يعد الأقتصاد الأحادي الجانب كما في الأقتصاد العراقي الذي يعتمد على سلعة النفط كمورد رئيسي للبلاد فقط ، أقتصاد خطير ليس لكونه وحيد الجانب فحسب ، بل لأن بضاعة النفط التي يعتمد عليها الأقتصاد العراقي ، معرضة للتغيير في السعر بين أرتفاع وهبوط وبين مد وجزر! والذي تتحكم به الدول الكبرى0 ومن المعروف أن الأقتصاد والسياسة صنوان لا يفترقان وأحدهما يتأثر ويؤثر بالآخر ولأن الواقع السياسي في البلاد سادته الفوضى وعدم الأستقرار وكثرة الأزمات من بعد الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاشم للعراق أضافة الى عدم وجود التخطيط السليم والنظرة والرؤية الموضوعية من قبل الحكومات التي قادت البلاد ، أنعكس ذلك كله وبشكل طبيعي على الوضع الأقتصادي للبلاد! ، فعانى الأقتصاد العراقي من التذبذب وعدم الأستقرار كما وأنه تعرض الى هزات كبيرة أنعكست بشكل مباشر وسريع على الوضع المعاشي للمواطن الذي عانى الأمرين من الفقر والجوع والحاجة وأرتفاع الأسعار ، وكذلك على شريحة الموظفين تحديدا التي صارت رواتبهم تحت رحمة بيع النفط وأسعاره! 0 وفي الحقيقة أن عجلة الأقتصاد العراقي التي تدور في الهواء!! منذ سنوات وعقود وتحديدا العشرين سنة الأخيرة سوف لن تتحرك وتدار بشكل أيجابي وصحيح وسليم ومنتج ، مالم تكن هناك ثورة تنموية وأقتصادية كبيرة ، وهذه بدورها لن تكون مالم تكن هناك أستثمارات كبيرة وضخمة في العراق0 لقد حاولت الحكومات المتعاقبة منذ 2005 وعلى مدى أكثر من عقد من الزمان ولحد الآن أستقطاب رؤوس الأموال والشركات العربية والأجنبية الكبرى ودعوتها للقيام بمشاريع أستثمارية كبرى بالعراق من خلال المؤتمرات التي عقدت في بغداد وباريس ولندن وواشنطن ، وقد أبدت المئات من الشركات تلبيتها لتلك الدعوات ورغبتها الجادة والصادقة وذلك لوجود فرص عديدة ومتنوعة للأستثمار في الزراعة والصناعة والسياحة والتكنلوجيا وحتى الدفاع وغيرها الكثير ، ولكن كل المحاولات والرغبات باءت بالفشل بسبب تردي الواقع الأمني الهش وغير المستقر وتحديدا رسائل الدم والموت التي كانت تبعثها الأنفجارات هنا وهناك وفي هذه المحافظة وتلك والتي كانت عائقا وحالت دون مجيء تلك الشركات للأستثمار بالعراق 0 ومن الأسباب الأخرى التي أدت الى عدم وجود بيئة أستثمارية ناجحة وآمنة في العراق ، هو عدم وجود القوانين السهلة والميسرة التي تغري الشركات للقدوم الى العراق ومنها قانون الأستثمار لسنة 2006 الذي يحتاج الى مراجعة دائمة ومستمرة لتعديل بعض فقراته بما يناسب ويشجع تلك الشركات ، وكذلك البيروقراطية الأدارية المدمرة التي تعتبر أحد الأمراض المزمنة في الجسد الأداري العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد الآن! ، والأهم في سبب عدم مجيء الشركات للعمل والأستثمار بالعراق ، هو فساد غالبية المسؤولين والوزراء وطلبهم الرشا والكومشنات من قبل الشركات التي تتقدم بمشاريع أستثمارية ، من أجل مصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم والجهات السياسية التي ينتمون أليها! ، هذه الأسباب كلها ساهمت بشكل كبير في عرقلة تنفيذ أي مشروع أستثماري بالعراق ، لذا لم نسمع منذ 2003 ولحد الآن عن أقامة مشروع استثماري كبير وضخم قامت به أحدى الشركات العالمية الكبرى ، فقط ما نسمعه هو في المشاريع النفطية تلك المشاريع التي يحيطها الكثير من الغموض ويغلفها الفساد بشكل كامل!! ، وكذلك أقامة الجامعات والمدارس الأهلية والمستشفيات الخاصة والمولات الضخمة والمطاعم الكبيرة حتى صار في المنطقة الواحدة أكثر من مول واحد ومئات المطاعم الكبيرة في ظاهرة غريبة تلفت الأنتباه!!، ويرى الكثير من المتابعين للشأن العراقي والأقتصاديين على أن أقامة كل هذه المولات والمطاعم والجامعات والمدارس الأهلية هي بحد ذاتها عملية غسيل للأموال المسروقة والمنهوبة من العراق!!؟ 0 الذي نريد أن نقوله هو أن توفير الأجواء الآمنة ، ووجود القوانين الأدارية البعيدة عن البيروقراطية والقوانين الأستثمارية السهلة وغير المعقدة مع توفر باقي الخدمات الأخرى وقبل كل شيء الأجواء السياسية الهادئة البعيدة عن التناحر بين مختلف الأحزاب والكتل السياسية كل هذه الأمور اذا توفرت فأنها بالأكيد ستخلق بيئة أستثمارية خصبة ومشجعة من شأنها أن تعجل وتغري الشركات الأستثمارية الكبرى للقدوم الى العراق 0 ولكن الحقيقة المؤلمة في الأمر هو أن الدولة العميقة !! التي تدير كل هذا العالم وتخلق الأضطراب في هذه الدولة وتسقط هذا النظام ، ومعها محور الشر الذي تقوده أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأسرائيل وكل الدول التي تتحالف وتتعاون معها من الدول المجاورة والمحيطة بالعراق كلها تقف وتمنع قيام أية مشاريع أستثمارية تخدم العراق وتجعله ينهض من جديد! ، فالعراق وحسب ما مخطط له من قبل محور الشر الأمريكي والبريطاني وكل الدول المتحالفة معهم ، يجب ان يبقى على حاله الممزق ويدور في نفس أزماته السياسية والأقتصادية وبقية الأزمات الأخرى مع أستمرار خلق الفتن والأضطرابات والحروب الأهلية الداخلية فيه ( كما في ظرفه الحالي وأزمته السياسية التي تنذر بالكثير من المخاطر) ، فكل ما تطلبه دوائر صنع القرار العالمية من العراق منذ الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاشم عام 2003 ولحد الآن هو تصدير ما ينتجه من النفط والذي يقدر قرابة 5 مليون برميل يوميا فقط ولا غير ذلك وليذهب العراق وشعبه الى الجحيم!! 0 أن أصرار محور الشرالأمريكي البريطاني الذي أشرنا أليه آنفا بجعل العراق بلد غير آمن في ظل طبقة سياسية فاسدة ، مع استمرار أستفحال الفساد فيه وتأمين الفاسدين من الملاحقات القانونية ومن أية عقوبات تصدر بحقهم ، يجعل من موضوع الأستثمار في العراق أمرا مستحيلا ، ويلغي من مخيلتنا حتى فكرة أن نحلم بذلك! 0 فما مسموح به وحسب رغبة محور الشر الأمريكي البريطاني من العراق هو أن يحافظ على تصدير نفطه فقط ولا غير ذلك! ، والى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا0