7 أبريل، 2024 8:24 م
Search
Close this search box.

نظرة في شخصية السياسي العراقي خلال قرن

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم تعد مسألة دور السياسي في العراق موضوعة للبحث الاكاديمي المجرد ، أو عنوانا صحفيا عابرا يقرأه من يريد إضاعة الوقت عند فنجان القهوة الصباحي ، أو مثار حديث منفلت في فضائية لا تعرف هويتها أو نواياها ، أو سببا في نحيب أم راح ابنها ضحية حرب عبثية أو جريمة اغتيال سياسي ، أو شقيق لأخرى غييبته الطائفية ، أو صار أخا لمواطن في غياهب السجون والمعتقلات منذ نقرة السلمان دون ذنب أو محاكمة ، أو مجال لفساد قام به هذا السياسي أو ذاك الزعيم ، أو بالجملة خراب بلد بأكمله راح ضحية من ابتلى به كرسي الحكم أو منصب الرئاسة ، أو ضحية لمزور شهادة ، أو سارق لقب علمي تصدر منصب العمادة ، إنما صار السياسي العراقي مثار سخط شعبي عارم ومحلا للاتهام ، وحتى الاتهام بالخيانة العظمى ، لما كان له ولا زال من دور مخرب وفساد متناوب بين الجميع طيلة قرن من الزمن ، وبرغم التطور النسبي الذي شهده العراق في بعض الفترات جراء غناه وتعدد مصادر ثروته لا جراء كفاءة وقدرة من تصدر مشهد السياسة والحكم ، ولو أجرى أي باحث اقتصادي في علم الاقتصاد المقارن مقارنة لدول في العالم تملك إمكانيات وثروة العراق المادية والبشرية لوجد أن نسبة تطور بلدنا لاتغادر ال 4 بالمئة بالقياس إلى ما وصلت إليه دول أخرى أقل نسبة في الثراء والموارد في بحر قرن ، والعيب فينا نحن بالجمع وفي السياسي كفرد ،
أن السياسي العراقي منذ حكم جنرالات الأستانة عند ولادة الدولة عام 1921 ، هو ليس بسياسي محترف ، هو جنرال عراب للاحتلال البريطاني للعراق عام 1917 ، كما هم اليوم عرابوا الاحتلال الامريكي عام 2003 ، وقد كان أولئك الجنرالات سليلوا الإقطاع فأنشأو دولة العشيرة التي تقاسمت مع الملكية( الثروة والسلطة والجاه ) وهي ثالوث الحكم الغاشم في العراق ، وكانت الدولة تدار بعقلية البدوي المتسلط أو شيخ العشيرة المتورط ، وهكذا تم حصر التجارة بأبناء الاقطاعيين من الرأسمال الزراعي على حساب الفلاح، وكانت العوائل المالكة للمال الاقطاعي قد انتقلت إلى المدن لتمسك بالمال التجاري ، وكان لدى الإقطاعيين 80 بالمئة من الأراضي الزراعية ليلة 14 تموز عام 1958 ، وبرغم المنجزات التي قدمتها الثورة إلا أن الدولة كانت دولة العسكر ، للفترة من 1958 إلى 1968 ، إذ صار فيها الجنرال رئيسا للوزراء ، وكان فيها جنرال اخر وزيرا للمعارف ، وجنرال ثالث رئيسا لمجلس السيادة ، وقد كانت البرجوازية العسكرية مؤدلجة بعقائد حزبية تبادلت بينها التهم والعيارات النارية ، وبعد اغتيال ثورة تموز على يد عسكر البعث انقلب عسكريا عبد السلام عارف على حزب البعث ، واستمرت المغامرات العسكرية تحت حكم الجنرالات من القوميين العرب ليصبح من هو مقدم في الجيش وزيرا للخارجية ، أو ليتأمر الجنرال عارف عبد الرزاق وهو رئيسا للوزراء وقائدا للقوة الجوية على عبد السلام أو لينقض بطائرته الحربية على القصر الجمهوري ليغتال الجنرال عبد الرحمن عارف رئيس الدولة( رئيس الوزراء ينقلب على رئيس الدولة): ، فقد كان جنرالا متمردا امتهن السياسة متأمرا ، وهكذا كانت دولة الثكنة حتى انقض عليها حكم البعث الثاني في العام 1968 ، ليبدأ عصر الدولة الثالثة دولة المنظمة السرية الخارجة من سراديب البعث وأوكار منظمة حنين ، ليتم عندها انتزاع سلطة العسكر المحترفين وتقام على إثرها سلطة الجنرالات الوهميين ، فصار خريج معهد الصناعة العالي جنرالا . والعريف فريقا ، والكل على أكتافهم شارات الأركان من المهيب حتى اغبى انسان ، وصارت المنظمة السرية تصول وتجول تصنع السياسات وتقيم العناوين والإدارات وصار السياسي من بين الشقاوات وصارت المنظمة (كالزلنطح ايطلع راسة اوينطح) والجولة تمضي بقوة المخابرات ، والمعلم فيها سفير للبلاد ، وعضو الفرقة قائم بالأعمال ، ويستمر القائد الضرورة متعاليا على الجميع فدخل تارة إيران وحطم تارة أخرى اسوار الفحيحيل وسرق الطاوة والفنجان ، وانتهت حروبه بدخول الامريكان ، وخييم علينا بعدها عصر الدعوة والإخوان وأصبحت السياسة بيد المعمم أو شيخ الديوان ، لتنهض عندهم دولة موازية لدولة العراق إلا وهي دولة عميقة تمسك بتلابيبها تارة امريكا وتارة إيران ، وصار كل من هب مع الريح أو دب مع القطعان سياسيا ماهرا يحكم بلا هدف وبلا عنوان ، تلكم هي السياسة على مساحة قرن يتداولها جنرال الأستانة بلباس مدني أو شيخ بعقاله التقليدي ، والعراق في جمهوريته الأولى انقلب الاقطاعي على الزعيم لانه أنصف الفلاح وتأمر القوميون مع الغرب لقتل الزعيم لانه حافظ على أموال المساكين وفقا لقانون رقم ثمانين، وفي الجمهورية الثانية صار السياسي من العسكر ، وفي الجمهورية الثالثة كان السياسي من منظمة سرية تحولت إلى بعث حرق اليابس والاخضر ، أما جمهورية رجل الدين فهي الرابعة فلا بأس عندها أن يكون السياسي فيها معمما أو خريج ثكنات القاعدة أو أكذوبة داعش ، والكل على مساحة القرن يدعي أنه هو السلطان الأمهر وبدونه لا تقوم الدنيا ولا تعمر ، وأنه هو الدولة كما قالها لويس الرابع عشر ، وينسى الكل أن السياسة فن الممكن ، وعلم إدارة الدولة ، لا عمل شيخ عشيرة أو جنرال يتبختر ، ولا شغل رجل دين يدعو للصلاة واليوم الآخر ، أنها كفاءة المتخصص بالاقتصاد والقانون وعلم السياسة وعلوم الحساب والجبر ، أنها علم التخطيط لا علم اللسان السليط ، أنها علم الابتكار لا طريقا للانتحار ، وهذا كل ما عمله السياسي طيلة قرن في ظلمة الليل ووضح النهار ،
وأخيرا بعد هذا العرض المبسط لتاريخ العراق الحديث ،نحن بحاجة (بعد طول انتظار ) لدولة مدنية ، المساواة فيها لكل العراقيين ، لا دينية لا عسكرية لا عشائرية وآخيرا يعاد فيها كتابة التاريخ ، لتكون دولة مدنية همها بناء الإنسان وصنع الرفاهية ، وهذا ليس بحلم فالعراق يملك كل الكفاءات العلمية وخامات الكرة الأرضية ، وليكتب بهذا كل من تنبأ بقادم الايام وكل حليم تكفيه أشار. الإبهام …..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب