23 ديسمبر، 2024 6:00 م

مت….قاعدا ..أو متعكزا …!!

مت….قاعدا ..أو متعكزا …!!

المتقاعد (مدني أو عسكري ) هو الذي أنهى خدمته العملية لإنهاء المدة العمرية المقررة والتي تكون في أغلبية الدول 63 عاما أو من تقاعد لأسباب صحية أو أمور أخرى وخصص له بموجب أنظمة التقاعد معاشا تقاعديا عن فترة الخدمة التي قضاها وهو صاحب فضل – ثروة لاتقدر بثمن – كنز لا يفنى – منهم حكماء- خبراء- رواد –و نجوم لمعت.
يجب أن يتلاءم راتب المتقاعد وفق منظورات ومقاييس التسوق لسد حاجته الشهرية من المعاش وفق الدخل المعيشي نتيجة الخدمة الممتازة  والتي خدم بها البلد وقد يكون المتقاعد طبيبا أو مهندسا أو فنانا أو معلما أو عاملا…الخ.. وكونه يستطيع أن يثري بخبرته الطويلة الأجيال والمؤسسات الجديدة وما أشبه ذلك , ويشكي اغلب المتقاعدين من الأمراض الجسدية والنفسية كالقلب –وأمراض الكلى –والضغط – والسكري- والروماتزم ,وكون علامته الدالة عند خروجه من البيت عكازا- اي
 (العوجيه) إكراما لخدمته الطويلة ويقتضي بالدولة أن يكون علاجه مجانا وان تقطع له تذكرة أداء  مراسم الحج كما هو معمول بها في اغلب الدول,أما في العراق العظيم فيطلقون عليه كلمات نابية غير مهذبة مثل (ستوك ) أو(مخرف ) أو قديم (اكسبا ير) بدل من تقديم الشكر والثناء  له وعائلته وتوفير حياة كريمة كتقديم مسكن أو شقة بسيطة تقديرا لجهوده التي بذلها لخدمة الوطن وفناء عمره من اجله لا أن يجد نفسه ضالا  تائها معزولا.
 وحيث أن رواتب المتقاعدين المتدنية جعل تصنيفهم تحت خط الفقر لان دخلهم الفردي لا يتناسب  إطلاقا مع مستوى المعيشة وبأبسط مستلزماتها,ويحصل المتقاعدون  في أكثر الدول  على تقدير معنوي ومادي من حكوماتهم ومجتمعاتهم ,فان في اغلب الدول تمنح المتقاعد بطاقة ركوب وسائل النقل العام مجانا وتضع له خصما في تذاكر الطائرات والقطارات وتضمن علاجه المجاني في كل المستشفيات وتقدم مؤسسات ومحلات حكومية وأهلية  بإجراء تخفيضات وخصومات للمتقاعد الذي أمضى زهرة شبابه في خدمة وطنه ولما كان في الخدمة كان زملاؤه يكنون له الاحترام والتقدير ولكن يبدو الآن إن هذا الاحترام (هو احترام مزيف  ومنافق ) وبعد أن يترك العمل يكون- ميتا – أي انتهى دوره (فمت ..قاعدا أحسن لك  ياسيدي  من إن تموت نائما ) وابحث عن عكاز من خشب الصفصاف  تتوكأ عليه (وحط عينك بعين الله ) .
وبعد إذن تقطع عن المتقاعد  المساعدات والقروض وحتى بعض العلاقات الاجتماعية وحتى السؤال عنه ,وكما قال الشاعر: (ما في الزمان من ترجو مودته….ولا صديق إذا جار الزمان وفى ).وأكثر ما يزيد معاناة وعتب المتقاعد على دولته حتى أن المصارف تحجب عنه السلف والقروض مهما كانت الضمانات والكفالات وانه بالتأكيد لديه ولدى أسرته احتياجات العصر لان مصدر دخله هو الراتب فقط وكما يقولون أهلنا (العوز…يفشل ) .
ولا ينسى بعض السياسيين والبرلمانين هناك ثلاث دعوات مستجابة لا شك فيهن –دعوة المسافر – دعوة الوالد- دعوة المظلوم (المتقاعد مثلا ),وان ينتبهوا لهذه الشريحة المظلومة ويتخلوا عن المنح والسلف والقروض الزراعية والصناعية وان يبتعدوا عن عمليات التجميل والسفرات والايفادات وعمليات البواسير والكف عن شراء العقارات الفارعة وصرفهم المليارات و المتقاعد إنسان منسي غائب عن الوجود في فلسفتهم ( تحت القبة ).
ونتيجة الظروف الأمنية السيئة في العراق جعل المتقاعد حاله حال الفقراء مستسلما للفراغ الذي هو فيه وحيث  عمره لا يسمح له الانتظار في طوابير السيارات المتوقفة لبعض المتقاعدين تتلخص فيما يلي أولا :احترام أسرته ولا  سيما  انه في حاجة إلى شيء من المراعاة كاللطف في المعاملة والدعم النفسي الأسري له وامتصاص غضبه إن وجد لشعوره باليأس وتوتره النفسي جراء مقاضاته براتب مهين لشخصيته. وثانيا:مراعاة منظمات المجتمع المدني والجمعيات والأندية الاجتماعية لهذه الشريحة إجباريا وليس طوعيا لشعورهم بالعزلة والتهميش وأخيرا وليس آخرا:
دور السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وحتى دور السلطة الرابعة صاحبة الجلالة بإيجاد قوانين وأنظمة غايتها عيش المتقاعد عيشة متوسطة على اقل تقدير والإسراع بتنفيذ  قانون التقاعد أسوة بالآخرين.
وان أزمة التقاعد تتفاقم يوما بعد يوم بسبب البرلمان العراقي تحديدا فقد ارتكب وما زال يرتكب عصيته الكبرى في إقرار هذا القانون ومتى ما استيقظ النائمون في سباتهم تحت (القبة ) عرفوا  سر هذه الأزمة المزمنة والمعايشة الآخذة بالإخفاق يوما بعد يوم.