19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

مجالس المحافظات تجربة فاشلة وقانونها بحاجة للالغاء

مجالس المحافظات تجربة فاشلة وقانونها بحاجة للالغاء

يقول سارتر في كتابه شبح ستالين، يجب أن لا تخوض معارك خاسرة كي تثبت أن منطلقاتك خاطئة ، وهذه المقولة تنطبق تماما على حال مجالسنا في المحافظات ، فلقد تم انتخاب مجالس المحافظات قبل صدور القانون المنظم لاختيار وعمل هذه المجالس، بعبارة اخرى سبقت المجالس القانون ، وهذا منطلق خاطئ ، وأود هنا ان ابيين ان بكاء الاحزاب الدينية او الاحزاب الاخرى على مجالس المحافظات لا حبا بهذه المحافظات ، بل حبا بالتوسع التنظيمي لهذه الاحزاب والهيمنة التدريجية على مقدرات الشارع ، وهذا ما تم فعلا ، فمن خلال هذه الانتخابات وعمل كوادر هذه الاحزاب في هذه المجالس اوجد لها قيمة سياسية خلال الاعوام الماضية، غير ان هذه المجالس لم تكن عند مستوى التسمية لا من حيث التشريع ولا من حيث التنفيذ ، فقد فشلت للتو للأسباب التالية وقد كان فشلها ان أعاد المحافظات عقودا إلى الخلف وجاء على ما كان يعد تقدما ملموسا فيها ، وهذه الأسباب هي .
أولا… لم تكن الاحزاب ومنذ البداية قد اعتمدت معايير الكفاءة والقدرة على ادارة هذه التجربة ، بل اعتمدت على معايير الولاء الحزبي .
ثانيا…لم يراعى عند الترشيح الولاء الوطني ، بل تم مراعاة الولاء الطائفي في اختيار اعضاء هذه المجالس.
ثالثا…لم تراعي الأحزاب الحاكمة مسألة توفر الكفاءة العلمية، او الشهادة ، بل تم مراعاة الانقياد الحزبي لاختيار اعضاء هذه المجالس.
رابعا…طغيان الخلافات الحزبية على أنشطة هذه المجالس مما أبعادها تماما عن اهدافها السامية المطلوبة.
خامسا…بسبب ما جاء في رابعا ، لم تك هذه المجالس سوى منابر للمتابزة والمعاكسة والمشاكسة ،مما تسبب في تخلفها عن الانجازات المطلوبة.
سادسا…وبسبب محيطها الاجتماعي الضييق ، فقد كانت هذه المجالس ، تعكس الخلافات العائلية او العشائرية او المناطقية او المطالب النقابية مما أفقدها المضمون السياسي او القيادي في المحافظات.
سابعا…لقد أعدت هذه المجالس نفسها لأن تكون سياسية في الأساس والمضمون ، لا إدارية تنفيذية واجبها الأساس هو تنفيذ المشاريع العمرانية ومشاريع التنمية في كافة المجالات ، لذلك تراها منقسمة سياسيا بفعل انقسام الأحزاب الحاكمة .
ثامنا…شأنها شأن الدوائر الحكومية فقد أصابها الفساد المالي والإداري وبشكل لافت للنظر مما تسبب في ضياع الأموال المخصصة للبناء والتنمية .
تاسعا…ظل الصراع طيلة حكم هذه المجالس بين أعضائها على المناصب والدرجات متناسبة دورها الاجتماعي في بناء هذه المحافظات ، فظل هذا الحزب يسقط منتسب الحزب الاخر لا بسبب عدم الانجاز بل بسب الاحقاد المتنامية فيما بين اعضائها.
عاشرا..لم يستطع المركز الأخذ بزمام المبادرة للنصح والتوجيه ، لان المركز هو نفسه مبتلى بذات الامراض ، وهكذا ظل البلد يدور بذات الوجوه وذات السياسات ، وان ما كان يعاني منه الحكم في بغداد يئن منه الحكم في المحافظات،
ان المنطلقات الخاطئة في بغداد والمحافظات ، كانت السبب في التخلف الواضح في البنى التحتية وحتى البنى الفوقية ، فلا زالت مدارسنا طينية ولا زالت شوارعنا ترابية ، ولا زالت ساحاتنا منسية ولا زالت مستوصفاتنا بلا ادوية، ولا زالت مديرياتنا العامة طائفية ، ولا زلنا بلا بلديات حقيقية ، انما مكاتب شكلية او فنادق لأعضاء المجالس او المدراء العامين ، مستمتعين بالمال العام والعطل على طول السنة والعام وعاشت المجالس وعاش قانونها العام.الذي هو بحاجة للالغاء او العمل وتقليل للمنابزة والكلام…