9 أبريل، 2024 8:09 م
Search
Close this search box.

مجالس المحافظات، إشكالية قانونية وانتخابات غير شرعية

Facebook
Twitter
LinkedIn

قبل الخوض في صراع الانتخابات، التي يطلق عليها بالانتخابات المحلية او مجالس المحافظات، لا بد التطرق الى الغطاء القانوني والمبرر التشريعي لأنشاء مجالس المحافظات إضافة الى الصفة السياسية التي يضطلع بها.

ومن أولى هذه الإشكالات هي: أن قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل، قد استحدث اختصاصاً جديداً لمجلس المحافظة هو اختصاص التشريع المحلي، وهو الامر الذي يعد تجاوزا على نطاق الصلاحيات الإدارية والمالية التي منحها الدستور لها، في البند (ثانياً) من المادة (122) منه التي أكدت على تبني اسلوب اللامركزية الإدارية الإقليمية، الذي يشير الى تقاسم الوظيفة الإدارية التي هي إحدى واجبات (الهيئة التنفيذية)، وليس تقاسم الوظيفة السياسية، ومن حيث كون مجلس المحافظة يعد من الناحية العرفية وما هو متداول ومعمول به هو مجلس تشريعي محلي يضطلع بالمهام (الى حد ما) بالمهام التي يضطلع بها مجلس النواب، وهنا تكمن الجدلية التشريعية.

وتكمن مشكلة البحث في ان المشرع العراقي لم يكن ليميز بين مفهومي الإدارة المحلية والحكومة المحلية، بعدما لم يكن قد فرَّق سابقا بين مفهومي اللامركزية الإدارية الإقليمية واللامركزية السياسية، خاصة وان لكل من تلك المفاهيم أركان وعناصر خاصة بها، وكل منها بحاجة الى متطلبات خاصة لتطبيقها على ارض الواقع الفعلي. وقد أدى هذا الامر الى حصول اشكاليات عملية ناجمة عن تطبيق مجالس المحافظات لقانونها رقم 21 لسنة 2008 المعدل.

ويمكننا مناقشة هذه الجدلية بشيء من التفصيل، حيث تم استحداث اختصاص التشريع المحلي في قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل، بهدف تنظيم الشؤون الادارية والمالية للمحافظة، إلاّ إن القانون قد خلا من تنظيم المراحل التشريعية التي تسبق مرحلة الإصدار، وتحديد دور كل من المحافظ ومجلس المحافظة فيها.

 ومن هنا يمكننا القول، يتعين على المشرع العراقي وضع تنظيم متكامل لعملية التشريع المحلي. وأن يلتزم مجلس المحافظة في إصداره للتشريعات المحلية والأنظمة والتعليمات والأوامر، بقرينة الدستورية وعدم مخالفة القوانين الوطنية النافذة، وعدم خروجه عن المواضيع الادارية او المالية، الى السياسية. وأن تطبيق اللامركزية الإدارية الإقليمية يتعلق بالوظيفة الإدارية في الدولة، لذا فإن طبيعة القرارات التي تصدرها مجالس المحافظات هي قرارات إدارية، وعليه يقتضي أن يكون القضاء الإداري هو المختص ببحث مشروعيتها، وليس المحكمة الاتحادية العليا.

تصب اختصاصات مجلس المحافظة وفقا لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل في ممارسة وظائف اصدار التشريعات المحلية والانظمة والتعليمات واقرار نظام داخلي له ، ورسم السياسات العامة للمحافظة وتحديد اولوياتها ، والرقابة على جميع انشطة دوائر الدولة فيها ، واستجواب المحافظ ونوابه ، واداء الوظيفة المالية الخاصة بموازنة المحافظة وقبول التبرعات والهبات وغيرها ، فضلا عن الوظائف السياسية كانتخاب رئيس المجلس ونائبه ، وانتخاب المحافظ ونائبيه ، واقالتهم ، والموافقة على تعين الاشخاص لإشغال المناصب العليا ، واعفائهم ، والمصادقة على الخطط الامنية المحلية . كما ان للمجلس صلاحيات ادارية كإجراء التغييرات الادارية على وحدات المحافظة بالدمج او الاستحداث أو تغيير اسمائها ومراكزها (المادة (7) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل منشور في الوقائع العراقية –  رقم العدد: 4070 –  تاريخ: 31/03/2008).

ويمكن مناقشة هذه الجزئية وفق الرؤية الاتية؛

–   ان كل من اللامركزية السياسية والحكومة المحلية تعد مفاهيم ذات علاقة وثيقة بالتطبيقات السياسية التي تقتضي منح المجالس صلاحية التشريع المحلي، بينما تكون اللامركزية الإدارية الإقليمية والإدارة المحلية مفاهيم ذات علاقة وثيقة بالتطبيقات الإدارية في الدولة التي تكون ضمن واجبات الهيئة التنفيذية التي تقتضي منح المجالس صلاحية التشريع الفرعي فقط.

–   إن صلاحية مجلس المحافظة في إصدار التشريعات المحلية والأنظمة والتعليمات والأوامر، مقيد او مشروط بقرينة الدستورية وعدم مخالفة القوانين الوطنية النافذة والتكامل معها.

–   ان الغرض الاساسي الذي تم الاستناد اليه في منح المحافظات غير المنتظمة في إقليم صلاحية التشريع المحلي هو تنظيم الشؤون الادارية والمالية للمحافظة، لذا لابد وان تكون مواضيع التشريعات المحلية الصادرة من المحافظة ادارية او مالية، وليست سياسية.

وهناك الكثير من الإشكالات التي تم تأشيرها وتشخيصها في قانون مجالس المحافظات ولا اعتقد ان المشرع العراقي ببعيد عن هذه الإشكالات، غير ان الإرادة السياسية والمحاصصة التي تم تأسيس الدولة العراقية بعد 2003 لا تعير الغطاء القانوني أي اهتمام، والاهتمام ينصب بشكل أساس على المحاصصة وتقاسم الكعكة والسعي الحثيث لإيجاد أي مبرر لسرقة ما يمكن من أموال وثروات الشعب العراقي.

ونعرج على الجزء الثاني من مقالنا هذا الا وهو شرعية الانتخابات، وحيث ان ما بني على باطل فهو باطل ، اذن أي امر يتعلق بهذه المجالس والتي تعتبر كحلقة زائدة في النظام الهيكلي للدولة العراقية ولا حاجة لهذا التشكيل، نعم تقول لي ان الدول المتقدمة والاوربية يوجد فيها نظام مجالس المحافظات واللامركزية، نعم موجود في هذه الدول، ولكن الإشكالية التي تغفل عنها هي ان هذه الدول كانت مقسمة من الأصل ، وتم توحيدها ضمن نظام فدرالي او كونفدرالي ولذا فهي بحاجة الى أنظمة شبه مستقلة عن المركز من الناحية الإدارية والمالية.

وللحديث تتمة ، اذا بقيت في الحياة، بغداد/ العراق المحتل

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب