18 ديسمبر، 2024 6:58 م

مجازر سوريا لماذا الكشف الآن

مجازر سوريا لماذا الكشف الآن

قد لايعرف العربي -اللاهي بمتابعة اخبار مهرجانات الخلاعة التي بقيمها ال سعود، والمطبل لنشاطات المسلطين على الاسلام والمعطلين جبنا لفريضة الجهاد وشرف المقاومة ضد المحتلين والطواغيت -ان الذي يحدث في سوريا منذ عشر سنوات لم يحدث نظير له في التاريخ على مستوى تحمل بلد واحد.
مابين نكبات وتهجير وقتل وتغيير ديموغرافي ممنهج لا سابق له و
ولكن كل هذا كان يمر دون ذكر .
آلاف تموت وتحرق ونساء في السجون وتحت سطوة وانتهاك مجرمين فقدوا اقل معايير الانسانية وقتل للمدنيين بالاف او حرقهم او دفنهم احياء وهذا يحدث مثله بوتيرة اقل في العراق واليمن وليبيا كما في فلسطين
ولكن لا صدى دولي ولا اي تعاطف يوازي ولو عشر ماكان سيحصل من رد فعل لو كان الامر وقع في اي بلد آخر من بلدان الصف الاول او بلدان الشعوب المصنفة انسانيا او بلدان النفط او حتى بلدان الموز .
وقد رأينا اليوم كيف يهب العالم بأجمعه لاستنكار قصف اوكرانيا التي في الاساس يتم التعامل مع مدنييها حسب القوانين الدولية للحروب والنزاعات وتعطى مهل لإخراجهم وتعطى اولويات لاستقبالهم وايوائهم.
فهل ماتم عرضه اليوم عن مجزرة التضامن وتقديمه ك”صدمة” تهز الوجدان الدولي هو فعلا كذلك؟ وهل هو الفعل الشنيع الاول والاوحد من نظام سوريا الجاثم قسرا على صدور ابنائها بأقبح مايكون عليه القسر في نظرائه من اقطار العرب.؟ أين اذن حادثة “صور قيصر” الابشع والتي تقدمت على هذه في الزمن بصور موثقة بالالاف لجثث معتقلين قدمها الضابط المنشق للجهات الدولية وللمعارضة المتنفذة آنذاك وكان ممكن التحرك لتلافي مابعدها.
مثل مجزرة داريا عام 2012 ب 440 مدنيا وبنفس الطريقة (اعدام ميداني) وقد وثقت ووصلت للجهات الدولية
وبعدها في نيسان عام 2013 حرقاً وذبحاً بالسكاكين قُتل نحو 500 مدنيا في نيسان من العام 2013، في بلدة “جديدة الفضل” التي يقطنها نازحون من الجولان السوري المحتل
في مطلع عام 2014، قتل وفُقد ما بين 1200 إلى 1500 سوري وفلسطيني، على أيدي جيش النظام السوري و”حزب الله” اللبناني ومليشيات عراقية، في مجزرة تُعرف باسم “حاجز علي الوحش” على الطريق الواصل بين بلدتي يلدا وحجيرة جنوب العاصمة دمشق. فأين طمرت اوراق ووثائق كل تلك المجازر ، وهل كان المجتمع الدولي لايعرف ذلك ولايدري بقصف البراميل المتفجرة ابتداء من “الشقيق” العربي الى “الحليف” التركي الى “الداعم” الاوربي الى الغرباء والاعداء الذين يبدون قليلا وهم جميع.
والتضامن وقعت 2013 والغارديان تقول ان التحقيق الصحفي استمر سنتين ، فقد كانت جاهزة للعرض اذن عام 2015 فلماذا الاعلان الان اذن؟
حقيقة مايجري وراء الكواليس السياسية انه في المجزرة الاشهر المعلنة في وقتها21 آب 2013، اذ ارتكب النظام واحدة من أكثر مجازره وحشية منذ بدء الثورة علنا، و قتل بالغازات السامة أكثر من 1400 شخصا في بلدات غوطة دمشق الشرقية، التي كانت خارج سيطرة النظام ومحاصرة من كل الاتجاهات.وقالت مصادر في “الجيش السوري الحر”، في حينه، إن القصف تم بصواريخ محمّلة برؤوس كيميائية، جاء من مقر اللواء (155) في منطقة القلمون في ريف دمشق، باتجاه الغوطتين الغربية والشرقية للعاصمة دمشق.
فظن السوريون واحرار العالم في وقتها أن أيام بشار الأسد في السلطة باتت معدودة، لأنه تجاوز الخط الأحمر الذي وضعته له إدارة الرئيس الأميركي حينها باراك أوباما.
لكن روسيا سارعت إلى التحرك، وأبرمت بسرعة كبيرة صفقة مع واشنطن يسلّم بموجبها نظام الأسد كل سلاحه الكيميائي، مقابل تفادي الضربة المحتملة، لتطوى آثار تلك الجريمة .هذا في العلن اما في السر فلابد ان الصفقة الروسية الامريكية كانت تتضمن فقرات أخرى ،فأمريكا عرفناها لادين لها ولاصديق الا المصالح ،فظل السر مكتوما والمجرم معلوما.
وصار هذا الشعور سائدا ، و نسيت طريقة تعاطي المجتمع الدولي مع ملفات الانتهاك الكثيرة التي قدمت له موثّقة بالصور والشهادات،
ولا شيء يشي بتبدل المواقف الدولية وآليات التعاطي مع الملف السوري ولا مواقف جديدة ستتخذ باتجاه ملف المساءلة
الى ان وقعت حرب اوكرانيا، والتي بعد أسبوع فقط من الغزو الروسي كما رأينا، صرح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه بصدد فتح تحقيق دولي بجرائم الحرب المرتكبة في أوكرانيا. بينما أطنان الوثائق والتوثيقات المودعة لدى الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، وعلى الرغم مما اسلفنا من الوثائق وصور قيصر وشهادة حفاري القبور لم يُتخذ أي إجراء تجاه النظام، وتم الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية التي تخرقها هيئات الأمم المتحدة العاملة بدمشق قبل غيرها. “كما يعبر احد المعارضين من المحامين”
امريكا الان ومعها اوربا المتضررة تريد ان تستخدم ورقة سوريا مرة اخرى في اللعبة مع بوتين، بالتلويح له بالمجازر السابقة لحليفه وليرى الشعب العربي والعالم ولبربط بينها وبين مجازر قد ترتكب في اوكرانيا ولتكوين ضغط دولي وقانوني ضمن الطرق المتعددة والعقوبات والتجييش الاعلامي ، وحالما ستكسب امريكا شيئا من بوتين فستتراجع عن كل هذا.
ولذا مطلوب من السوريين المعارضين الحقيقيين أشخاصاً وهيئات والعرب الشرفاء محامين وكتاب واعلاميين الضغط ورفض التهاون و “إعلان موقف رافض لمسار تسوية يفضي لشراكة في الحكم مع سلطة ابدعت في التفنن بقتل السوريين وتدمير بلدهم وتهجيرهم” كما يعبر احد الصحفيين الغربيين ويمكن ان يحتجوا بمن يريد إجبارهم من الاوربيين على التوافق مع بشار أن يجعلوه يتذكر أنهم لم يقبلوا حلولاً مماثلة مع هتلر وموسوليني قديما ولايريدون ان يقبلوا حلولا مثلها مع بوتين اليوم.
وقد رايت مثل هذا التوجه القوي عند بعض الاطراف وهم بحاجة الى دعم شعبي بعيدا عن الاختلاف. فليس مايهمنا ماسنجنيه من بين يدي العدالة الدولية بل مايهيء الجو اليوم من الزخم الاعلامي والسياسي للتخلص من بشار طالما حليفه الاكبر وحاميه منغمس في مستنقع اوكرانيا فلعل في الامر خير، فالشعب السوري متحطم تماما معيشيا ولامجال للمزايدة على امنه بالشعارات . وحيث لا اعلان لجهاد كامل فلابد من السير في سبل التفاوض المجدي.