بأمل وثقة عالية لا تخلو من حسرة تساءل الشاب عبد الهادي وهو يشارك بقية الشباب في تظاهرات يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر تشرين الاول قائلا اين بقية ابناء شعبنا ؟ ومتى يخرجون ان لم يكن من اجل الوطن فمن اجل حقوقهم المسلوبة ؟
عبد الهادي واصل حديثه معي وهو يرفع شعار نريد وطن ليقول جئت مع عدد من الشباب من مدينة الناصرية متوقعا ان تمتد جموع الشعب من العلاوي الى ساحة التحرير .. هكذا توقعت وانا احلم بان تخرج الملايين وليس الالوف الى ساحة التظاهر ، غير اني اصبت بخيبة امل كبيرة لكنها لن تفقدني ومثلي بقية الشباب الثقة بامكانية التغيير ولن تفت من عزيمتنا لمواصلة الانتفاضة السلمية من اجل تغيير جذري يصحح مسار عملية سياسية ميتة بسبب المحاصصة وما افرزته من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية .
كلمات عبد الهادي الذي لم يتجاوز عمره العشرين عميقة المعنى وتنم عن وعي شبابي يبشر بالكثير ..فهي تعني باختصار ومن دون تنظير بان شباب الانتفاضة التشرينية وبرغم ما يتعرضون له من حملات قمع مخطط لها وما يصاحبها من مساع خبيثة لتشويه صورتهم المشرقة ، باقون في ساحات التظاهر ومتمسكون بمطالبهم المشروعة التي لخصوها بشعار نريد وطن والذي يعني اعادة الاعتبار لقيمة المواطنة والتخلص من هيمنة الاحزاب الاسلاموية الطائفية وسيادة القانون واجراء انتخابات شفافة ونزيهة لامكان فيها للسياسيين الفاسدين ..
قد تكون اعدادهم قليلة لكنهم يدركون ان الشعب معهم برغم سلبية مواقف عدد غير قليل منه لاسباب ربما من بينها اليأس او الاتكالية ومبدأ ( شعليه ) الذي يجعلهم متفرجين على ما يحصل !! وهذا ما جسده موقف حملة الماجستير ممن نصبوا خيامهم في علاوي الحلة وقريبا من مبنى رئاسة الوزراء بامتداد وزارة العدل وهم يفترشون الارض منذ اكثر من شهرين يطالبون بالتعيين . هؤلاء حملة الماجستير الذين بعدون نخب واعيه كما يفترض لم يكلفوا انفسهم وياللاسف بالمشاركة مع المتظاهرين وبقوا يتفرجون والانكى انهم احاطوا خيمهم بلافتات مكتوب عليها ( تجمع وطن .. يدعم الكاظمي ) !!
مقابل صورة اصرار الشباب الغيارى على وطنهم في ساحات الانتفاضة في بغداد وعدد من المحافظات ، تجد صور اخرى لمن يكتفون فقط بالتنظير او كتابة المقالات والاعمدة او الظهور على شاشات الفضائيات ومنهم صديقي المهندس ابو نور فهو وامثاله ينتقدون ويتذمرون من الاوضاع السياسية لكنهم لم يترجموا ذلك الى فعل حقيقي ووقفة عز في ساحات التظاهر .. ابو نور اعتاد ان يقول وما هي نتيجة التظاهرات السلمية ؟ وكيف لها ان تصنع التغيير بهذه الاعداد البسيطة ؟ ويبدأ المقارنة بين زخم التظاهرات في تشرين عام 2019 وتناقص اعدادها من دون ان يجرؤ على الاعتراف بحقيقة ان هذه النتيجة يتحملها هو وامثاله من المتقاعسين !
قد يقول البعض ان توسيع مشاركة المواطنين في التظاهرات يحتاج الى وعي شعبي وهو صحيح ، لكن الوعي لايتحقق فقط باحاديث المقاهي او جلسات الاصدقاء فقط بل بوجود نموذج حي يحفز الجماهير وهذا النموذج يمثله الشباب المعتصمين المضحين .. فهم الافضل منا جميعا باختيارهم طريق التضحية على امل كبيروثقة بان بقائهم لابد ان يحفز المواطنين على مساندتهم ومشاركتهم طريق التغيير ! فتحية للمتظاهرين الاوفياء والمجد والخلود للشهداء .