23 ديسمبر، 2024 5:41 ص

متى نُقدر ذاتنا (عراقنا)؟

متى نُقدر ذاتنا (عراقنا)؟

هناك فكرة شائعة تقول ان تدني تقدير الذات يضر بالصحة النفسية، ويؤثر على السياسة العامة، يذكر سكوت ليلينفيلد ومجموعة من الباحثين في كتابهم ” ٥٠ خرافة في علم النفس” لقد مولت كاليفورنيا عام ١٩٨٦ صندوقاً لأنفاق على فريق مهام لتقدير الذات، والمسؤولية الشخصية والأجتماعية بتكلفة وصلت إلى ٢٤٥٠٠٠ دولار سنوياً، كان هدف الفريق هو فحص العواقب السلبية لتدني تقدير الذات، وان بجد وسائل لعلاج تلك العواقب.

كان المقترح الاول لفكرة تكوين هذا الفريق رجل البرلمان جون فاسكونسيلوس، الذي نادى بان النهوض بدرجة تقدير الذات لدى مواطني كالفورنيا، من شأنه ان يساعد على اعادة الاتزان لموازنة الولاية *
إذن الفكرة تتمحور حول تعزيز قيمة الذات، فهي تغذية مستمرة للعقل الباطن بافكار إيجابية، تنتهي إلى عادات وسلوك، وتترجم فيما بعد إلى استحقاق، فالشعوب التي تقدر ذاتها أفضل تقدير، يرتفع استحقاقها تلقائياً، لكن هذا لايعني انه يُسمح لها ان تلغي ذات الآخر، ففي رحلة بناء الذات والتي تبدأ من الفرد انطلاقاً للمجتمع، عليها ان تعي ان للمجتمعات الأخرى ذات وعليها ان تحترم ذلك، وإلا سيشهد العالم فوضى ( اثبات للذات) أو لنقل عمليات استباقية، تقوم بها دول تقدر ذاتها بشكل هستيري، وتتخيل كل مايدرو حولها استهداف مباشر لها، وهو استعراض للعضلات اكثر من كونه تهديد حقيقي، لان صناعة الحروب بحاجة إلى سوق منتعشة بالأزمات، وإلا فان البضاعة ستشكو الكساد بالطبع، اضافة للحروب المفتعلة لابد من show بين فترة وأخرى، لحلحلة البورصة واسهم العملة والنفط!

لانقول انها فكرة حق، اريد بها باطل لكنها لا تحتمل الطيش في التنفيذ، فتقدير الذات فكرة تدعو إلى تقديس الذات وبناءها على أسس قوية، وهي تبدأ من الذات الفردية لتنعكس بالنهاية على المجتمع، وبالتالي تصبح سمة للشعوب، فالاعتداد بالذات والثأر لها، عندما يحاول الآخر الانتقاص منها امر يدعو للفخر ، ان تقدير الذات ينبع من الشعور بالاستقلالية والاكتفاء بها، وعدم الحاجة لالتصاق بالآخر، فالتقدير للذات لايستجدى ولا يُعطى!

تقدير الذات اشبه بنواة الذرة، تبدأ صغيرة ثم تتكون بعدها وعليها اجزاء الخلية الأخرى وتلتحق بها، فكل شيء يبدأ بنواة، وكل نواة تبدأ متى ما قررت ان تقدر ذاتها وتتحمل مسؤولية البناء، ونحن نشهد اليوم المئة للمظاهرات التي تمثل نواة التغيير، والتجديد.
وعليه يجب ان تتمسك هذه النواة بعراقيتها بقوة، ولا تسمح للأهواء والإرادات الخارجية التلاعب بها، وسرقة مجدها، على التظاهرات ان تحسن تقدير ذاتها وتفرز كل مما شانه ان يشوه صورتها، وان تتمسك بقرارها، ولا تجعل من ذاتها مجرد دمى فاقدة للقرار، تحرك خيوطها شخصيات افتراضية، تملئ العالم الرقمي بعوائل لا طائل من ورائه، لا يتجرء احد هؤلاء ممن تضج بهم مواقع التواصل ان يخطو خطوة واحدة في ساحة التحرير٠

على ابناء العراق اليوم ان يكونوا اسياد الموقف، وأصحاب القرار، وان يعملوا على تحقيق السيادة المنتهكة، بسبب صراع الإرادات الخارجية على ارض العراق٠

———————————

• سكوت ليلينفيلد وستيفن جاي وجون روسيو : اشهر ٥٠ خرافة في علم النفس، ص٢٤٢