22 ديسمبر، 2024 11:37 م

متى يستفيق العالم على الخطر الوهابي؟

متى يستفيق العالم على الخطر الوهابي؟

الارهاب ليس جديدا على العالم، يمتد جذوره الى عقود من السنين، فلو تصفحنا تاريخ المنطقة العربية بصورة خاصة، لوجدنا كم من هجمات ارهابية شنت على الشعب العراقي على سبيل المثال، انطلاقا من الجزيرة العربية التي سميت فيما بعد، بالمملكة العربية السعودية، بعد ان سيطر آل سعود بالقوة على الجزيرة العربية وضموا الحجاز بالقوة الى مملكتهم، واقترفوا ابشع الجرائم في منطقة الحجاز بالاخص في المدينة المنورة، بحق الذين رفضوا الانصياع لفكرهم التكفيري، وهي موثًقة على صفحات التاريخ، بعد تبنى أل سعود المذهب الذي جاء به محمد عبد الوهاب، لاسباب لا علاقة لها بالدين الاسلامي، انما كان الغرض منه هو الاستيلاء بالقوة على كافة ارجاء العالم العربي، وفرض المذهب الوهابي عليه. لقد شن الوهابيون في القرنين التاسع عشر والعشرين سلسلة هجمات على مدينة كربلاء العراقية ودمروا المدينة بالكامل مع المراقد الدينية، ودوَن المؤرخون، كيف ملئت شوارع وازقة كربلاء بجثث الضحايا. وحاول الوهابيون في نفس الفترة اجتياح مدينة معان في شرق الاردن، الا ان العشائر العربية ردتهم على اعقابهم، كما حاولوا غزو مصر وفشلوا ايضا.كل تلك الغزوات البربرية جاءت نتيجة لتشبع هؤلاء الغزاة البرابرة بالفكر الوهابي التكفيري الاقصائي، الذي يبيح قتل كل معارض لفكرهم الهمجي الرجعي. وعلى مر السنين خفتت تلك الاصوات التي تبيح اقتراف كل المنكرات بحق من يخالف معتقداتهم، وجاء هذا الخفوت نتيجة لانتشار الثقافة والوعي بين الشباب العربي.لقد برز التيارالوهابي الارهابي منذ ثمنينيات القرن الماضي من جديد، واستفحل وانتشر كانتتشار الجراثيم في الجو، واتشار النار في الهشيم، بحيث اصبح العالمان العربي والاسلامي موبوءآن بهذا الداء المميت، ومرتعان خصبان لارتكاب الجرائم الوحشية على اراضيه، بيد مجموعات ارهابية كالقاعدة وداعش، وهذان التنظيمان الارهابيان، يرضعان من ثدي واحد، وهو الفكر الوهابي. ان الذاكرة تعود بنا لجنبات التاريخ، عندما اجتاح المغول بغداد وعملوا فيها قتلا ونهبا وتدميرا للتراث والثقافة، لكن الهجمة الارهابية الوهابية الجديدة فاقت في وحشيتها وبشاعتها حتى الغزو المغولي القديم، كانت بداية  الهجمة التكفيرية الارهابية، في مصر، خلال ثمانينيات القرن الماضي، عندما طفت على السطح جماعة التكفير والهجرة التي اقترفت جرائم بشعة بحق المصريين عموما وبحق اصحاب الديانات الاخرى والسياح الاجانب خصوصا، بعد تبني هذه الجماعة المذهب الوهابي، ثم انتشر موجة الارهاب في ارجاء العالمين العربي والاسلامي، واخذت تمتد الى ارجاء العالم بشكل واسع، ابتدءا من الجزائر ثم تونس مرورا بالعراق وصولا لافغانستان وباكستان ودول اسيا الوسطى، كانت الاموال السعودية وبعض الانظمة الخليجية في تلك الاثناء، تغدق بشكل كبير على هذه الجماعات تحت غطاء الجهاد، لكن الجهاد ضد من؟ كان الارهابيون يتنقلون بحرية في هذه البلدان، ويجندون شبابهها للجهاد ضد ابناء البلدان التي ابتليت بهم!.ان القسوة والهمجية في التعامل مع المخالفين لهم بالعقيدة والرأي، جاءت نتيجة انتشار الفكر الوهابي، بين الشباب المسلم، الذي يعاني من ضياع فكري ويشعر بالغربة في اوطانه نتيجة للسياسات الحمقاء لحكام المنطقة التي اغلقت كل ابواب نشر ثقافة التسامح والحرية والمحبة والسلام بين افراد مجتماعاتها، وعجزت عن بناء انظمة يتمتع فيها المواطن بالحرية والعيش الكريم، كل هذه العوامل ساعدت على انتشار هذا الوباء.ان الاسباب الحقيقية لانتشار العمليات الارهابية في العالم التي تمارسها عصابات داعش، ما هي الا نتيجة حتمية لما تمارسها المؤسسات الدينية في المملكة الوهابية السعودية، حيث يبث دعاة الوهابية من على منابر المساجد حتى في صلاة الجمعة التي تقام في المسجد الحرام، الفتاوى المحرضة، على الكراهية والانتقام من الاخر الذي لا يتبنى فكرهم الاقصائي الرجعي المتخلف، الذي يعود الى القرون الغابرة، فالخطابات التي تذاع من على تلك المنابر، ومن على اجهزة الاعلام في السعودية، والبرامج الدراسية التي تدرَس في جامعاتها ومدارسها بالاخص الدينية منها، تحوي في طياتها،  تحريضا صريحا على القتل، بابشع الطرق والوسائل، فعندما يتم تكفير الاخرين المخالفين لمعتقاداتهم المنحرفه، يعني ذلك اباحتهم للقتل، ويصنف دعاة وأأمة الوهابية من على منابر مساجدهم، من يسمونهم، بالروافض المقصود بهم الشيعة اضافة للنصارى والمرتدين ويقصد بهم ابناء السنة الذين يأبون على تبني افكارهم الهمجية العدوانية وهم بالتأكيد يمثلون اغلبية اتباع هذه الطائفة الكريمة، يصنف الوهابيون كل هؤلاء الذين يشكلون الغالبية العظمى من المسلمين، يصنفونهم بالكفار والمرتدين، لذا يجب قتلهم حسب معتقدهم المنحرف! فما بالكم مع اصحاب الديانات الاخرى؟، ان المناهح التعليمية في جامعات المملكة ومدارسها التي يتعلم فيها الطلبة والتلاميذ، مناهج بعيدة كل البعد عن روح العصر وسمة التسامح الانساني هو السبب الرئيس لتبني اعداد من الشباب المسلم هذه الافكار المسمومة وانخراطهم في العمليات الجهادية، من خلال عمليات انتحارية يقتلون فيها مئات الناس الابرياء، ظنا منهم، بان الجنة وحور العين ستكونان باستقبالهم! وهذه الافكار الضالة نتيجة حتمية، لثقافة القتل والعنف التي يزرعها دعاة الوهابية في عقولهم، فلماذا اذن نستغرب من انتشار هذا المذهب صاحب الفكر المنحرف في العالم كالنار في الهشيم، وان الفاعل موجود بيننا ويغذي باستمرار عقول الشباب بهذا المنهج التكفيري المعادي لابسط حقوق الانسان في الحرية والحياة؟.استغرب كثيرا ويشاطرني هذا الاستغراب حتما ملايين البشر المكتوين بداء الارهاب والمهددين بفقدان حياتهم وحياة احبتهم، وتدمير حضاراتهم وثقافاتهم على يد هذه المجاميع الهمجية، اقول استغرب سكوت العالم المتمدن بصورة خاصة على دور الفكر الوهابي المغذي الاساسي للارهاب؟ لماذا لا يصنفون الوهابية ومتبني افكارها  الهدامة على لائحة الارهاب، ولماذا يلاحقون الفرع ويغضون الطرف عن المنبع والاصل، وهو يكمن عند اصدقائهم في المملكة الوهابية السعودية، وهناك أمر مهم آخر يدعو للاستغراب والتساؤل، لمذا تلوذ معظم المرجعيات الدينينة السنية في العالمين العربي والاسلامي وفي مقدمتها الازهر الشريف، بالصمت عن الجرائم التي ترتكبها عصابات داعش الارهابية، خريجة المدرسة الوهابية، او انها تصدر عنها أدنات خجولة لا ترتق مع هول وبشاعة تلك الجرائم؟  خصوصا ان تلك الجرائم ترتكب من قبل عصابات تدعي انها سنية!؟ بالرغم من ان معظم ضحايا العمليات الارهابية هم من ابناء السنة، لقد اقترفوا جرائم القتل وتهديم مساجد اهل السنة بشكل واسع في مدينة الموصل العراقية، بعد احتلالها، علاوة على هدم الآثار والمتاحف التي يعود تاريخها للآلف السنين ولا يمكن تعويضها ابدا، وقد تم تشريد مئات الالاف من العوائل في المحافظات السنية من ديارهم ويعانون الامرين في خيام لا تحميهم من زمهرير الشتاء ولهيب حر الصيف ونقص في الغذاء والدواء. كما امتدت جرائم هذا الاخطبوط الارهابي الى تونس ومصر وليبيا والجزائر ونيجيريا ومالي وغيرها من البلدان العربية والاسلامية، لاحظوا ان نشاطهم الاجرامي يتركز بصورة خاصة ضد المسلمين.في الفترة الاخيرة امتدت اياديهم الى قلب اوربا وقبلها كانت جريمة تفجير المركز التجاري في نيويورك، اذ ان جميع افراد المجموعة التي نفذت تلك الجريمة هم كانوا من السعوديين! اليس هذا دليل لا يقبل الجدل على ان هؤلاء تشبعوا بالافكار الوهابية، في المدارس السعودية، فعلام هذه التجاهل عن الدور السعودي في تصدير الارهاب الى العالم؟.ان السعودية تصرف سنويا ملايين الدولارات على بناء مساجد في اوربا وفي الولايات المتحدة وآسيا وافريقيا، بذريعة تمكين الجاليات الاسلامية من اداء شعائرهم الدينية فيها، لكنها في الحقيقة هي عبارة عن بؤر لتخريج الارهابيين، فهل ان رائحة البترول كمت الافواه وسدت الآذان عن نبع الارهاب؟ وهل ان دماء العرب والمسلمين والاوربين والامريكان والافارقة، هي ابخس من البترول؟ لماذا اذن السكوت عن دور المملكة الوهابية في تصدير الارهاب الى العالم؟ هذه المملكة التي تفتقد الى أي نوع من انواع المؤسسات الدستورية المدنية المنتخبة، ويفتقد ابناء الجزيرة العربية لابسط مقومات الحياة الحرة فيها، فلا اثر للحياة الحزبية ولمنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية في المملكة، اضافة الى ضرب اعناق المعارضين لنظامهم بالسيوف في الساحات العامة، كما تعج سجونها بالعشرات من الشباب المتنور من سجناء الرأي، الذين يتعرضون الى الجلد امام الملأ لتخويف ألاخرين من المطالبة بحقوقهم المشروعة التي تنص عليها المواثيق الدولية، فأين المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان من هذه الانتهاكات بحق ابناء الجزيرة العربية؟ ولماذا يصر الغرب على مجاملة هذا النظام الرجعي العائلي المتخلف الذي لا يكف عن سياسة تصدير الارهاب والتكفير للعالم؟ وهل الغرب بحاجة الى تقديم المزيد من الضحايا من ابنائه، مثلما حدث قبل أشهر في باريس وحدثت قبل أيام الجريمة المروعة في بروكسل، التي اقترفتها عصابات داش الارهابية، ربما ستحدث عمليات ارهابية مماثلة في نفس البلدان او في بلدان غربية اخرى، كي يستفيق ويصحو الغرب؟  للخطر الآتي من النظام الوهابي في الجزيرة العربية، وارجو ان لا تكون تلك الصحوة متأخرا لتجنب اراقة المزيد من دماء مواطنيها ومواطني البلدان الاخرى.