18 ديسمبر، 2024 10:55 م

متى يُمنح السلام فرصة؟

متى يُمنح السلام فرصة؟

كثرت المطالبات بأعادة النظر بنتائج الانتخابات الاخيرة، ودفع الامور نحو أعادة العد والفرز بطريقة العد (اليدوي)، برغم اجهزة العد والفرز الالكتروني التي استوردتها المفوضية العليا للانتخابات، والتي كبدت خزينة الدولة اموال طائلة، والتي واجهت حالة من العزوف الهائل باول يوم لدوخلها للعمل تلك الاجهزة، اي انها لم تمنح فرصة للخطأ او السهو اصلا، لقلة الاصوات التي أدخلت في تلك الصناديق الالكترونية!

الا ان سحابة التفكير الجمعي المسيطر على الاذهان هو التشكيك بنتائج الانتخابات، وانها نتائج مزورة وغير صحيحة، ولنفرض جدلآ بصحة هذه (الفكرة) الأ انها اهون المصائب واقل الشرور، اذا ما قورنت بالسيناريوهات المعدة (لأعادة العد والفرز اليدوي) وهي؛ السيناريو الاول، عدم الالتزام بالتقويم الدستوري لأعادة تشكيل الحكومة، لان العمر القانوني للحكومة الخالية قارب على الانتهاء، واي مماطلة يدخل العراق في منطقة ( الفراغ الدستوري) اي السير نحو اللانظام وشرعنة للفوضى.
اذ تنص المادة (٥٦) من الدستور العراقي، ان الدورة الانتخابية لمجلس النواب اربع سنوات، لا يزيد يوما ولا ينقص عنها، كما ان المادة تنص على اجراء انتخاب مجلس نواب جديد قبل (٤٥) يوما من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة.

كما هو معلوم فقد جرت الانتخابات في ١٢ أيار الماضي، اي اننا امام يوم ٣٠ من حزيران كحد اقصى، لرؤية هلال مجلس النواب العراقي الجديد، ولا عجب ان تتعالى اصوات بعض النواب الخاسرين (بأعادة العد والفرز اليدوي) وهم انفسهم قد تعالت اصواتهم من قبل بضرورة تأجيل
الانتخابات!

لانهم بعد هذا التأريخ سيتحولون لأناس عاديين، لا حصانة برلمانية، ولا امتيازات ولا ..ولا
اذا اسقطنا من حسابتنا ترتيباتهم الشخصية لمثل هكذا يوم.

اما السيناريو الثاني، في حالة عدم تشكيل مجلس نواب جديد، وهو مايمثل السلطة التشريعية، ورأس هرم الحكومة، فان مجلس النواب سيستمر بعمله الحالي، لكنه سيكون فاقد للشرعية، لتجاوزه المدة القانونية، وبذلك تكون قراراته غير ملزمة للتنفيذ، اي وجوده من عدمه سواء، بل ربما يساهم وهو بهذه الحالة بازدياد الفوضى وتفشي حالة عدم احترام القانون .

اما السيناريو الاكثر سوداوية واتمنى ان اكون خاطئة بتحليلي للامور، ان تسيطر احدى الكتل الفائزة على مجريات الامور ومقاليد الحكم بقوة السلاح، وهو بذلك انهيار مؤسساتي لمنظمة الدولة وهي ما تعود بالعراق الى فجر يوم ٢٠٠٣ وحالة الفوضى تلك، ربما انفجار كدس من العتاد مخزن بطريقة بدائية باحدى دور العبادة المحاطة ببيوت سكنية فقيرة في مدينة الصدر، اولى مشاهد هذا السيناريو!

اما السيناريو الاكثر خيالا والابعد للحصول، هو ان يثور الشعب على الدستور ويخلق بذلك سلطة ثورية تسقط سلطة الحكومة، وهذا الاحتمال ابعد ما يكون، لسبب بسيط لاننا شعب بسنام بعير!
شعب استهلك كرامته على مدى عقود ولم يعد منا ما يستحق الثورة.

على فرسان السياسة اليوم ان يترجلوا من على صهوة الانانية، ويجلسوا قبالة بعضهم البعض، لان الامر اعمق واكبر من صراع ارادات لخاسرين وفائزين في الانتخابات، انه مصير امة ومستقبل اجيال وغد مجهول اذا استمرت المناوشات من اجل المصلحة الشخصية، وان يحددوا موعدا لتشكيل حكومة عراقية، أي كان شكلها ولونها، فهي افضل من الرجوع الى نقطة الصفر، نقطة الظلام واللاعودة، لان الحكومات يمكن ان تسقط وتقوم مرة اخرى، الا ان الوطن اذا سقط فلا يوجد من يأخذ بيده للنهوض مرة اخرى.