي معاناة قاسية وطويلة – قبل شهور – من اجل اقناع النزر القليل من اصحاب الكفاءات والخبرات والابداعات, المعروفين بنزاهتهم وزهدهم واخلاصهم في العمل, وحبهم لبلدهم, ان يرشحوا أنفسهم لعضوية مجالس المحافظات , وعلى مضض وبعد قلق وتردد وخوف شديد من تحمل المسؤولية, قَبِل هؤلاء النفر القليل ان يرشحوا انفسهم لخوض انتخابات مجالس المحافظات ” طبعا” بعد ضغط والحاح واصرار جماهير واسعة من المواطنين عليهم . وعندما انتهت الانتخابات , رأينا الهمَّ والغمّ العظيمين والحزن الشديد على وجوه من فازوا في الانتخابات, ذلك  لانهم ادركوا ان الشعب حمَّلهم الامانة دون غيرهم وكلفهم الحفاظ على ارواح وحقوق ومصالح المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية , لقد شعر الفائزون في انتخابات مجالس المحافظات انّهم اصبحوا حاملي الامانة الثقيلة, لذلك رأيناهم مهمومين مكروبين مشدوهين غارقين في تفكير عميق حول كيفية تحمل هذه الامانة واداء المهام والمسؤوليات التي كلفهم  بها الشعب . بالمقابل رأينا الذين خسروا الانتخابات – ولم يفوزوا بها – رأيناهم فرحين مستبشرين يشكرون الله والقدر الذي اعفاهم من تحمل هذه المسؤولية والامانة الثقيلة , فراح الخاسرون يقيمون الاحتفالات والولائم الكبرى ويتلقون التهاني بمناسبة تخلصهم من تحمل المسؤولية وتبعاتها المتمثلة بالعناء الكبير الذي سيواجهونه في ادارة اسطول السيارات الحديثة التي سيركبونها هم واسرهم واقاربهم وبطانتهم , وعناء صرف الرواتب والمخصصات الكبيرة التي سيتقاضونها والامتيازات الكثيرة التي سيفرض الشعبُ على الفائزين قبولها, وعناء الايفادات المستمرة التي تتكرر مرتين او ثلاث في الشهر احيانا والتي تحرمهم من العيش في بلدهم وتفرض عليهم السفر المستمر الى دول العالم المختلفة والاقامة في فنادق المرديان والشيراتون, وباقي الفنادق الباذخة, التي تحرمهم من حرارة جو بلدهم – العراق – ومن عواصفه الترابية الجميلة الرشيقة, وشوارعه شبه الترابية المكتضة بالسيارات والسيطرات, وانقطاعات الكهرباء المستمرة, والكثير من خصائص العراق التي لا يجدونها في اي بلد يفدون عليه , من اجل هذا العناء والكثير غيره يتلقى خاسروا الانتخابات التهاني بينما الفائزون يتلقون جمل مثل – شد حيلك ,, الله يعينك ,, الله ما يضيّع اجر العاملين ,, شدة وتزول ,, اصبر ان الله مع الصابرين – وكل ما شاكل هذه العبارات والجمل من اجل شد عزم الفائزين ليتقبلوا موقعهم الجديدة كـ امراء في مجالس المحافظات .   
ببالغ الأسى والأسف أقول ان المناصب في العراق أصبحت اشبه بالفطيسة تتصارع عليها الضباع بلا أي استحقاق او معيار للكفاءة او النزاهة او الاستحقاق القانوني , ذلك لان الوطن وبسبب الفساد السياسي والادراي والمالي والتخلف الاجتماعي, أمسى فريسة كل طامع بجاه او سلطة او مال او بإحدى الثلاث . واقصد بالمناصب هنا ” المناصب السياسية  والتشريعية الرقابية والتنفيذية  والادارية وأخواتهن ” فبدل ان يكون مفهوم وهدف المنصب هو تقديم الرؤى الناضجة وتحديد الاهداف ورسم الخطط المحكمة  ووضع البرامج الفعالة لبناء البلد  وتقديم الرعاية والخدمة الافضل للمواطن , اصبح المنصب غنيمة او طريدة . غنيمة يغتنمها صاحب المنصب بعملية زنا سياسي تحت خيمة الشرعية الشعبية والقانونية وبظلم وقهر لمستحقيها . والمنصب طريدة تُصاد بشكل جائر. ولان العراق لم يعد اليوم البقرة الحلوب التي يرعاها الجميع – والمسئول على وجه الخصوص – لتدر حليبا للجميع  , اصبح هذا البلد اشبه ببقرة في حضرة جزار , وبوصف ادق اشبه بفريسة تنهشها الضباع وهي لمّا تزل حية .
واخيرا اقول لمن فيه نبض انساني وطني, ولمّا يزل ضميره يتلقى الاضاءة من وهج الحقيقة ويسلك بقدميه مسارات العدل, التي سار عليها العادلون على الارض منذ فجر التأريخ  . اقول لهولاء النفر او الثلة القليلة : تَطهّروا تَطهّروا تَطهّروا ,,, وطَهّروا بيئتكم من كل لوثٍ  والّا … اشربوها معتقة الفساد حتى الثمالة …………………