23 ديسمبر، 2024 6:44 ص

مثل أي مشرد .. أبحث عن اللاشيء في ظلمات العدم

مثل أي مشرد .. أبحث عن اللاشيء في ظلمات العدم

العدم نور التحرر من الأوهام وعبودية الحياة والأيديولوجيات والأديان .. وموعدنا مع اللاشيء نبكي على خيبتنا في أننا بشرا ولدنا في في هذا الوجود العبثي !

مثل راهب بوذي يهيم عاريا ماعدا مئزره البرتقالي الذي أتعبه التجوال معه حافيا يجوب الطرقات ، أبحث عن اللاشيء محتضنا اليأس ومودعاً الأمل في ظلمات العدم ، لا .. لم أهدر حياتي .. بل هي أصلا بلا قيمة من حيث المبدأ .. من أوجدها ، وأين هي الغاية العاقلة من كل هذه الفوضى والصخب ، وقيح التاريخ البشري .. مهرجان الصراعات الحيوانية المتوحشة ، والأيادي التي تحركت بنشوة للقتل والحرق ، الإنسان يقتل أخيه الإنسان ، ويقيم إحتقالات النصر .. كنت هناك أحمل ركامي على كتفي وأكتم نحيبي ، وأحبس دموعي كي لاتبلل صورتها المتلألأ في حديقتي العينين .. كنت هناك أعيش على مسافة ما بين الموت في جحيم الحرب ، وأمنية الهجوع متهالكا فوق صدرها في الحلم أستمد منه الأمان والمعنى ..كنت هناك أتوسل صانع الأقدار ان يهبني معجزة ان تطوق يدي خصرها ، وأحرق أطنان التعاسة بإبتسامتها !

هائما خطواتي ليس لديها عنوان تأوي اليه ، بعد أن أدركت ان الحياة ليست هبة ولاهي نعيم سماوي ، متورطاً واضعا يدي على خدي سجين حيرتي ، ليس هناك مفر : اما ان تعيش مرغما كأي حيوان يأكل علفه وينام ويجلس منتظرا موته ، أو تقرر إفناء وجودك ووقف المهزلة ، أجوب الدروب وأجدها كلها موصدة وسقف السماء محض سراب ليس هناك السماوات الستة حتى يكون لها سماء سابعة ، وصورة الملائكة محض خيال بدائي أوجد لها عرشا من السراب تحمله بعذاب أبدي كي يجلس عليه إله يراقب مخلوقاته التي تتعذب و يشاهد كل هذا الخراب والمآسي وهو يتفرج محايدا لايحرك عدالته ويستخدم قدراته الخارقة المزعومة.

نجى قلبي من الصاعقة ولم يتوقف نبضه ، وتماسكت قدماي وحملتني في تلك اللحظات العاصفة المدوية التي سادها الرعد والزلازل يوم مددت يدي مسلما عليها ونهضت وبادلتني السلام .. أتراها تعلم بالحرائق التي تشعلها في روحي .. هل كانت تشعر بإختضاض كياني ، هل تعرف السحر الذي كانت تنثره في حياتي ؟

كلما أشاهد إمرأة بكتف ممتليء أصاب بهلع الشوق والحرمان ، وأتذكرها بقيت دهرا وأنا أتلوى إيروتيكيا من شكل كتفيها المكتنزين .. تدمرني جاذبيتهما وهما يحتضنان إنسدال شعرها فوقهما .. للجسد كارزما وكبرياء في زمن إزدهاره .. الجسد هو أحد الوجوه المعبرة عن الروح التي ترسل من خلاله رسائلها .. كانت حلمي المحكوم عليه بالمستحيل سلفا ، لكن من يقنع العاشق انه يركض خلف السراب ، من يزيل أوهام جنون الحب في توقع المعجزات .. بعد إكمالي الستين من العمر .. أبدو مدحورا أفترش الأرض مقرفصا .. ليس هناك جدوى حتى الأوهام إنقشعت وأقتلعت بمعول خبرة العمر ، للأسف غادرني الجنون ، وأرغمني العقل على الإنصياع له .. ما المعنى ، والمسرات ، والسعادة ؟.. هل هي خدع تصبرنا على إنتظار حتمية الموت ؟