مليشيات العشائر في الجنوب تواقة للسيطرة على تصدير النفط لحسابها لكنها لا تريد التورط بـ دولة لنفسها يمنحها العالم الاستقلال gيطالب سكانها بـ مال و خدمات و تنمية كباقي دول الارض فيخسر امراء العشائر من عائدات النفط على السكان في الدولة الجديدة نسبة من عوائد التصدير.
الطبقة الحاكمة في كردستان لا تختلف في تمنياتها، و الحق في ممارساتها، عن مليشيات الجنوب فهي ايضا تريد عائدات النفط لسلطتها و العوائل التي تشاطرها الحكم بينما ترى شعبها في الاقليم، المتزايد في عدد السكان كالارانب، عبئا ليست مجبرة على تحمله و ليست راغبة في الايفاء به اطلاقا.
المحافظات السنية خلت في السنين الاخيرة من السكان كتحصيل حاصل و حتى لو لم يكن الوضع كذلك فأمراء الحرب السنة لن يتمنوا غير امنيات اقرانهم في كردستان و الجنوب: اعطونا دولة و خذوا السكان حيثما تشاؤون و لو الى الجحيم.
يتبلور احساس لدى الكثيرين هذه الايام ان مهندس الامم في حقيقة الامر لا يريد تقسيم العراق الى ثلاث دول، كما يوهمنا الاعلام العالمي، بل القضاء على اي كيان اسمه دولة في العراق، شيعية، سنية او كردية، فينتهي العراق من زاخو الى الكويت و من دير الزور الى زرباطية شعبا بلا دولة بالمرة بل اقطاعيات يحكمها امراء حرب،عصابات، مافيات و قطاع طرق.
القضية تكمن في بغداد!
ما ضرورة ان تبقى بغداد على رأس مؤسسة شكلية اسمها الدولة العراقية تلعب دور رأس القوم، تعتاش طفيليا على نفط الجنوب -بينما يمكن للمليشيات تصديره لحساب أمراء حربها بسعر التراب فيصفق لها العالم تصفيقا حارا؟
ما لزوم ان تدعي بغداد سلطة مركزية على كردستان – بينما البرزاني و بطانته لهم القول الفصل في النفط و الخارجية و و الحدود و البيش مركه في عموم الاقليم؟
ما جدوى ان تعتقد بغداد ان سلطتها لازمة للسنة الذين ليس لهم نفط يذكر في اراضيهم اساسا لكن اقل ما يقولونه عن حكومة بغداد انها حكومة بريمر العميلة الذيل، و في كل الاحوال فان امريكا اصبحت تمدهم ببعض السلاح و ربما بعض الدولارات؟
يبدو ان بغداد كسلطة مركزية لدولة واحدة اسمها العراق ما عادت الحاجة الى ديمومتها قائمة.
ترى متى تسرح بغداد من منصب عاصمة الدولة العراقية الزائلة؟
من ينزع عن بغداد مسؤوليتها المتآكلة التي قزمتها مليشيات الجنوب، يطعنها البرزاني و بطانته في الخاصرة كل يوم و يكرهها السنة كالشيطان؟
من ينزع عن بغداد مسؤوليتها كعاصمة، أهي داعش، أهو طوفان سد الموصل، احتلال ايراني، احتلال سعودي، روسي، امريكي، انقلاب شيعي – ام كل هذه مجتمعة؟
هذا في الحقيقة ما لم يقله مشروع برنارد لويس و بايدن بعد، بل يبدو ان علينا اكتشافه بالممارسة و العراق يغرق بالدم من جديد.