أهوار العراق هي مناطق سبخات في جنوب العراق عند ملتقى نهري دجلة والفرات. تشكل الأهوار في الجنوب الحوض الطبيعي لنهري دجلة والفرات وتوابعهما، وتكونت منذ آلاف السنين من تغذية هذين النهرين، وأهم هذه الأهوار أهوار الجبايش في ذي قار التي تعد أكبر مناطق أهوار جنوبي العراق وتبلغ مساحتها نحو 600كم2، فضلا عن أهوار الحمار والحويزة ومجموعة أخرى من الأهوار والمسطحات المائية المتصلة تقريبا ببعضها وموزعة على محافظات البصرة وذي قار وميسان على أرض تزيد مساحتها على ثلاثة ملايين دونم جنوبي العراق.
ويعيش سكان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مصنعة في الأهوار، ويستخدمون نوعا من الزوارق يسمى بالمشحوف في تنقلهم وترحالهم.
للأهوار تأثير إيجابي على البيئة فهي تعتبر مصدر جيد لتوفير الكثير من المواد الغذائية من الأسماك والطيور والمواد الزراعية التي تعتمد على وفرة وديمومة المياه مثل الرز وقصب السكر.
ويعتقد البعض أن المنطقة هي الموقع الذي يُطلق عليه العهد القديم “جنات عدن”. وتشير الدراسات والبحوث التاريخية والأثرية إلى أن هذه المنطقة هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم وتوضح ذلك الآثار والنقوش السومرية المكتشفة.
ظهرت فكرة تجفيف هور الحمار في تقرير وليم ويلكوكس عام 1911 عندما اقترح تنفيذ ربط نهاية نهر الفرات في منطقة الطار مع مخرج هور الحمار في مدينة الجبايش ووضع سداد لهذا المجرى على الجانبين ليحرم هور الحمار من أهم مصادره المائية ونفذ هذا المقترح في ثمانينات القرن الماضي باسم الحفار، كما ظهر تجفيف هور الحمار في تقرير شركة تبيت وشركاءها عام 1958 باسم مشروع ري وبزل المالحة وقام صدام حسين بتنفيذ نفس المخطط
وقد تعرضت للتجفيف في التسعينيات من القرن الماضي وتحديدا بعد انتفاضة عام 1991 أو ما يعرف بــالانتفاضة الشعبانية، عقابا لسكان الأهوار الذين تمردوا على نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ولم يتبق سوى 4% من اجمالي مساحتها بعد تجفيف 96% منها، إلا أن الحكومة الحالية قد بدأت بمشاريع لتنمية الأهوار.(الموسوعة الحرة)
ويبقى السؤال كيف نشأت هذه الأهوار. . . ؟ لدينا شواهد علمية أكيدة حصلنا عليها من تحرياتنا الآثارية عندما كان الهور موجودا بعافيته وبعد تجفيفه من قبل النظام البائد، بأن أجزاءً كبيرة من أهوار محافظتي الناصرية وميسان كانت أرضا يابسة تستغل بالزراعة وكان هناك بعض المستنقعات الدائمية المحصورة وخاصة في محافظة ميسان. والدليل على ذلك هو انتشار المواقع الآثارية فيها، ففي هور الحمار الذي تقدر مساحته بمليون وثمانية وأربعين ألف دونم تمكنا من تثبيت 122 موقعا اثريا بين صغير وكبير وتاريخ بعض المواقع يعود الى عصر فجر السلالات السومرية أي بحدود 2800-2350 ق. م. وتتوزع هذه المواقع على المناطق التالية، الجبايش، الاصلاح، العكيكة، السديناوية، كرمة بني سعيد وهذه المواقع أما كانت مغمورة بالهور وإما يحيط بها الماء وذلك حسب ارتفاعها. أما في محافظة ميسان فهناك 48 موقعا آثاريا مكشوفا يعود تاريخ اغلبها الى العصور الفرثية والساسانية وبعضها أقدم تعود الى الألف الأول ق. م وتنتشر هذه المواقع في هور الحويزة، والوادية، والصحين، وبريدة. . الخ وهي كأخواتها في أهوار الناصرية أما كانت مغمورة في الهور وأما محاطة بمائه. وهناك تجمعات سكانية حديثة أقيمت في الهور على التلال الآثارية، حيث ترى قطع الفخار وكسر الآجر القديمة منتشرة عليها كما لاحظت ذلك شخصيا في منطقة الجبايش في عام 1970. ويذكر العاملون في حقل النفط في الأهوار أن مكائنهم كانت أثناء عملها تستخرج كسر الفخار من أعماق مختلفة، ومن الطريف أن نذكر ورود معلومات في نص سومري يؤكد قيام السومريين بشق الجداول وكذلك استصلاح بعض الأراضي من الملوحة التي ظهرت بوادرها بحدود عام 2400 ق، م واستمرت زمنا طويلا بعد ذلك كما هو معروف في وسط العراق وجنوبيه. كل ذلك يؤكد أن مناطق الأهوار كانت أرضا يابسة عاش عليها العراقيون وزاولوا نشاطاتهم الاقتصادية والاجتماعية وبنوا حضارتهم العتيدة كما في باقي أجزاء العراق وفي نحو 629م طغى الرافدان وروافدهما طغيانا هائلا لم يسبق له مثيل وخربت مشاريع السدود ومشاريع الري الرئيسية التي أهملت لضعف الدولة الساسانية في أواخر أيام حكمها في النهروان وسد العظيم القديم وكذلك سد ديالى القديم ومناطق أخرى. وغير الرافدان مجريهما في مناطق عديدة في الوسط والجنوب فانقلبت مناطق أقصى الجنوب الى أهوار واسعة تمتد كالبحر وصارت تعرف هذه الأهوار حينها بالبطائح وقد وصفها المؤرخون والبلدانيون العرب وصفا مسهبا وادخلوها على خرائطهم.(برهان شاكر ـ تاريخ تكون الأهوار في العراق)
بيوت القصب والبردي المبنية فوق المسطحات المائية في جنوب العراق، والتي تكونت من ترسبات نهري دجلة والفرات منذ 5000 سنة قبل الميلاد، حيث شهدت ولادة وتطور الحضارة السومرية هي ليست طراز سكن فحسب، إنما أسلوب معايشة مع البيئة وتطورات المناخ. ويشهد مؤلف كتاب “عرب الأهوار” الذي عاصر سكان المنطقة حياتياً، يطلق عليهم “المعدان”، على وجود قنوات الري لغاية عهد الخمسينات من القرن العشرين مرصوفة بألواح خشبية، الأمر الذي يقود إلى أسلوب التعامل السومري مع البيئة وتدبير شؤون المياه في حالة إرتفاع منسوبها في نهري دجلة والفرات. إذ يساعد القصب الطيور في بناء أعشاشها بخلاف الأسمنت، وهكذا تكونت محميات طبيعية، من أشجار وطيور وأسماك، تعرضت إلى الفتك والتخريب، عندما قام نظام البعث بحرق الأهوار في نهاية الثمانينات. والآن تم تأهيل نصف مساحتها تقريباً. وقد حذرت منظمات البيئة الدولية والعراقية من التأهيل العشوائي لهذه المحميات الطبيعية، مطالبة استعمال المواد الطبيعية والناتجة من بيئة الأهوار، كالقصب والبردي، مشيرة إلى ضرر استعمال الطابوق أو الاسمنت في أعمال إعادة الترميم والتأهيل لهذه البيوت التي تعُد من التراث الإنساني. إذ أن وجود البيوت الخشبية السويسرية تلك قريباً من البحيرات، جعلها في منأى من التخريب والعبث ولا زالت باقية إلى الوقت الراهن، لكنها مدفونة داخل الرمال أو وسط البحيرات. أما بيوت البردي، فهي قائمة حيّة يسكنها عرب الأهوار. وافقت منظمة ألأونيسكو على اعتبار تلك البيوت الخشبية المعلقة تراثاً إنسانياً استجابة لطلب سويسرا ونيابة عن ست دول أوربية. حيث توجد هذه المواقع في: فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، سلوفينيا، النمسا وسويسرا، وعددها 111 موقعاً منها 59 في سويسرا. توجد صلات وشواهد ثقافية وبيئية كثيرة بين تراث هذه المواقع الأوربية وبين منطقة الأهوار العراقية، منها اللقى الآثارية، الأواني الخشبية والخزفية، المنسوجات، المجوهرات، تربية المواشي، الزراعة في فترة يكتنفها الكثير من الغموض أمام البحث العلمي، إضافة الى الزوارق، وسيلة التنقل حينذاك، ولا تزال مستعملة في أهوار العراق وبأنواع كثيرة ومختلفة. فمتى، إذاً، تقدم الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني، طلبات إلى منظمة ألأونيسكو، اعتبار بيوت الأهوار تراثاً إنسانيا مأهولاً وشاخصاً منذ الحضارة السومرية حتى الوقت الراهن، بينما البيوت الخشبية السويسرية تلك، مهجورة الآن كسكن، ومدفونة في قاع البحيرات.(منتديات درر العراق)
والحالة هذه ؛ فليس أمام الحكومة العراقية من سبيل مسؤول ، إلا أن تسعى إلى تأسيس مديرية عامة لتنمية الأهوار العراقية .. ترتبط بوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ، تتبنى وضع الخطط الاستثمارية والمشاريع التنموية الاستثمارية لخطط الحكومة العراقية للسنوات القادمة وتنفيذها ، بحيث يحدث تحسين نوعي للحالة العامة للأهوار العراقية ، من النواحي الجغرافية والتنموية ، وجعلها مشتىً سياحياً جنوبياً للعراقيين والسائحين من خارج العراق ، بحيث يكون متوازياً مع ما لدى العراق من مصايف في شمالنا الحبيب .
وأقترح على الحكومة العراقية مايلي : ـ
أولاً : تشكيل هيئة علمية مختصة من مختلف أساتذة الجامعات العراقية لتقديم دراسة تاريخية بيئية هندسية اقتصادية ، لأجل الوقوف على الحاجة المستقبلية للأهوار العراقية ، والجدوى الاقتصادية من إنعاشها ، ووسائل استمرارها ، وما يمكن من مشاريع تقام عليها ، بحيث تحقق صناعات ذات مردودات اقتصادية مشتقة من الواقع الجغرافي لطبيعة المنطقة ، بالأيدي العاملة فيها .
ثانياً : تحويل نتائج أعمال الهيئة العلمية المقترحة آنفاً إلى المديرية العامة لتنمية الأهوار العراقية ، المقترحة آنفاً ، وذلك لتنفيذ التوصيات التي ستتمخض عنها أعمال تلك الهيئة .
ثالثاً : إعلان الأهوار العراقية إلى الشركات الاستثمارية العالمية لغرض استثمارها سياحياً واقتصادياً .
رابعاً : مفاتحة الهيئات والمنظمات الدولية لغرض تبني موضوعة إنعاش الأهوار العراقية كجغرافية بشرية وطبيعية واقتصادية .
إنَّ موضوع الأهوار العراقية ـ بشراً وأرضاً ـ مسؤولية تاريخية ، ومسؤولية عالمية ، على كافة الجهات ذات العلاقة أن تأخذ على عاتقها هذه المسؤولية أينما كانت .. في أية بقعة من بقاع العالم . فإما أن تتولى الحكومة العراقية مهام إنعاش أهوارنا الوطنية ، أو تعلن عجزها عن معالجة هذه الموضوعة المهمة في العراق ، بأن تعتذر عن أداء مهامها التاريخية والإنسانية إزاء أرض الأهوار وسكانها ، من خلال إحالتها إلى المنظمات الدولية لرعاية هذه البقعة من أرض العراق التي ترزح تحت نير المظالم منذ قرون ، لم تأت حكومة من الحكومات فتنفعها بشيء ، ولم تأت حكومة تقدم لها الجديد ، ولم تأت حكومة ترفع عن كاهل أهلها شقاء وعذابات الإهمالات المتراكمة منذ أمد بعيد جداً . ولو كانت منطقة الأهوار لدى غيرنا من دول متقدمة لاستطاعت أن تستثمرها ذاتياً ..من خلال مكنوناتها الداخلية تحت الأرض ، ومن خلال ما عليها كائن ٌ، وما عليها ممكن سيكون !!!