17 نوفمبر، 2024 1:57 م
Search
Close this search box.

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم اماتهم احرارا

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم اماتهم احرارا

(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)
هذا القول البليغ للخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الذي خاطب به اناسا مكنتهم قدرتهم المادية والمعنوية ونفوذهم الاجتماعي من ان يجعلوا انفسهم اسيادا بغير وجه حق واستعبدوا بنفوذهم ضعفاء بني جلدتهم .
انك عبد لله عز وجل خالقك وبارئك لذا عليك ان لا تجعل لغيره تعالى سبيلا الى استرقاقك وعبوديتك .
سيرد علَّي البعض قائلا ومن يفعل ذلك والانسان السوي لا يختار على حريته شيء…؟
والجواب هو اننا نجد الكثيرين يجعلون انفسهم عبيد مفاهيم بالية وتقاليد جاهلة ما انزل الله تعالى بها من سلطان يتعصبون لها وتتقاذفهم كآلات صماء فهم واولئك الذين كانوا ينحرون فلذات اكبادهم عند اقدام اصنامهم الذين يعبدون سواء .
…….
( الكبير الغاضب)
جمعهم الكبير فالتفوا حوله يستمعون الى كلماته وكأنهم دمى تحركها خيوط سحرية غير مرئية .
كل كلمة ينطق بها تستقبلها اسماعهم وتدور في افاق جوارحهم ولكنهم ابدا لا يبدون اي ملاحظة او اشارة على قبولهم او رفضهم…على اعتقادهم انها حق او باطل…صدق او كذب…حقيقة او خيال…كأنهم خشب مسندة ,لكنهم يتنفسون ,جوارحهم تقوم بمهامها ودمائهم تتدفق في الاوردة والشرايين ,قلوبهم تنبض بالحياة , ادمغتهم تؤدي وظائفها الطبيعية الا في زاوية حادة يقف عندها العمل كأنما اغشيت بنسيج الموت او اللاوعي.
هتف الكبير قائلا بصوته الجهوري ونبراته العالية : الحق اقول لكم اننا يجب ان نثأر منهم …اجل الثأر …الثأر …الثأر…
هتف احدهم من مكان قصي مؤيدا …: الثار ولا العار…كلنا طوع امرك
هو يتحدث عن نفسه له الحق في ذلك ولكن كيف يحق له ان يقول متحدثا بلسان الآخرين…؟لا تتعجبوا من الامر فهذا جائز في شريعة العبودية والاسترقاق لغير الله تعالى….
كان عليه ان يقول العبارة المناسبة للسان حاله وهي(الثارولا العار…انني طوع امرك)….
هل اجاب احد…؟
هل اضاف احد…؟
هل حدث امر ما…؟
العيون شاخصة الى الكبير… لا صوت ولا حديث ولا اضافة
نهض الكبير من مكانه متوكأ عصاه التي اركزت على الارض وتململت بفعل الثقل الذي تحمله بينما سارع شاب في مقتبل العمر يوسع الطريق لخطا الكبير وهو يلهث ويتمتم …
غدا ستأتيك الاخبار التي تسرك .
انكب على يد الكبير مقبلا واوشك ان يقبل القدم لولا ان الكبير دفعه بعيدا ووجه حديثه الى الاخرين …
اريد أفعالا ولا اريد اقوالا …
قال هذه العبارة وارتسمت على وجهه غلالة حمراء اسمها الغضب وخرج من بين الجمع الى كهفه البعيد بينما تراكضت الاجساد الحية الميته في كل اتجاه وفي الاذهان الخاوية تحقيق رغبة الثأر التي ارادها الكبير………………………….
………………………
اتابع هذه الاحداث التي تسببت في الشتات والفوضى وضياع الحياة الانسانية …احداث كثيرة نكاد نراها بصور متعددة ومشاهد مختلفة .وقائع تخلي الانسان عن إنسانيته وتخلي العقل عن التفكير فيكون مجرد اداة تتقاذفها الاهواء او السلبيات من المواريث او التقاليد التي توغل في اقتلاع الروح الانسانية وتحطيم الحياة بأبشع الاساليب ذلك فرد وضع لنفسه نير العبودية طائعا وراغبا ومدافعا عن سيئات الاشرار. هو عبد لغير الله تعالى إذ يخالف تعاليم السماء ويطيع طواغيت الجهل والجبروت .انه اختار ان يكون عبد وقد خلقه الله حر… أجل اختار ان يكون عبدا برضاه وارادته .
هذا المثل من الناس لم يستعبده الاخرون لقوتهم وضعفه بل هو بيده من جعل نير العبودية في رقبته ليس جاهلا بل عامدا متعمدا لأنه تخلى عن حريته ورأيه وقراره في سبيل الجهل والموروث اللذين ما انزل الله تعالى بهما من سلطان.

أحدث المقالات