لن أتكلم عن كيفية وصول البعض من أعضاء مجالس المحافظات إلى عضوية المجالس في العراق .. ولن أتكلم عن الذي قدمه مجالس المحافظات من منجزات تاريخية طيلة مدة سلطتهم على رقاب أهل العراق .. ولن أخوض في تفاصيل الصراع المرير والعشائري والمناطقي والمالي والمذهبي والسلطوي والحزبي بين أعضاء المجالس كافة .. لن أذكّر أهل االعراق بما تفتقت عنه ذهنية أعضاء المجالس من إبداعات حولت محافظاتنا إلى كانتونات عشائرية ورعب بين المواطنين من مستقبلٍ مجهول كان سببه وما زال أعضاء المجالس بدون إستثناء .. لن أتحدث لكم عن رؤساء المجالس الّذين تقاتلوا وقُتلوا وشرّدوا !! لن أتكلم عن آلاف التصريحات الرنانة الباسلة والمواقف التي نقلتنا من حربٍ ضد الفرات إلى معركةٍ ضد النخيل كان سببها المؤتمرات الصحفية لأعضاء المجالس .. لن أذكّر أهلي في العراق عن أن هذه المجالس يضم لجاناً في التربية والتعليم والطاقة والرياضة والشباب والاقتصاد والغذاء والدواء والنفط والغاز والجمه ! أكملت إنجازاتها وحققت أهدافها وستسلم الأمانة عن قريبٍ جداً جداً إلى خير سلف . . أبطال ونشامى المجالس من فيالق العشائر التي إستبدلت هوية العراق من أ وأول من علّم العرب الكتابة كما يذكر ذلك المؤرخ العربي أبو بكر الرازي إلى محافظات للتخلف والجهل وإعادة الحياة لخراب الإنسان وتهميش عقله ومطاردة العقول الكبيرة وتحويل محافظات العراق اليوم إلى مرقدٍ للفكر التفوقي الإبداعي الناضج .. لن أتحدث عن أعضاء المجالس بالإسم فبينهم أقرباء وزملاء قدماء كانوا يطاردون الراتب ولايمسكوا به إلا بشِقِّ الأنفس.. وأصبحوا الآن من سدنة الأموال وقطع الأراضي والبيوت والمزارع .. وبينهم كذلك علماء دين وملالي ووجهاء وشيوخ .. لن أتحدث أبداً عن إسمٍ ما بل عن خرابٍ ما .. دمارٍ ما .. تحطيمٍ ما .. سلسلةٍ من إبادة مستقبل مدن العراق اليوم إلى الأبد ترأسها المجالس وشارك فيها أبناء المحافظات وأولهم الكاتب لأننا لم نضع النقاط على الحروف يوماً ولم نذكّر أعضاء المجالس بأن أخطاءهم ليست سهلة بل تاريخ سحق مقدساتنا ومنجزاتنا وثرواتنا ونفوسنا .. لن أتحدث عن هذا الصراع المرير بين أعضاء المجالس الآن ومن رشح نفسه للدورة القادمة الجديدة من معركةٍ غير شريفةٍ يندى لها جبين الإنسانية جعلت بعضهم يتوسل ويستجدي بالمواطن كسباً لصوته وإنتظروا يوم الإنتخاب أو يوم ( رفع المصاحف ) كما كان في واقعة الجمل .. هذا القرآن عليكم إنتخبوا فلان !!
ولم أتحدث في الماضي يوماً عن المجلس رغم كوارثه على المحافظات وأبنائها .. وعن العلم وطلابه .. وعن الفقر والفقراء وعن اليتامى والأرامل وعن المزارع والسدود وشط الفرات وشط دجلة والماء والكهرباء .. لكني سأتحدث بإختصار عن خرابٍ من نوعٍ لم تشهد له الأمم مثيلاً في تاريخها العتيد .. وهو توزيع الميزانية .. وقبل كل شيء أود أن أذكر بعض الأمور كي يعرف القارئ مدى حياديتي بعرض الموضوع ولا يؤثر عليَّ من بعيدٍ أو قريب لكنه يهم أبناء محافظات العراق أولاً وأخيراً ..
السادة رؤساء وأعضاء المجالس في محافظات العراق .. الميزانية ليست لكم ولا يمكن أن تصرفوا منها فلساً واحداً إلا بموافقة أهل العراق .. فمن المنطقي أن تستضيفوا أحد المسؤولين الإقتصاديين ومدراء الدوائر وخبراء في مجالات اقتصادية وعمرانية للبحث عن خطة توزيع الميزانية .. فالموضوع يتعدى حدود المجاملة وهذه لي وتلك لك .. امدن العراق اليوم بحاجة الى مشاريع كبرى ومشاريع قيد الإنجاز تتطلب أموالاً طائلة .. وبناء مئات المدارس المهدمة وإعادة الحياة لعدد من المصانع وتعبيد طرق وإنشاء جسور وتوزيع أموال على الفقراء والأرامل واليتامى وذوي الإحتياجات الخاصة .. وبناء ملاعب وقاعات للرياضة والثقافة والمرأة .. ومكافحة التصحر والماء والمجاري والكهرباء .. ودعم مشاريع التنمية المستدامة وتشجيع الطاقات الجامعية العلمية والندوات والمؤتمرات الثقافية والأدبية .. والمساهمة في تعزيز العلاقة بين المحافظة وتوأمتها مع محافظات متقدمة أخرى , وليس كما فعل المجالس من أكذوبة إسمها التوأمة وصرف عليها مليارات الدنانير وهي لم تكن سوى سفرات للترفيه والتعارف والإستجمام لأحد الأحزاب السياسية .. مشاريع ومشاريع وتحقيق أهداف إسعوا إلى تنفيذ ولو جزء منها كي يكون وداعكم جميلاً لأنكم ستخوضون حرباً للفوز مرةً أخرى مع أقرانكم وأعدائكم واصدقائكم !! الله ينظر إليكم قبلنا والتاريخ يسجل والشعب يحكم .. فمن المعيب والمخجل أن يكون توزيع الميزانية وكأنكم تجلسون في مقهى .. حتى مجالس المدارس الإبتدائية كانت منضبطة ومتزنة أكثر من إجتماعكم المصيري .. اتقوا الله بنا وبأنفسكم وإن كنتم لاتقرأون مانكتب فإن غيركم من أبناء الشعب العراقي العظيم ومن أهل مدن العراق كافة سيقرأ .. ومن الله العون والسداد لكم على مسؤوليتكم ولنا على مصيبتنا