17 نوفمبر، 2024 11:44 ص
Search
Close this search box.

مثالب وإشكاليات البخل والبخلاء وتعاسة حياتهم و اضطرابها

مثالب وإشكاليات البخل والبخلاء وتعاسة حياتهم و اضطرابها

لابد سمعنا وشاهدنا واستغربنا عن الكثير من البخلاء وطرق تطفلهم على الموائد ومدى جشعهم، من دون تعمّق في البعد النفسي لسلوكهم غير المشرف. لا يمكن، في أي حال، اعتبار البخل مجرّد صفة قبيحة منبوذة في الإنسان، لأنه، في واقع الأمر، مرض عضال، قد يكون موروثاً أو مكتسباً، لكن لا شفاء منه في جميع الأحوال، وهو الأصل لنقائص كثيرة وخصال ذميمة، لا تجتمع مع الشخصية السويّة الجديرة بالاحترام، بل من شأنه أن يهلك الإنسان، ويدمر الأخلاق، وهو كفيل بأن يجرّد صاحبه من كلّ الصفات الإنسانية النبيلة من شجاعة وعزّة نفس وشهامة ومروءة.

يعرّف علم النفس البخيل بأنّه “الذي يملك المال ولا ينفقه، حتى في المواقف التي تتطلب ذلك. ويرجع ذلك إلى خصلة التعلق، حيث يصبح جمع المال الهمّ الأول في الحياة”. ذلك أنّ البخيل ليس إلّا عبداً ذليلاً للقرش، إذ تهون عليه كرامته، ويغدو شخصاً متطفلاً متكسباً فاقداً احترام الناس ومحبتهم. يظن نفسه ذكياً، حين يتهرّب من مسؤولياته بذريعة الفهلوة والشطارة، غير مدركٍ حجم الخسارة التي تلحق به، لأنّه في العادة متبلّد المشاعر، عديم الإحساس، لا يضيره لو تصدّق الآخرون عليه، ولو قام بالنصب والاحتيال في سبيل ألّا ينفق فلساً واحداً. وهو بالتأكيد لم يسمع بالمثل: “هين قرشك ولا تهين نفسك”.

وتحت عنوان البخل، تندرج صفات قميئة مكروهة، مثل الأنانية والجبن والكذب والتردّد والخسّة والجحود، فينكر المعروف ويبيع العشرة ويتنكّر للخبز والملح. وقد يتخلّى بسهولة عن أولاده المنكوبين بأب متجرّد من مشاعر الأبوة الحقة التي تقتضي التضحية وإنكار الذات والعطاء بلا حدود، ذلك أنّه بخيل حتى بمشاعره، فلا يتحرّك ضميره الذاهب في غفوة عميقة تجاه حاجة الأبناء الطبيعية لوجوده في حياتهم، داعماً ومسانداً لهم في مرحلة حساسة من حياتهم، يتوقعون حضوره في تفاصيل يومية صغيرة، يتهرّب منها كي يتجنّب الإنفاق عليهم. وتعجّ المحاكم الشرعية بقصص مخزية تبعث على الاشمئزاز عن آباء بخلاء مقتدرين، تخلوا، عند الطلاق، عن مسؤولياتهم في تربية أبنائهم وتوفير كلّ احتياجاتهم المادية والعاطفية، فينشأ الصغار أيتاماً غير معلنين، على الرغم من عدم وجود شهادة وفاة رسمية ومراسيم دفن وعزاء حقيقية، تبيح لهم ذرف دموع الحزن والتحسّر، ثم المضي في حياتهم، مستسلمين لمصيرهم أيتاماً محرومين لا ينتظرون لمسة حب وحنان من أبٍ غاب تحت التراب، يزورون قبره في الأعياد، فتسيطر عليهم مشاعر الخيبة والخذلان والغضب والحرمان، ولا يملكون سوى أن يقارنوا أنفسهم بأقرانهم ممن منحهم الله آباء حانين عطوفين مسؤولين، يوفرون لأولادهم حقهم في الأمان النفسي والاستقرار العاطفي، فتتضاعف عند أولئك الصغار عاثري الحظ، وتتنامى حالة السخط في نفوسهم الغضّة غير القادرة على التعبير، ويتراكم لديهم الإحساس بالنقص وانعدام الثقة بالنفس وبالآخرين، ما يعرقل المسار الطبيعي المفترض لنموهم أطفالاً أصحاء نفسياً وذهنياً.

في العادة، تقرّر المحاكم الشرعية التي تسودها عقلية ذكورية بائسة مبالغ زهيدة لا تكفي الحدّ الأدنى من متطلباتهم المعيشية من غذاء وملبس وتعليم وعلاج. وهنا تجد المطلقة، من رجل بخيل يعبد القرش ويفضله على أولاده، نفسها أمام تحدٍّ كبير، كي تعوّض صغارها عن جبن طليقها وتخاذله، وتكرّس ذاتها بالمطلق لرعاية صغارها نفسياً وعاطفياً، وتعمل بأسنانها وأظفارها على تأمين قوت يومهم، علهم يتجاوزون حسّ الفقد والحرمان الذي سبّبه أب لا يستحق أن يحمل شرف اللقب. مثل هذه الأم المكافحة جديرة بالتقدير الكبير، لقدرتها على التصدّي والتحمّل في سبيل سعادة أبنائها، مضحّية بكلّ شيء من أجلهم. أما ذلك النموذج البخيل المتخاذل، فلا يستحق سوى الازدراء والتجاهل والنسيان، علاوة على شهادة وفاة رمزية صادرة من أرواح صغار مخذولين، ممن لم يتوانَ عن التخلّي عنهم بقلب بارد، وهي عقوبة عادلة لا ريب فيها.

 

رغم أن البخلاء مادة دسمة للكوميديا والنوادر كونها تثير الضحك والاستغراب إلا أنها تتحول الى مأساة حين نعايش هذه الشخصية ولاسيما عندما يكون البخيل زوجاً أو أباً، وقد يثير الإمساك عن الانفاق في المنزل خلافات اسرية تصل في بعض الأحيان الى الطلاق.

أما في حال انقلبت الصورة وكان البخيل زوجة فكيف يصبح الحال؟ وهل تستقيم الحياة الزوجية؟ وماالذي يدفع المرأة أو الرجل ليكونا بخيلين؟ وهل البخل عادة مكتسبة أم وراثة؟ وهل بخيل المادة بخيل بعواطفه؟ وهل من علاج لهذا الداء؟ ‏

بعض من وقع في فخ البخلاء يقولون عن هذه التجربة التي تحدثوا عنها بصراحة، شريطة الاكتفاء بذكر الاسم ونحن بدورنا نحترم رغبتهم… ‏

تقول لينا: أنا موظفة في جهة حكومية وراتبي جيد إلا أنني لا أخبر زوحي عما اتقاضاه صراحة لأتمكن من شراء احتياجاتي الخاصة من ملابس وعطور وأشياء للمنزل والعاب للأطفال فهو يرى أن هذه الأشياء مصروف زائد والأفضل الانفاق في الأشياء الضرورية للمنزل وادخار الباقي علماً أن دخل زوجي جيد. ‏

وتتابع: مصروف أولادي قليل في المدرسة وكلما ناقشته أن ذلك سيؤثر على الأطفال ويشعرهم بالنقص أمام زملائهم يقول لا أريد أن أفسد أولادي ويجب أن يدركوا قيمة المال…، واثناء الذهاب الى السوق لا يستطيعون شراء كل ما يشتهونه موضحة أن أولادها وحرصها على بيتها يحملانها على الصبر. ‏

وربما تبدو تجربة مروى مضحكة عندما نسمعها غير أنها تتحدث عنها بمرارة فعندما تقدم إليها عريس كان يفضل البقاء في بيت العروس ولا يقترح أن يدعوها لمطعم أو كافيتريا. ‏

وتروي: كنت أقيس شوارع المدينة معه تحت الشمس الحارقة بحجة أن المشي رياضة وأكثر رومانسية وفي إحدى المرات تجرأت وقلت له تعبت من المشي أوقف تاكسي فقال: لماذا التاكسي الميكرو أفضل مادامت الوسيلتان تصلان الى النقطة نفسها التي نريد الذهاب إليها فما كان مني سوى أن أوقفت «تاكسي» وتركته وحده يكمل رياضته. مؤكدة أن دخله المادي لم يكن سيئاً لدرجة لا يستطع فيها الجلوس بكافيتريا نجمة واحدة على الأقل، وأنه عندما كان يمر بائع الزهور كان يتجاهله.

‏ وبرأيها فإن من بخل عليها بوردة لا يمكن أن يغدق العطاء بالعواطف والمشاعر. وترجح أن الحرمان والقسوة اللتين عاشهما في طفولته هما سبب رئيس لبخله. ‏

وتستعيد ليلى مواقف طليقها البخيل بأنه كان يتكل عليها بكل شيء حتى اصبحت المعيل الأول وأن اكثر ما كانت تمقته اصطحابه للتسوق والزيارات الاجتماعية خوفاً من أن يكشف الناس بخله وأنها حرمت من تلبية دعوات الصديقات كي لا تظهر أقل من الأخريات وأقفلت بابها بوجه الجيران والزوار… وتضيف: لم أكن اتصور بحياتي أن ارتبط بشخص بخيل، هذه الشخصية نراها عبر التلفزيون ونسمع عنها النكت المضحكة لكن العيش معها أمر مختلف. ‏

إذاً البخل صفة تنسب الى الرجل كونه رب الاسرة والمسؤول عن الانفاق بحسب الشرع والدين والاعراف الاجتماعية، ولكن ماذا عندما تنقلب الصورة وتكون المرأة بخيلة حيث إن ميزانية المنزل بيدها وما الذي يدفعها لهذه الصفة: ‏

تقول سناء: إن تكاليف الحياة وارتفاع مستواها يخلق هذا السلوك لدى المرأة، خاصة بعد ارتفاع الاسعار الذي حدث في الآونة الأخيرة الامر الذي دعا جميع الاسر للتفكير بالاقتصاد وأن هذا الأمر ضروري لأن الهدر في مجتمعاتنا زاد عن حده، والاقتصاد المنزلي معيب في منهجياتنا فيجب إدخال هذا المفهوم في وعي وثقافة المرأة، وعدم موافقة الزوجة على شراء كل ما يريد الأولاد لا يعتبر بخلاً بل نوعاً من التدبير والإرادة بحسب الامكانات المتوفرة فلا توجد امرأة تحب أن تحرم أولادها من شيء لأنها رمز العطاء.. وتنقلب الصورة مع أحمد فبخل زوجته يزيد من التوتر في المنزل موضحاً أنها ليست بخيلة على بيتها وأولادها غير أنها بخيلة على أهله وإخوته فدوماً تعارض عندما يريد مساعدتهم وتعتبر ذلك نوعاً من الإسراف وأن هذه الأموال أولاده وبيته أحق بها من إخوته. ‏

ويتابع: إنها تبذر على نفسها لأشياء كمالية ولكن يظهر بخلها جلياً حينما يدعو أهله للغداء فيشعر بالاحراج من نوعية وكمية وأسلوب الضيافة. ‏

‏ حول مفهوم البخل وأسبابه وانعكاساته التقينا د. صابر جيدوري الاستاذ في كلية التربية وعلم النفس، وأوضح أن مفهوم البخل هو سلوك اجتماعي غير مرغوب به يمارسه شخص على آخر قد يكون (الأب، الأم، أو المدير على موظفيه..) ولهذا السلوك انعكاسات سلبية كثيرة حيث تتأثر بهذا السلوك الزوجة والأطفال داخل الاسرة وعندما يمارس الزوج هذا السلوك فإنه يدفع الزوجة والاولاد لممارسة سلوكيات لا أخلاقية وغير منسجمة مع المجتمع الذي نعيش فيه وقد يدفع الأولاد للسرقة وأن تقدم الزوجة على عدم مصارحة الزوج بأشياء تتعلق بالانفاق. ‏

ويضيف: في مجتمعاتنا العربية ينظر إلى هذا السلوك نظرة سلبية كون الانسان العربي يتصف بالكرم. ‏

ورداً على سؤال فيما إذا كان البخل سلوكاً مكتسباً أم وراثياً يجيب: إنه مكتسب لأن الانسان يولد خيراً وفساده أو بخله يأتي من التربية الاسرية المتبوعة فيما بعد. ‏

أما الاسباب التي تدفع الإنسان الى أن يكون بخيلاً برأي د. جيدوري فهي تقليد الابن لوالده وانخفاض المستوى المادي للشخص إضافة للحرمان الذي عاشه في صغره، وقد يكون لأسباب تتصل بمشروعات اقتصادية (كشراء سيارة). ‏

ويؤكد د.جيدوري أن بخل المادة له انعكاسات عاطفية على الابناء والزوجة وأن عاطفة البخيل ضعيفة تجاه الآخرين ولاسيما تواصله معهم فهو لا يستطيع إقامة زيارات وعلاقات وفيما إذا كان هناك علاج لهذه الحالة يوضح أنه من الصعب تغيير السلوك في مراحل متقدمة إلا أنه من الممكن التعديل فالارشاد النفسي عمليه تتولاها جهات معينة كالشؤون الاجتماعية والمراكز الثقافية ووسائل الاعلام والجهات الدينية حول الاثار الاجتماعية لهذا السلوك وانعكاساته على الابناء والزوجة والأصدقاء. ‏

‏بين التقتير والتبذير شعرة يصعب الفصل بينهما لذلك فإن خير حكم في هذه المسألة قوله تعالى «ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط» ‏

والأهم أن نعتبر المال وسيلة وليس غاية. ‏

 

إياك ومصادقة الأحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه. – علي ابن أبي طالب

البخيل يعيش في الدنيا عيش الفقراء، و يحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. – علي بن ابي طالب

 

 

نتكلم عن البخل في الحياة البخل في المادة يكون بخيل في كل شيء وقد نشاهد بخيل الفلوس أيضآ بخيل المشاعر ولم يتكلم كثير ويهرب من التعامل حتى لايخسر شيء حتى الكلمة الطيبة لم يقدر على إخراجها

بخل العواطف من أكثر التصرفات المؤلمة ، وفي أغلب الأحيان يمكننا تحمل البخل المادي ، ولكن أن يكون غيرنا بخيلا في إظهار حبه لنا ، فتلك هي المأساة الكبرى ! وهو يؤثر على الحالة النفسية وأحيانا يؤدي إلى مشاكل صحية جسدية .ويكون سبب مباشر في إنهاء الحياة بين الأزواج

وبخل العواطف يجعل صاحبه مذموما ؛ حتى وإن كان الشخص الذي في الموقف حبيبه أو قريب منه ، لأن هذا البخل يؤدي إلى حالة من الجفاء ، فيقل التعاطف مع الشخص البخيل في مشاعره شيئا فشيئا ، حتى يُصب من أمامه بالجمود والبلادة في الإحساس ، فيبادله البخل ، وعند الوصول إلى تلك المرحلة تستحيل الحياة

من يبخل بمشاعره على غيره لا يستحق العطف أو الشفقة

بخيل المشاعر قاسي القلب ، حتى وإن كان بداخله رقة وحنان ، فطالما بخل بها على غيره فهو يستحق البعد عنه .

الوحدة حليف بخيل المشاعر ، ومهما كان أحباؤه يتجاهلون تلك الصفة فيه ، فحتما سيأتي يوم ويبتعدون عنه ، حتى وإن لم يكرهوه .ممكن تشوف البخيل طيب القلب بدون أن تعامله ولكن إذا حصل وتوالت المصالح سوف تكره بعد التعامل مباشرة

أسمع وأحكم أنت بنفسك

بخيل المشاعر يقتل حبه بيديه .

إذا اعتاد حبيبك على بخل مشاعرك ؛ فلا تنتظر منه أن يبقَ بجوارك للنهاية .سوف ترك لك الدنيا التي تعيش فيها

اغتنم الفرصة في أسرع وقت وتخلص من بخل المشاعر ، فأنت لا تعلم متى سييأس رفيقك ويهجرك للأبد .

البخل المادي والعاطفي

الشائع في الحياة البخل المادي ، وهو الذي يبخل فيه الشخص على نفسه ماديا ، وليس على غيره فقط ، ويسبب لدى الآخرين كرها خفيا أو ظاهرا ، فهناك أشخاص يتميزون وهناك كلمة تقال البخيل في المادة بخيل في كل شيء ولم يمتلك الصراحة في حياته دائما إلى الشخص الكريم الذي عنده القدرة على العيش والكلمة الطيبة ويبدون كرههم للآخرين ، وبعض الناس لا يبوحون بكرههم لأحد ، ولكن في النهاية الخاسر الأكبر هو الشخص البخيل ، الذي يضيع على نفسه فرصة الشعور بالتعاطف والحب ممن حوله لأنه يحب المال أكثر من كل الناس حتى زوجته وأولاده عنده القدرة على التخلي عنهم في أي وقت من أجل المال

وبخل العواطف أقسى على النفس من بخل الماديات ، لأن تحمل الأوضاع المالية الصعبة ممكن ، ولكن أن تتحمل النفس بخل العواطف فهو أسوء بكثير .

فعلى كل إنسان بخيل في إظهار عواطفه ، أن يترك لنفسه فرصة لإعادة حساباته ، والنظر إلى صفة البخل في المشاعر بعين ثاقبة ، والتعلم من أخطاء الماضي ، وبداية تغييره للأفضل ، وأن يظهر حبه للآخرين ولا يشعر بالحرج ، حتى تكن حياته صحية وسعيدة ، ولكي لا يصبح وحيدا منبوذا من أقرب الناس إليه لم يبقى معه غير من علمه البخل وسوف ترك له إرثآ أسود

لم يجني منه شيء وسوف يموت وينتهي الأمر ولم يتذكره أحد غير من علمه البخل والحقد والخوف على المال أكثر من العيال تبت يدي كل بخيل ولسان كل بخيل لم يترك بخله ولم يتنازل عن هذه الأشياء القبيحة.

أحدث المقالات