سؤال منطقي نسمعه طوال الوقت، و اكثرشيء عندما نفكر مع انفسنا و عند تأملنا في مستقبل هذا البلد وبعد تمعنا في معرفة مصير ابناءه .
بين فينة و اخرى، تخرج الينا و تطفي الى السطح فجأة و من غير سابق انذار مشكلة و قضية تصبح حديث الساعة، لا يعلم احد كيف يُحدَد و يُنظَم توقيت التفعيل المقصود و من سيعلن ساعة الصفر سواء داخل البلد او خارج الحدود، و من اجل هدف خاص و ليس للشعب العراقي فيه اية مصلحة . هذه هي حال العراق منذ مدة ليست بقليلة، و الشعب مصدوم من هذه الامور التي لا ناقة له فيها و لا جمل، و لم يحصل منها الا القلق و عدم الاستقرار و التخلف المستمر في شؤون حياته . و يعد كل ازمة، تنشغل الناس و يبدا الحديث و تخطط الجهات و تُطلب المواقف، و عليه تتراصف احزاب و تيارات و جهات و هي توحد مواقفها حسب متطلبات الساعة والمصالح الضيقة و استلزامات التنظيم و قراءة الوقت، مع الاخذ بنظر الاعتبار مواقف طلبات و الكبار من خارج الحدود و ما يملونه على الداخل. و من ثم تُصفى الحسابات وفق متطلبات المرحلة من كيفية و شكل تنظيم الجبهات الداخلية المهزوزة البنيان و الشكل، لتتصارع فيما بينها . و به تبقى العملية السياسية متراوحة مكانها و هي تتقدم خطوة و تتاخر خطوتين. اما ما يهم الشعب من حكم القانون و العدالة و توفير الخدمات الاساسية و الاحتياجات المعيشية الضرورية ستبقى في خبر كان، او ما بعد لو.
تراود كل مراقب مخلص لما يجري على ارض العراق مجموعة هائلة من الاسئلة التي لا يلقى جوابا لها حول مصير الشعب و مستقبله في ظل هذه الفوضى، ولو فكر في مصير اجياله و مستقبلهم وفق ما يتلمسه من نتائج ما يحدث في هذه المرحلة من تلقفه للافرازات السلبية لما يحدث، وهو يبني عليه توقعاته و حساباته، يتشائم و يمل و تسود الدنيا عنده . من حق هذه الاجيال ان تسال وهي تدخل عالم الخيال لما عنده من الطموحات و الاهداف النبيلة و هي تبتعد عن الواقع، و عليه تُنخر العقول المبدعة و تضمحل كل ما يمت بصلة بالابداع و التقدم المنشود .
السؤال المهم المتكرر دائما عند الفرد العراقي هو؛ بوجود كل هذه الخيرات الهائلة و الثروات الطائلة التي لا حد لها و الامكانيات الكبيرة و الارث التاريخي العظيم من الحضارة العريقة و التجارب و الخبرات من كافة الجوانب ، لماذا يُجبر هذا الشعب على الغوص في وحل الازمات و وضعه امام معوقات لم يجد لها الحلول الجذرية،و من يحكمه يخضع لاوامر المتخلفين من اصحاب المصالح من الجوار او الجهات العالمية، و بالتالي الخنوع و تنفيذ الاوامر الامرين وا لمطالبين لما يهم مصالحهم هم دون اي تردد .
بعد التعمق في تحديد السبب الرئيسي المقنع، لم نلق غير السياسة اللاعقلانية و المصالح الضيقة المختلفة الاشكال و الالوان على الرغم من تشدق الجميع بالتزامهم بالمصالح العليا لهذا الشعب و اعلانهم بكل بجاحة عن الاهداف الجميلة الا ان افعالهم لا تمت بها بشيء . ولو ان للوعي العام و ثقافة المجتمع دور هام و احيانا قاطع في اختيار من يحكم الشعب و الطريق التي يسلكها الا ان المؤثرين على توجهات العراق و من فيه اليوم و مدبري سياساته لم يدعو فرصة للشعب ان يختار ما يشاء بحرية . فهم من ينفذون مآربهم بدقة متناهية، بحيث يشوهوا الديمقراطية باسم الديمقراطية و بآلية من آليات الديمقراطية ذاتها، و ينبذوا الحرية بالحرية و الفوضى، و يضيقوا على القانون بالقانون، و يبعدوا العدالة الاجتماعية و المساواة بخرافات و تشويهات للحقائق . فهل من منقذ اذن، و هل يمكن ان نتفائل و نعتقد بان تصل هذه المرحلة وما نحن فيه من التشويه لقمتها ومن ثم تنقلب الاية، و اخيرا لا يمكن ان نعتقد غير ان يصح الا الصحيح في النهاية، فتبدا الخطوة الاولى المنتظرة من البداية الصحيحة . هذا كلام ليس بخيالي، و انما تجارب التاريخ و ما مر به العراق تدلنا على ما يمكن ان نتفائل و يجب ان نعتبر منها في استدلالاتنا و استشرافاتنا. فالسير على هذا المنحى في ادارة الحكم في العراق بهذا الشكل و الجوهر لو قورن من حيث المحتوى و الزمن الذي نحن فيه و المكان الذي نعرف ما جرى عليه، نعتقد بان المرحلة قصيرة و القضية او هذه المشاكل صغيرة جد، لو قورن علميا بما حدث من قبل هنا .
و في استنتاجاتنا الدقيقة، ليس لنا الا ان نقول ان العراق سينهض من جديد مهما فعلت الدخلاء و المصلحيين واصحاب الافكار الضيقة و ان لم تقف رجالات هذه الجهة او تلك في اعاقة كل عمل صحيح و في الاتجاه الصحيح، فهي مسالة وقت و الموجة الصحيحة المنتظرة ستقلع العُقد المعيقة للسير الصحيح، مهما كانت تلك العقد مستعصية .