23 نوفمبر، 2024 12:54 ص
Search
Close this search box.

متى أدرك السيد محمد صادق الصدر بطلان قانون المعجزات فتراجع عنه.

متى أدرك السيد محمد صادق الصدر بطلان قانون المعجزات فتراجع عنه.

في محاضرة حول الإعجاز في القران الكريم ذكر سماحة العلم الأستاذ ما كتبه الشهيد محمد الصدر ـ قدس سره ـ في كتاب الشذرات كنص يثبت تراجعه عن قانون المعجزات قائلاً ((الخطوة الأخرى إننا تعبدنا بما عمل به الأئمة أن الكون محرك بأسباب خارجية وهي الملائكة هي قوانين القوانين حسب ما عبر السيد محمد باقر الصدر فالفكرة التي تقول إن المعجزة لا تقوم إلا لضرورة قد انتفت فانه لا دليل عليها)). وهكذا تراجع السيد الشهيد محمد الصدر عن قانون المعجزات
وهنا كلام السيد الأستاذ الصرخي الحسني وإبطاله للاستدلال بالموسوعة ليس إلا لرقي الفرد فكرياً وأخلاقياً فتعالوا نشاهد الفرق الكبير في فهم السيد محمد الصدر لقانون المعجزات وبين كلام السيد محمد باقر الصدر قدس سره حول المعجزة والذي يوجد منه في مقدمة الموسوعة والذي لم يدركه الشهيد محمد صادق الصدر ـ قدس سره ـ إلا بعد حين لنفهم أننا في ساحة نقاش علمي أسسها سماحة المعلم الأستاذ بسعة درايته
لنتحدث أولاً عن قانون المعجزات الذي أخذه الشهيد محمد الصدر رحمه الله من أسلافه .. فرضية هذا القانون تقول ((إن المعجزة إنما تحدث عند توقف إقامة الحق عليها, وأما مع عدم هذا التوقف, وإمكان انجاز الأمر بدون المعجزة فأنها لا تحدث بحال)) وهذا ما يسمى بقانون الضرورة (حتمية الوقوع وفصم العلاقة الضرورية بين ظاهرتين مطردتي الحدوث) وفي الواقع إن معنى فصم الضرورة يعيد للأذهان عدة استفهامات, منها لماذا الحاجة مثلاً إلى ضرب البحر بالعصا إذا كانت المعجزة قادرة على فلق البحر لموسى ـ عليه السلام ـ دون ذلك ولماذا لم يتم هلاك فرعون دون الحاجة إلى إغراقه؟ ولماذا رأي المسلمون قريشاً قلة ورأت قريش المسلمين كذلك ليتحقق النصر وكانت المعجزة بإمكانها أن تحقق النصر بفنائهم يوم بدر دون قتال؟ ولماذا هبت تلك الريح لتفرق الأحزاب بعد حصار المدينة وكان بإمكان المعجزة القضاء عليهم قبل ذلك؟ إذن لماذا تأتي المعجزة في سياق العمل الطبيعي؟
وإذن لابد أن نعيد السؤال بهذا الشكل لماذا تتدخل المعجزة في بعض الأحيان لحفظ أولياء ولا تتدخل في أحيان أخرى, وحتى نفهم قانونا آخرا للمعجزة لا يكون كلاسيكيا كالذي اعتمده السيد محمد الصدر في الموسوعة ولا يخل بالتخطيط العام والهدف الذي خلقت من أجله البشرية وطرق تكاملها وإنما قانون يجري وفق التفسير العلمي الحديث للمعجزة والذي ذكره السيد محمد باقر الصدر قدس سره في تقديمه لنفس للموسوعة.
فيكون الجواب, فيما طرحه السيد محمد باقر الصدر ـ قدس سره ـ في بحث حول المهدي حين قال ((والحقيقة أن المعجزة بمفهومها الديني، قد أصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومة بدرجة أكبر مما كانت عليه في ظل وجهة النظر الكلاسيكية على علاقات السببية فقد كانت وجهة النظر القديمة تفترض أن كل ظاهرتين اطراد اقتران أحدهما بالأخرى، فالعلاقة بينهما علاقة ضرورة، والضرورة تعني أن من المستحيل أن تنفصل إحدى الظاهرتين عن الأخرى، ولكن هذه العلاقة تحولت في منطق العلم الحديث إلى قانون الاقتران أو التتابع المطرد بين الظاهرتين دون افتراض تلك الضرورة الغيبية.. وبهذا تصبح المعجزة حالة استثنائية لهذا الاطراد في الاقتران أو التتابع دون أن تصطدم بضرورة أو تؤدي إلى استحالة.)) وعلى هذا فالمعجزة هي حالة استثنائية مخالفة لظاهرة اعتاد العقل عليها تلك الظاهرة سميت بالقانون الطبيعي لملاحظتها بالتجربة أو تكرارا وهذا لا يعني أنها ضرورة ثابتة جاءت المعجزة لتصطدم معها (حتى وإن لم يكن لهذه المعجزة تفسير علمي) إنما المعجزة حالة أخرى استثنائية مختلفة عن الاقتران المطرد لم يعتدها العقل.
ومما تقدم يتضح أنه إذا كنت المعجزة(قائمة طبقا للفهم الكلاسيكي) فهي تفصم العلاقة الضرورية القائمة بين ظاهرتين مع وجود السبب الحتمي لوقوعها . وعلى هذا فإننا سننتظر ونتكل على المعجزة أن تؤدي دورها في خرق القوانين الطبيعية في إقامة الحق مثلا وهذا ما وقع به السيد الشهيد محمد الصدر ـ قدس سره ـ حين بنا موسوعته على قانون المعجزات الكلاسيكي بل الذي أخذه من إسلافه فحتم الوقوع طبقا لقانون إسلافه في كل ما أورده في حياة الإمام مع أبيه ـ عليهما السلام ـ ومع السفراء وفي الغيبة الكبرى وحتى الظهور وببطلان هذا القانون يبطل الاستدلال بالموسوعة ولا تعد صالحة للتثقيف في قضية المهدي عليه السلام.
أما (بالتفسير العلمي الحديث) الذي ذكره السيد محمد باقر الصدر في مقدمة الموسوعة: إذا قلنا أن المعجزة هي حالة استثنائية تنشأ خلاف اطراد وتتابع اقتران ظاهرتين فهذا يعني أن المعجزة هي أيضا قانون يقع في سياق ترتيب الإحداث لكن حدوثه نادر وغير مطرد وغير متتابع لم يعهده العقل متكررا فيضعه في خانة الطبيعة .. وإذا كانت المعجزة كذلك فأننا لا ننتظر أن تتدخل لفصم الضرورة لوجود السببية أو الحتمية (كمقتضى حفظ الإمام أو إقامة الحق) وإنما المعجزة بهذا التفسير تقع أيضا ضمن سياق الأحداث الطبيعية وفرقها أنها حدث غير معهود لم ندرك توقيته لحكمته لا يعلمها إلا الله, الأمر الذي لا يوجب الاتكال عليها وبالتالي تفسير المعجزة بهذا الشكل لا يوجب الاتكال على القدر ولا يخرق قانون تربية وتكامل البشرية الذي يأتي وفق الأسباب الطبيعية.
ويبدو ان السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره تراجع عن قانون المعجزات بعد أن وصل إلى مستوى أدرك فيه ما ذكره السيد الشهيد محمد باقر الصدر في مقدمة الموسوعة وغيرها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات