23 ديسمبر، 2024 9:07 ص

متى نعتدي على المعلم بالضرب؟

متى نعتدي على المعلم بالضرب؟

منذ سنين طويلة والمعلم يحمل قيمة كبيرة في نظر المجتمع وهذه القيمة جاءت من تاريخ اختزل فيه سيرة التعليم بكل الصيغ السابقة حتى وصلت الى التعليم بالطرق الالكترونية.

ولا زال الكثير منا يحمل في ذاكرته اسماء الذين علموه بصدق واخلاص وتحرص بعض الدول على ان يكون هناك وضع مادي خاص للمعلم بشتى مراحله ولا يقاس به أحد باعتباره الاصل الذي انطلقت منه حياة المجتمع نحو النور والمعرفة.

ومما يؤسف له ان هذه القيمة قد نزلت في اعين بعض المجتمعات ومنها المجتمعات العربية الى درجة أصبح النور الذي يمثله المعلم اثرا بعد عين فلا احترام ولا تقدير للمعلم بعد ان أصبح البعض ينظر الى هذه المهنة نظرة سلبية والى اهلها بشكل ملؤه الازدراء والجفاف.

ولا يوجد من يدعي ان المعلم شخص فوق القانون او انه يحق له ما لا يحق لغيره لكن عاقلا لن يفكر في ان يسلبه صفة الفضل التي حازها بتعليمه الا إذا فقد الانسان عقله.

وقد يبالغ الانسان احيانا فيحاول ان يدعي ان هذه المكانة مدخولة وان مخالفات الناس يجب ان تسوى بعيد عن القيم التي يحصلون عليها بسبب الصفة فمن كان جنديا فهو مسؤول امام الناس عن حماية الارواح فان قصر في ذلك فعليه مسؤولية جزائية لا يلغيها ان تاريخ الجنود عندنا زاخر بالتضحيات، وهكذا بقية المهن.

وبناء على هذا الاصرار في التعامل الجنائي يبقى المعلم ضمن الامة التي تخضع للقانون والجزاء، ولكن اين هي جريمة المعلم ؟؟؟

وعندما نسال اهل القانون عن جريمة المعلم فان الجواب سياتي سريعا عن المعلم وعن غيره وهي انه لا جريمة الا بقانون فمتى خالف المعلم عرفنا ما هي الجريمة لأننا سنستند الى القانون فقبل تحريم الخمر لم يحاسب في الاسلام شخص شرب الخمر لأنه لا جريمة الا بقانون ومتى اصبح شرب الخمر جريمة فسوف نسال عن العقوبة.

وقبل مدة ليست بعيدة تم الاعتداء على معلمات ومديرة لأحدى المدارس من قبل مجموعة من النساء وتم استخدام الادوات الجارحة والتهديد بالسلاح وقد تكرر هذا الحدث في عدة اماكن فقد تم اغلاق عدد من المدارس في عدة محافظات ومنها بعض احياء مدينة النجف الاشرف وقد تكرر ان من قام بهذا الامر من النساء …بل ان البعض من المدارس قد تعرض للحرق.

وعندما كنا نبحث عن المتهم كان الجواب انه لا جريمة الا بقانون فما هي جريمة المعلم في تلك المدارس؟

ان المتوقع في الجواب عدة امور منها ان المعلم قد قام بالتسبب في الاعتداء على طالب او تلميذ وما شاكل او انه تجاوز عليهم بالسب او انه ابلغ عنهم الادارة وتسبب في طردهم من قاعة الامتحانات بسبب الغش في الامتحانات وغيرها من التهم المتكررة.

والسؤال هو هل هذه تهم تسبب حرق المدارس والاعتداء على العاملين في المكان ومنع المدارس من الدوام؟؟؟

وفي الاسبوع الماضي كنت اتحدث الى صديق من اصدقاء الطفولة وتكلم عن تجربته التي قضاها لمدة سنتين في مدرسة اعدادية وكيف ان بعض الطلبة كان ينام اثناء المحاضرة ولا يستطيع هو او غيره ان يعترض لان مدير المدرسة طلب منه تجنب الاحتكاك بالطلبة في مثل هذه الامور وان عليه ان يكمل المادة بشكل ودي حتى لا يتعرض للمشاكل.

ومن هذا الامر وامثاله نفهم كيف يفكر البعض من الناس فهم يعتقدون ان المعلم مسؤول عن تصرفاته بشرط ان نحدد نحن العقوبة المناسبة.

فلو افترضنا جدلا ان استاذا او استاذة اعتدت بالضرب على طالب او طالبة فهل يحق لنا ان نعاقبها بالتهديد بالقتل او بحرق المدرسة او بإغلاق المدرسة فإننا اذا اعترفنا بالجريمة فسوف نخضع للقانون وليس للآراء الشخصية وما يتم العمل به في عقوبة البعض من الناس ومنهم المعلمين هي اراء شخصية لا تمت الى الاخلاق بصلة ولا الى الاعراف فان الانسان المعتدى عليه من واجبه الا ينسى القاعدة القانونية وهي ( لا جريمة الا بقانون) فاذا عرفت جريمة المعلم فاين القانون وكيف يطبق ؟؟.

فما يشهده البلد الان من اعمال هي تسلط بسبب الحق في الرد الذي جعل بعض الناس تتجاوز حدود المعقول لتذهب وراء التشفي والعدوانية.

ولابد هنا ان نطالب بقانون متوازن يحفظ كرامة المعتدي والمعتدى عليه فان الاثنين من ضحايا العدوانية التي انتشرت مخالبها في جسد المجتمع نتيجة المال الحرام الذي ملا بطون كثير من الناس فأنساهم التفقّه في دينهم والعودة الى الصراط المستقيم.