18 نوفمبر، 2024 12:56 ص
Search
Close this search box.

متلازمة الحلم .. في خطوات ثقيلة للقاص عادل المعموري

متلازمة الحلم .. في خطوات ثقيلة للقاص عادل المعموري

صدر عن دار الجواهري للنشر والتوزيع ، المجموعة القصصية (خطوات ثقيلة) للقاص عادل المعموري .. والتي ضمت في طياتها  ثمانية عشر قصة قصيرة ،تناول فيها القاص طيف واسع من المشاكل الاجتماعية العامة ، وفق رؤية ناضجة مكنته من التحكم بنصوصه السردية ، وسير الاحداث فيها دون تشظي او تشتيت لذهنية القارئ ،فاعتمد اسلوب التركيز على الثيمة الرئيسية للقصة ، متحاشيا الدخول في تفاصيل جانبية قد تضعف من البناء السردي لها ،مستخدما في الغالب تقنية المنلوج الداخلي ، في حوارات مسهبة مع الذات يخوضها أبطال قصصه  ، كانت ثقافة القاص ووعيه الذاتي حاضرة فيها ،مما أضفى لمسه شعرية وفلسفية ، وضفها توضيفا جماليا ،مؤطرا بوعي ثقافي استثنائي تمتع به أبطالها ، على الرغم من اختلاف ثقافتهم ومشاربهم وبيئاتهم التي نشأوا فيها ، وهذه الإشكالية يقع فيها الكثير من كتاب السرد على اختلاف مدارسهم الأدبية والفكرية ، وذلك لاعتقادهم بأن حضور ارثهم الثقافي كجزء من حركة أبطالهم وحواراتهم ، يمكنهم من إيصال الفكرة بصورة أكثر نضجا ،في محاولة منهم لاستفزاز وعي القارئ والنهوض به بمستوى الحدث ، وهذا الأسلوب على الرغم من رصانته وحجم تأثيره على المتلقي ، إلا انه يجرد السرد القصصي من عنصر مهم ورئيسي وهو (الواقعية ) التي تعد الركيزة الأساس لأي نتاج قصصي يخضع لقواعد المدرسة الكلاسيكية التي أسسها عمالقة السرد القصصي مثل (تيشيخوف وموباسان واميل زولا ).
وكانت متلازمة الحلم المصحوب بخيبة الأمل ، حاضرة في معظم قصص المجموعة ، فقد اختار القاص لأبطاله أن يكونوا حالمين كوسيلة للتعبير عن طموحاتهم وأمالهم ومخاوفهم من القادم المجهول ،لذلك كان لعنصر المفاجئة أو ما يطلق عليه (الضربة ) السمة الطاغية على معظم نهايات قصصه .
في قصة (أنشودة الوجع ) صور فيها القاص حجم الشجن الممزوج بالرغبة لامرأة تنتظر زوجها لشهور بعد أن غيبته عنها الحرب ، لتعيش حالة من (الفنتازيا) ، حين تراه وقد عاد إليها ، وبعد طول انتظار وقلق وترقب خلف الأبواب الموصدة ، تدرك في نهاية المطاف أن لا شيء يقف خلفها ، والأمر لا يعدو سوى أحلام يقظة لامرأة يائسة.
وفي قصة (الرقص خلف الأبواب ) امرأة محبطة تعيش في مستنقع أزمة نفسية حادة اتجاه زوجها ، الذي فرضته عليها صلة القرابة ،بكل ما يحمل من فضاضة وقسوة وقذارة جسدية ، لتقضي  ساعات النهار ، وهي تبحث عن الطريقة الناجعة التي تمكنها من تحاشي فحولته النزقة حين تختم يومها معه ، يومها المليء بالخيبة والبؤس ، وانتظار فارس أحلامها الذي لن يأتي أبدا .
وأما في قصتي (الورقة الأخيرة وبكاء عاشق خمسيني ) ، فقد سلط القاص الضوء على جزئية اجتماعية مهمة في حراكنا الإنساني وهي (عقبة الزمن ) التي تقف حائلا في طريق رغبات الإنسان وطموحاته وأحلامه ،في القصة الأولى ، تعلق امرأة كبيرة في السن بشاب صغير ، وفي القصة الثانية حب رجل كبير السن لفتاة صغير ، ويفضي حلمهما في كلا القصتين إلى اليأس وخيبة الأمل .
خطوات ثقيلة للقاص عادل المعموري تمثل تجربته الثانية في عالم القصة القصيرة ، بعد مجموعته الأولى (العزف على وتر الفجيعة ) استطاع من خلالها سد بعض الثغرات التي رافقت منجزه الأدبي الأول ، وقدم لنا نصوصا سردية ناضجة أحاط بكل جوانبها (لغة وحدثا وبناء قصصي ).

أحدث المقالات