عندما تمر الأوطان بمحن كبيرة يأخذ المثقفون.. والفنانون.. والمبدعون.. والعلماء الحقيقيون.. دورهم في التصدي للمحن بأقلامهم.. بأصواتهم.. بأشعارهم.. بأغنياتهم.. برسوماتهم.. بأفلامهم.. بتمثيلهم.. بتجمعاتهم.. ويأخذ رجال الدين الحقيقيون دورهم في المواعظ.. ورفع المعنويات.. وتقوية الثقة بالنفس وبالله.. وشحذ ألههم للدفاع عن الوطن.. مثلما يأخذ القادة دورهم السياسي الوطني وبتوحدهم.. لدر أي خطر يواجه الشعب والوطن.. بحكمة.. وعقلية متفتحة.. ووحدة في الموقف والعمل.. وتأخذ القيادة العسكرية دورها في الدفاع عن الأرض.. والسماء.. والمياه.. والشعب أولا..
ـ والصورة الحية الحالية المجسدة أمامنا للمثقفين.. هي صورة شعب مصر الشقيق في محنته الأخيرة.. ودور المثقفين والفنانين الشجاع.. وكيف نجحوا في وقفتهم الجبارة.. وأسقطوا الشر.. وحكم الجهلة باسم الدين..
ـ في عراق اليوم.. ما يثير الاستغراب إن الكثير من مثقفينا يروجون لثقافات الطائفية والكراهية.. والتقسيم.. ولا نجد من يرد على هؤلاء.. وكأنما الأمور مسلم بها..
ـ مثقفون آخرون يشتمون العراقيين.. وينعتوهم بشتى النعوت.. ولا احد يقول لهم: (اخرسوا).. الغالبية العظمى من أساتذة جامعات صامتون وكأن أمر العراق لا يعنيهم.. وعندما خفضت مخصصاتهم.. انطلقوا كأسد الصهور.. وعندما أعيدت مخصصاتهم.. صمتوا من جديد صمتً أهل الكهف..
ـ مثقفون آخرون يبيعون الكلمة لمن يدفع.. حتى لو كانت كلماتهم تقتل العراقيين.. وتمزق الوطن.. مثقفون آخرون لسان حالهم يقول: (آني شعليه).. مثقفون آخرون متفننون بركوب الموجة مهما كانت.. وها هم اليوم ركبوا موجة تظاهرات الجمعة.. وأصبحوا في الصف الأول لقيادة التظاهرات.. لما تريده أجندات أسيادهم.. وليس لما يريده المتظاهرون.. مثقفون آخرون كانوا وما زالوا ممثلين حقيقيين للثقافة العراقية يستهزئ بهم ويشهر بهم.. ويشتمون بصوت عال.. ولا من مرد..
ـ البنية الفكرية والأخلاقية للمؤسسات الثقافية والإعلامية والفنية الرسمية.. فضلاً عن مواقف منافقة لمعظم العاملين في تلك المؤسسات.. فهم يتنعمون بوظائفها.. وامتيازاتها.. وأسفارها.. وجوازات سفرها الدبلوماسية.. وحين ينتقدون فساد النظام الحاكم.. يكون بشكل عام.. وكلام لا يعني شيئاً.. ويتناسون تماماً إنهم جزء أساسي.. لا من مؤسسات النظام.. بل هم ممثلون حقيقيون لفساده..
ـ إن موظفي السلطات الثقافية والإعلامية والفنية الرسمية.. يتمتعون بامتيازاتها بطريقة تجعل الكثير منهم “موظفين فضائيين”.. أي إنهم يتقاضون رواتب وامتيازات مالية دون تقديم جهد حقيقي.. وهم بذلك غير قادرين على تسمية المسؤولين عن الفساد والإهمال.. وبدلاً من أن يسموا الأشياء بأسمائها.. تجد بعضهم يكيلون التهم لكائنات مجهولة لا أحد يعرفها.. وفي تكرار لجملة “كلهم فاسدون.. كلهم أميون.. لا يحترمون المثقف”.. وهي جمل تقال من أجل رفع العتب.. ولا تعني شيئاً..
ـ اليوم انتصرنا على داعش.. وانهينا صفحته العسكرية.. لكن هؤلاء المثقفين بدؤا يفكرون.. كيف يسرقونً انتصارنا؟.. ويحاولون إن يسجلوه لأنفسهم.. كما فعلوا في كل مرة.. وكثيراً سيردد مقولة: (عفا الله عما سلف)..
ويبقى المثقفون الحقيقيون والإعلاميون الشرفاء على عهدهم يمارسون مهمتهم برغم التهميش.. والتجويع.. والتهجير.. والخطف.. والقتل..
ـ وجف الحبر.. فليستحي الصامتون.. وبائعي الكلمة.. على أنفسهم.. والخزي والعار يلاحقهم.. إن بقت حياء عندهم.. وعلى جميع العراقيين الحقيقيين أن يلفظوهم بكل صراحة.. وأن يرفضوا.. ويرفضوا كل كتابـــــة يشم إن صاحبها كان حتى الأمس ينشر الخذلان.. والطائفية.. والكراهية.. وتقسيم العراق.. وأغلقوا أفواه السقوط.. ولنعش أحراراً..