منذ احتلال العراق في العام ٢٠٠٣ توالت على مناصب رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، والوزراء أسماء عديدة تحمل جنسيات أجنبية، الأمر الذي يشكل ظاهرة شاذة على مستوى العالم.
وتبدو هذه الظاهرة شديدة الغرابة في بلد كالعراق ظل على مدى أكثر من ثمانين عاماً منذ تشكيل الدولة فيه لا يسمح بازدواج الجنسية لمواطنيه، حتى جاء هذا الإزدواج مع عودة عدد ممن يسمون معارضين ومعهم جنسياتهم التي حصلوا عليها عند وجودهم في هذه الدولة أو تلك.
وحين صدر الدستور الحالي في العام ٢٠٠٥ نصت المادة (١٨) منه على جواز تعدد الجنسية للعراقي، وأوجبت على من يتولى منصباً سيادياً أو أمنياً رفيعاً التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة، على أن ينظم ذلك بقانون.
وعلى مدى خمسة عشر عاماً سمعنا بين حين وآخر أصواتاً خافتة نادت بإصدار القانون المنتظر الذي يحدد ( المناصب السيادية الرفيعة ) وإجراءات التخلي عن الجنسية وما إلى ذلك من إجراءات تنظيمية، فيما يظل المبدأ – وهو منع تولي هذه المناصب من قبل حاملي الجنسيات الأجنبية – أساساً لا جدال فيه، ثم خفتت تلك الأصوات، وقيل في حينها أن عدداً المسؤولين ممن يضر القانون الواجب إصداره بمصالحهم، وهو أمر متوقع، فكيف ننتظر من رئيس مجلس وزراء أجنبي الجنسية أن يحيل إلى البرلمان مشروع هذا القانون، ثم يتعرض في البرلمان لمصالح عدد لا بأس به من النواب الأجانب – من بريطانيين وأمريكان وإيرانيين ودانماركيين وغيرهم ! – ثم ننتظر من المجلس أن يقر القانون ويرسله إلى رئيس الجمهورية -البريطاني أو الأمريكي!- ليصادق عليه ويصدره ؟!.
وكلما تردد الإستغراب حول عدم تطبيق مبدأ ازدواج المسؤولية جاء الجواب جاهزاً: إن ذلك يتطلب إصدار قانون ينظم تطبيقه.
إن التغافل عن إصدار القانون المطلوب يمثل استخفافاً بالمصلحة الوطنية التي لا تحتمل أن تدار المصالح العليا للبلد من قبل من حمل جنسية أجنبية وأدى قَسَم الولاء لدولة أخرى، ويتحمل مجلس النواب بالدرجة الأولى المسؤولية الوطنية والأخلاقية عن المماطلة وتعطيل نص دستوري آمر جاء بصيغة الوجوب وتعالت أصوات المتظاهرين المنتفضين مطالبة به.