عندما ننتقد حكومة المالكي و لا نتفق معه في طريقة ادارته للحكم، لا يعني اننا معادون له شخصياً او حاقدون عليه! المسألة ببساطة.. اننا عراقيون من لحم هذا البلد و دمه، و من حقنا ان نؤشر نقاط الخلل في عمل المؤسسات و الاجهزة التنفيذية لحكومة المالكي.
ان الاسلوب الذي اعتمده السيد المالكي ساعد بلا شك في خلق ارضية خصبة للفوضى و الفساد شجعت الارهاب و القتل في العراق، هذه حقيقة اصبحت معروفة.
المالكي يكابر بعدم اجراء المصالحة و التسامح مع حزب البعث، مبرراً ذلك بالكثير من الشواهد و الامثلة المبالغ و المغالى بها. و مثال ذلك المقابر الجماعية، حيث تثار في كل مناسبة، خاصة مع قرب موسم الانتخابات او اي فرصة اخرى تخدم البعض حتى اصبحت كيوم عاشوراء، و لا احد يسأله عن مصير مقابر اهلنا التي سويت بالارض في النجف الاشرف دون اي مراعاة لحرمة امواتنا.
المالكي خلق خصوم كثيرون و دفع بالبعض الى التطرف سواء كحاضنات للارهابيين او التطوع في ممارسة العمل الارهابي، هؤلاء هم ممن اعتقل اخوتهم او ابائهم او احد افراد اسرهم او اقرباء لهم او جيران، و من هم معارضون اصلاً او من تعرضوا بسوء في تردي الخدمات او كانوا ضحية فساد حصل له او من حوربوا برزقهم.. الخ
و من اخطاء اجهزة المالكي الكثر، على سبيل الحصر:
– عند وقوع عمل ارهابي نلاحظ الكثير من تلك العمليات ينفذها اشخاص ليسوا من اهل المنطقة التي مورس الارهاب عليها سواء بالسيارات المفخخة او الاحزمة الناسفة و غيرها، هنا تقوم الاجهزة الامنية و الاستخبارية بحملة شعواء، تعتقل الكثير من اهالي المنطقة ممن يشتبه بهم بحجة البحث عن الفاعل في حين يضهّر التحقيق مع من يعتقل و يعترف بانهم يسكنون مناطق اخرى، و خير مثال ( حادثة البطحاء و البصرة) فالذي نفذ عملية البطحاء كانتحاري تم جلبه من مناطق اخرى، و الذين نفذوا عملياتهم في البصرة كان احدهم من شمال بابل و الاخر من منطقة اخرى. و هنا نرى ان المنفذون الحقيقيون يتنقلون بسهولة و يسر باستخدامهم لهويات و اسماء مزورة، و عادة يتخذون لهم محطات للراحة و التخلص من الملاحقة ( في بيجي، ابو غريب، اليوسفية و مناطق اخرى في اطراف الموصل.. الخ). هذا مثال على خطل و رعونة ردود فعل اجهزة سلطة المالكي. و في هذا الاطار نتحدث عن هيكل العملية الارهابية.
– ان حكومة المالكي تركز بحثها عن المنفذ، تعتمد هذا الاسلوب منذ عشر سنوات و عن البحث عن اضعف حلقة، و هو اسلوب استخدمته امريكا عندما كانت تلاحق ( الفيتكونغ) بحرب فيتنام، و استخدمه الفرنسيون في حربهم على الشعب الجزائري، و هناك امثلة اخرىعده. جوهر الموضوع انهم يعتقلون اكبر عدد ثم يتولون التحقيق معهم باساليب مختلفة علهم يظفرون بالشخص المطلوب ضمن الموقوفين و هكذا.
فالرجل الذي ينفذ العمليات قد يكون مهئ اصلاً او ممن تتم عملية غسيل لدماغه.
الجانب الاخر هو الموقع الذي تجهز فيه عمليات التفخيخ و الاحزمة الناسفة و هنا تظهر المناطق الغربية و الحدودية التي اصبحت منبع الانتحاريين المتسللين و مناطق تجمعهم و تجهيزهم و تفخيخ المركبات لهم و اي جهد لوجستي مطلوب. لكن لماذا؟ و من هم المنخرطون في الارهاب؟
المسألة طويلة، فاغلبهم يشكلّون حواضن للارهابيين و مساهمون فعليّون و هم من كانوا في القوات المسلحة او سياسيون حاقدون او منتفعون من النظام السابق او طائفيين.
و من هنا نرى ان السيد المالكي قد فشل في فهم دوافعهم و طريقة استيعابهم مع انه استخدم الكثير في الصحوات لتهدئة الوضع ( و كان عليه ان ينجز المصالحة الحقيقية التي تضم الجميع دون استثناء).
اما الجانب الممول، فالجميع يعرف من هو و كذلك من يقف خلف عمليات الارهاب، و لا احد يختلف عن تشخيص ( السعودية و قطر و تركيا) فالاسباب ظاهرها طائفي في حين يؤشر جوهر عداء السعودية انها لا تزال تسرق حصة ايران و العراق بانتاج البترول، و السعودية تنفق اموالاً لا حصر لها لاستمرار النزيف الدموي في العراق و المنطقة.
ان الكثير ممن لا يوافون المالكي ارائه او يعارضونه او لديهم مواقف منه فهم لا يقبلون به و لا بالوضع الجديد و يعزون ذلك الى توجهاته الطائفية و تواطئه مع السياسة الامريكية التي ابعدت مكونهم الطائفي من الحكم، و لذلك فمن الطبيعي ان يذهبوا نحو توجهٍ اخر هو الاقرب لهم، و هي الحركات المعادية و المقاومة للدولة بعد ان الغت حكومة المالكي رسمياً حزب البعث و اصدرت قانوناً لتجريم الحزب و اعتقلت الكثير منهم حسب المادة ( ٤ ارهاب) و حجزت اموالهم و املاكهم (لا ندري كم هو العدد الاجمالي لمن تم اعتقالهم منذ عام ٢٠٠٣ الى الان) و لا ندري كيف سيؤيد الابن و الام و الاولاد و الاقارب و الجار السيد المالكي عند اعتقاله لرّب البيت او احد افراد الاسرة (سواء مدانين او ابرياء).
هؤلاء اصبحوا معادين للمالكي و بعضهم لربما اصبحوا قنابل موقوته و من تولدت لديهم رغبة بالانتقام نتيجة الحقد المتراكم او لربما لديهم مواقف معينة من حكومة المالكي.
اذاً، لا امل الا بالمصالحة و التسامح و طوي صفحة الماضي من اجل السلم الوطني، و لدينا من تجارب الشعوب الكثير ( غاندي- نيلسون مانديلا) و الكاهن الجليل ( تسمون توتو) في التسامح.
ان عقدة المالكي انه يرى هؤلاء مجرمون و القانون يجب ان يسود لمحاسبتهم و من وجهة نظرهم هم فان النظام الذي يديره المالكي جاء بادوات المحتل الامريكي و ما المآسي و النكبات التي صحصلت لهم الا تحصيل حاصل للتدخل و لمعارضة هذا الاجنبي و كذلك النظام الذي جاء بعده قد خلق عصراً جديداً للصراع و هو عصر الانتحاريين!
فهل نفهم المعادلة و نتكلم بوضوح و نستفيد من اقتناص الفرص، لان الوقت يمر بسرعة، قبل ان ينكّب البلد و يتشضى الى اقسام يعمل لها البعض خلف الكواليس بصورة محمّومة.. و سيحدث ذلك رغماً عنا! لاننا لا نستطيع ان نحل او نساهم بحل، فما هو العمل اذاً؟
– الاجهزة الكاشفة مطلوبة بما فيها التقنيات الحديثة، و الاجهزة الامنية و الاستخبارية ضرورية للمحافظة على النظام و مواجهة الارهاب.
– ان الاخوة من ابناء السنة المنخرطون في اجهزة الدولة لا يحظون بالثقة و التقدير و طاعة ابناء المحافظات التي يدعّون تمثيلها.
فالمسألة اكبر من ان نستوعبها دون التفكير بايجاد حل يكون معجزة للمحافظة على بقاء العراق موحداً جغرافياً و شعبياً.. فماذا انتم فاعلون..؟
سنرى..
[email protected]
004369910381116