في الوقت الذي يواصل فيه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، مساعيه لتأليف (حكومة تكنوقراط،)، برز اختلاف في الرؤى على مستوى الكتل السياسية في ما يتعلق بشمول التغيير الوزاري العبادي نفسه، الذي دعت إليه بعض الكتل السياسية ، لان العبادي جزء من المحاصصة والفشل،ويبدو أنّ العبادي، قد عجز عن تحقيق توافق بين الكتل السياسية بشأن خطته لإجراء تغيير وزاري، الأمر الذي أعاقه عن التقدم ولو لخطوة واحدة في هذا الاتجاه، مما تسبب بأزمة سياسية جديدة وسط دعوات من داخل “التحالف الشيعي” أن يشمل التغيير العبادي نفسه.ومن هنا جاء اجتماع (كربلاء) ليوم 6 من الشهر الجاري، والاجتماع ولد (ميتا) لان أساس الاجتماع ليس لإنقاذ ما تبقى من العراق بل (الإصرار) على (وحدة هيكل التحالف الشيعي وعدم التفرد بالقرار) وهذا ما دعت إليه الحكومة الإيرانية عبر رسائلها لحكومة بغداد.
وتؤشّر المعطيات من داخل أروقة الاجتماعات المغلقة بين مكونات التحالف الشيعي ، إلى وجود اتفاقات على إزاحة العبادي من سدّة الحكم، لأنّه بات يهدّد مصالحها. كما حظيت هذه الاتفاقات أيضاً بدعم بعض الكتل من خارج التحالف، ما يهدّد حكومة العبادي بالانهيار.
ومع اقتراب زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق، في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، وما ستُشكّله من ورقة ضغط على العبادي، مقابل استقواء كتل التحالف بالدعم الإيراني، سارع العبادي بمناورة خارجية بطلب الدعم الأميركي للسير بخطوات التغيير وتجاوز العقبات التي وضعت أمامه.تقابل ذلك الإملاءاتُ الجديدة التي بدأت بفرضها بعض الكتل على العبادي، خصوصاً كتلة التيّار الصدري، وأوراق التهديد التي لوّحت بها، ومنها تحشيد الشارع العراقي والتلويح باقتحام المنطقة الخضراء، والتهديد بإسقاط العبادي في حال لم يقبل بها. وبدت الطرق موصدة بوجه العبادي، ولم يبقَ أمامه سوى التغيير الوزاري الذي وعد به، والذي يكتنفه الغموض حتى الآن وتُجهل كافة تفاصيله.
وفي هذا السياق، هناك تسريبات تفيد:إن أغلب كتل التحالف الشيعيي مُجمعة اليوم على سحب الثقة من حكومة العبادي، وعرقلة التغيير الوزاري الذي يتجه إليه”، مبينةً أنّ “انفراد العبادي بالقرارات حرمه من تأييد كتل التحالف، وخلق خلافاً بينهما يصعب تجاوزه وأوجد أزمة ثقة بين الطرفين”.
وزيارة روحاني تأتي في إطار التباحث مع العبادي في القضايا السياسية محل الخلاف بين كتل التحالف الشيعي. وأفاد مصدر سياسي في التحالف: إن زيارة روحاني لبغداد جاءت استجابة لشكاوى من (مكونات) من التحالف الشيعي تتهم العبادي بمحاولة تفكيك التحالف والقوى المسلحة المنضوية تحت الحشد الشعبي. وبحسب المصدر فإن الرئيس الإيراني يحمل خارطة حل للوضع العراقي، تسهم في تثبيت أركان كتل التحالف الشيعي التي أبدت تهاوناً مع دعوات العبادي للإصلاح وتحت ضغط الصدريين والقوى السنية بهدف ضمان الإبقاء على سطوة ونفوذ الأجنحة المدعومة من طهران في البرلمان والمؤسسات الحكومية المهمة .
وستكون عملية التغيير المرتقبة (جزئية)وكالاتي: إقالة وزير واحد فقط من مكونات( حزب الدعوة،المجلس الأعلى،التيار الصدري ،الفضيلة، مع نقل حسين الشهرستاني لوزارة أخرى واستبدال 3 وزراء من السنة ووزير كردي) .
وبايدن سيزور العراق، مستبقاً زيارة الرئيس الإيراني، وسيلتقي بعض قادة الكتل السياسية ويضغط باتجاه حماية مصالح الأحزاب (السنية) وتقويض نشاط الفصائل المسلحة.لكن “التحالف الشيعي متخوّف من الدعم الأمريكي للعبادي، خصوصاً أنّ واشنطن تسعى لخلق تقارب بين العبادي والأكراد والسنّة، الأمر الذي لا يصبّ في صالح كتل التحالف الشيعي التي تسعى للحفاظ على دورها في الحكومة”.كما لم يستطع العبادي، حتى الآن أن يخطو خطوة واحدة باتجاه التغيير الوزاري الذي وعد به، في وقت وضعت فيه بعض الكتل استقالات وزرائها تحت تصرف قادة الكتل، لتلقي الكرة بملعب العبادي وتحمّله المسؤوليّة وحده.
ويتبين أن “العبادي عاجز على التقدم ولو لخطوة واحدة في التغيير الوزاري أمام هذا الخلاف السياسي”. وأصبح مضطرًّا إلى الاستعانة بواشنطن، بعد أن أوصدت كل الطرق بوجهه”. وواشنطن ستتفاوض مع الكتل السياسية وتتفق معها على التغيير الوزاري، وسيكون الاتفاق مع الأكراد والسنّة وبعض كتل التحالف الشيعي، لحسم الموضوع”، وهناك احتمال أن تجد واشنطن حلاً لهذه الأزمة”.أما كلام الصدر في يوم الجمعة الماضي :” انه لابد من اعطاء فرصة لأناس أكفاء مستقلين مختصين وان يتنحى كل الذين أوصلوا العراق إلى الهاوية ولا سيما الأحزاب المتنفذة ولا استثني أي احد حتى المقربين منهم”. هذا كلام جميل ..ولكنه لا يتحقق .
والعبادي سيعلن عن كابينته (الجديدة/القديمة) في مطلع الشهر المقبل خلافا لمطالب الشعب العراقي في ( التغيير الجوهري) في مقدمتها (حل البرلمان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني) لان أس الإشكالية العراقية برمتها تكمن في (فشل العملية السياسية وفسادها).