23 ديسمبر، 2024 12:36 ص

متى نبني الانسان

متى نبني الانسان

عندما زار وفد من الحوثيين المرجع محمد اليعقوبي في النجف الاشرف قبل
الاحداث التي عصفت باليمن مؤخراً طلبوا منه نصيحة فقال لهم كلمة كانت
منهجاً لمسيرتهم وحصدوا منها الكثير من النتائج الايجابية فيما بعد وهذه
النصيحة كانت ( عليكم ببناء الانسان) قد تكون كلمة بسيطة ونتداولها
بسهولة في جلساتنا ومنتدياتنا ونقاشاتنا ولكنها كلمة عظيمة تبنى عليها
مستقبل الشعوب ونظافة وصحة المجتمعات الانسان هو الأرضية التي نؤسس عليها
كل بناء ونشيد عليها كل الخطط سواء على المستوى الفردي أو الجمعي لقد
بنينا البيوت والقصور والعمارات والسيارات والارصدة والشركات ولكننا لم
نبني الانسان حتى ذواتنا التي أعتقدنا أننا بنيناها أنهارت بمواجهة أدنى
العواصف الابتلائية فسقطنا في أوحال الفساد بكل أشكاله وللنفس الامارة
بالسوء مبرراتها التي تزين لنا فسادنا وتجمله وتحسنه فلا تغرنكم مبرراتها
، إن نظرة خاطفة لمجتمعنا العراقي نجد أنحدار كبير في المستوى الاخلاقي
وفي الالتزام الديني والقيمي و أحتقار الانسان لقيمة الانسان حتى أن
القتل بات لأسباب تافهة كتشجيع فريق كرة قدم أو نزاع على قطة أرض أو خلاف
على شخص القائد من قبل المقود وتنامي الانتماء القبلي على حساب الانتماء
الديني والوطني واذا بحثنا في الاسباب والعوامل فسيطول بنا المقام ولكن
يكفينا اليوم أن نشخص الداء و العلة لنعرف العلاج ونسير في الشفاء السؤال
الذي يجب أن نجلس لبحثه ودراسته هو كيف نبني الانسان ومن المسؤول عن أداء
هذه المهمة الكبيرة ربما الاجابة تكون بسيطة اذا قلنا كما يقول الوعاظ :
أبني ذاتك وقوم نفسك فاذا بنينا أنفسنا وأصلحناها فسيصلح المجتمع ، وهذا
حق فأن لم نبني ذواتنا ونصلحها كنا قاصرين عن بناء الاخرين وإصلاح
المجتمع ولكن يجب أن تكون هناك حركة أعمارية لبناء المجتمع أي بناء
الانسان الاخر واللبنة الاساسية لبناء المجتمع لنحصد نتائج تأتي بالخير
علينا وعلى وطننا وأمتنا اليوم ونحن نشهد نهائيات كأس العالم لكرة القدم
نشاهد المنتخبات العالمية التي أعدت فرقها ضمن خطة محكمة وتخطيط
أستراتيجي نراها تحصد النتائج بسهولة أما من لم يبني فريقه بناءً محكماً
وأعتمد تجميع المهارات المتوفرة فلن يقاوم وسيخسر الرهان منذ الدور الاول
فبناء لاعبين بمستوى كأس العالم يحتاج تخطيط منذ الصغر وهذا ما نحتاجه
اليوم لمجتمعاتنا بناء جيل نظيف صحي وطبعاً لسنا معزولين في جزيرة واما
نحن نعيش اليوم في قرية صغيرة والمؤثرات السلبية أقوى و أكثر جذب وأقرب
للنفس وللشهوات والانسان عبارة عن شهوة وغريزة يناضل العقل ويكافح لكبح
جماحها فاذا كان العقل أصلاً مغلف بالجهل فسيكون مقود لهذه الشهوات اذن
الحدي كبير ويحتاج الى عمل مشترك من كل الاطراف المؤثرة في هذا المجتمع
ابتداءً من الدولة ومؤسساتها والسلطات الدينية والقضائية والاعلامية
ومنظمات المجتمع المدني والمثقفون والناس البسطاء وكل عضو في هذا المجتمع
له مسؤولية بمساحة ما فأن أغفلنا هذا البناء سينهار كل بناء ودمتم سالمين
.