26 ديسمبر، 2024 7:46 م

متلازمان متضادان ووجود أحدهما يحتم وجود الآخر

متلازمان متضادان ووجود أحدهما يحتم وجود الآخر

هذا الإنسان الضحية هو ذو المعدن الجيد في المعادلة وأن الآخر هو المستبد والسيء والشرير أي هو الجلاد. دائما الإنسان الضحية يضع نفسه في مصاف منفرد ويخلق هذا السيناريو في رأسه أنه هو الذي على صواب وأن لولا الجلاد لما كان قد عانى الأمرين.

من الضحية ومن الجلاد؟ كان هذا هو السؤال.. ومازال.. من يستطيع ان يفرز ملامح الضحية من الجلاد.. لماذا هذا الغبش الكبير حول تلك الملامح إلى درجة الخلط الفاضح والتيه الكبير.

بين ركام الأحداث اليومية، ثمة قدرة مذهلة على الخلط.. إلى درجة التضليل المقصود وغير المقصود.. بين صورة صدام حسين الأسير، وصورة صدام حسين الجلاد، ثمة استدعاء غريب لذاكرة الخنوع والرضوخ والإعجاب بنزعة الاستبداد المحلي.. لدرجة أن تسود صفحات ليس لها من مهمة سوى إدانة وجه الجلاد الجديد.. على أمل ان يكون في هذا تخفيف لحدة وقسوة وسطوة شخصية المستبد الأسير.. على عقل ما زال يرضخ تحت وطأة تاريخ مثخن بفجاجة الايديولوجيا الميتة، وشعاراتها التي تعاني النزع الأخير دون أي اعتبار لوجه الضحية، التي تطل علينا من كل زاوية وفي كل طريق وتقرأ ملامحها على وجه الوطن.. المثخن بالأسى والفاجعة.. والذي تحول اليوم بقدرة بعض من هؤلاء إلى حقل تجارب تتناوب فيه وجوه الضحايا والجلادين.

وبين هذه وتلك ثمة ايضا أكثر من استشكال، فليست المسألة التوقف عند إدانه الجلاد أو البكاء على دم الضحية.. وليست المشكلة فقط في حال هؤلاء الذين يبيعون الوهم، حتى يستدروا عواطف جماهير محتشدة، ما زالت هي التي تغذي الجلاد بعواطفها ومشاعرها وقدرتها الفذة أحيانا على تمثيل دور الجلاد الصغير.. الذي دائما هو بإمرة الجلاد الكبير.. هذا الضياع الكبير بين ملامح الجلادين والضحايا الكثر.. هو جزء من ضياع أكبر في بيئة ثقافية لم تتوفرلديها القدرة على اكتشاف أدوات أكثر مقاربة لاشكال الانسان، تعين على رسم حدود فاصلة ومهمة ومقروءة بعناية بين ملامح خضعت للتشويه حد الالتباس والتمويه.

بين الحاكم والمحكوم في منطقتنا العربية، ثمة تصنيف سريع، لا يرى القذى سوى في عين السلطة، لكن من يملأ عين السلطة بقسوة الجلاد ونفوذه وطغيانه سوى الجماهير المحتشدة على أبوابه. بين ان يكون الحاكم جلادا والمحكوم ضحية مسافة طويلة اخترعناها بقدرتنا الفذة على التبرير والقبول بكل الأدوار النظيفة منها والقذرة.. فجلاد الأمس لم يكن شيئا لولا ان ثمة بيئة مناسبة لإنتاج فلسفة الاستبداد، وهو يعرف تماما أي تربة يحرث فيها.. ألم تقل سميرة الشهبندر الزوجة الثانية للرئيس ا لأسير على لسانه: اني لو أعطيت العراقيين تفاحة من سلة السلطة لطالبوا بالسلة كلها… من يفرط بسلة تفاح السلطة؟.. ولو تمكن خصومه منه، لتحول حتماً إلى ضحية بين جلادين جدد. وبين هذا التناوب الشقي لأدوار الضحية والجلاد.. كان قدر هذه المنطقة، إلى درجة ان تفتقت أذهان حملة سلة تفاح السلطة إلى ابتكار وابداع كل أدوات القمع والتغييب والملاحقة والاضطهاد.. في سبيل الحد من تكرار أدوار الضحية والجلاد.

ان ثقافة الاستبداد بقدرما ما تعطل مقدرة الأمة على الخروج من شرنقة الأدوار الدموية بين وجه الضحية والجلاد.. فهي ايضا تشوه ملامح الانسان هنا إلى درجة الفقد.. وعندما تضيع تلك الملامح لا يعد ثمة قدرة على اكتشاف طرق أكثر انسانية وأقرب لمعنى الحياة.

والاستشكال هنا ليس في هذا التناوب المؤلم، بقدرما هو في قدرة بعض الكتاب والمثقفين العرب على تخريج صورة الاستبداد، بطريقة أكثر قبولا، إلى درجة لم يعد يعرف فيها القارىء هل هو يبكي الرئيس الأسير أم يبكي ضحاياه الكثر.

تعالوا إلى كم آخر، من أدبيات الخلط الفاضح بين الصور، فإن كانت قصة الرئيس الأسير، هي أوضح من ان تترك اليوم مجالا للخلط، إلا في عقول وأمزجة لديها القدرة الفذة على تجاوز مشاهد الدمار والعجز والمقابر الجماعية وكل ألوان الإخضاع والقمع والتغييب والسيطرة على كل موارد الوطن – المزرعة وإخضاعها لأوهام وأحلام وشهوات حامل سلة تفاح السلطة وحاميها.. تعالوا إلى حيث تكون ثمة فرص أكثر إغراء، جعلت نخبا توظف كل طاقاتها لتوفير البيئة المناسبة لهذا الخلط المتعمد.. حتى يبدو حامل سلة تفاح السلطة ليس سوى بابا نويل آخر… ليس له من هم سوى توزيع هداياه المغرية، على خصوم الأمس.. وهو يخفف آلام المتعبين وأسر ضحايا الطائرات المنكوبة والملاهي المفجرة.. وكل ألوان العبث القديم.. ومع ذلك يجد الفرصة المناسبة التي يصنعها مثقف عربي لا يجيد شيئاً أكثر من إجادته إضفاء مسحة انسانية كريمة على عطايا اليوم البالغة السخاء.. حيث العالم الذي تغير، والمعادلات التي اختلفت، والقوى التي تكشر عن أنيابها.. وهنا حتما ستضيع الملامح الفاصلة بين الجاني والمجني عليه.. ويتحول الخطاب إلى خطاب تسوية تتم كل تفاصيلها بمعزل عن وجه الضحية الحقيقي.. القابع هناك خلف أسوار العزلة، والصمت، والإخضاع.. أو مشارك في حلقة الصراخ، والتصفيق والتمثيل السخيف، خلف لوحة البذل الخيري الذي تدفق اليوم نهرا من عسل تغرف منه أسر الضحايا المنكوبة.. ولا عزاء للوجوه الكئيبة القابعة خلف لوحة الضحية والجلاد في آن.

الوقوف هنا ليس وقوفا جامدا على نص انتهازي، انه حالة ثقافية فعلا تحتاج تأمل كيف يتأتى للبعض اعادة رسم الملامح لدرجة الخلط الفاضح بين وجهين لم يعد لأي منهما ملامح أكثر قبولا.

في مسألة الإدارة السياسية والسلطة والشعب تتبدى هذه العقدة، التي تحكم علاقة متوترة اصلا، ليقوم المخرج بصناعة وجوه أخرى، تبدو أكثر انسانية وحنانا وعطفا وقبولا.. حتى ليتساءل المراقب الذي لم تفتنه الصورة بعد.. اذن عن أي طاغية تتكلمون؟ اني لا أرى سوى ملاكا.. يمشي بين الناس ويأكل مما تأكلون.

ثمة لعبة بالغة التعقيد، تمارس فيها كل اشكال التزوير المقصود وغير المقصود في تأطير علاقة يراد لها ان تؤطر وفق معادلة الضحية والجلاد.. وهنا يحدث الانقسام الطبيعي بين انصار الفريقين، ممن يرى ان ليس ثمة وجه لجلاد اصلا، وآخر يرى ان البكاء على الضحية هي الوظيفة التي لا يحسن غيرها.

وفي هذه اللعبة النفسية، البالغة التعقيد، تضيع الملامح بين الحق والباطل، بين وجه الضحية والجلاد، بين المسؤول الأول عن الإخفاق وضحايا الإخفاق.. بين الحقيقة التي يدعي الجميع انها غايتهم وبين التلبيس الذي يمارس بمهارة فائقة.. هذه القدرة الفذة على تخريج الاخطاء، ومسح بقايا العتمة وشنق السؤال، هي وظيفة اليوم يحسنها كثيرون، ممن يساهمون في تشكيل رأي عام مشوه وناقص، ويدفعون بكل قواهم الفكرية لدحض فكرة الخيط الفاصل بين الحق والباطل، بين وجه الإنسان ووجه بلا ملامح.. اقل ما يقال عنه انه قابل للتشكيل والتذويب واعادة التركيب.

ثمة شيء ايضا يستحق التوقف والمكوث طويلا امامه، في مسيرة ثقافة تشكيل الرأي العام المضطرب والمشتت والمسكون بكل أنواع المخاوف.

تأملوا مشهد مثقفين لا يتورعون عن نقد خصومهم، وكشف مواطن الضعف في طروحاتهم… مهما بدت هذه الطروحات إنسانية وذات وجه يتلمس طلب الحقيقة أو الإنصاف.. فقط لأن هؤلاء، لا يتناغمون مع رؤية الطرف الآخر.. وهو طرف مسترخٍ، غير فاعل، استنفذ جهده في تفكيك نص إصلاحي، أو دعوة للعودة إلى فكر التطوير الحقيقي والأمين.. الذي لم يعد ترفا أو انزلاقا أو مزايدة في وقت تحتاج المنطقة لأي بصيص أمل لإخراجها من أزمتها التي تتبدى إخفاقا ذريعا، وتنمية متخلفة، وحقوقا ملتبسة… تأملوا موقف مثقفين ليس لهم من عمل سوى تقريض ما ينتجه الآخرون في سبيل البحث عن حل أو الدفع باتجاه حلول.. أو تحريك مياه السلطة الراكدة تجاه التعجيل بعملية الاصلاح والتطوير… أي نوع هذا من مثقفين تبرعوا لإجهاض أي نوع من حراك، مهما بدا انه ذو وجه انساني، وحتى لو لم يتسق مع الطروحات المنهجية أو التفسير الذي يحتكر فهمه هؤلاء أو هؤلاء… لماذا تغيب فلسفة الوقوف مع الحق مهما كان قائله وحتى لو كان حقا نسبيا… لماذا تشويه أي حراك يصدر من الطرف الآخر، فقط لأنه الطرف الخصم… وأي خصومة تلك التي تتنازل عن مشروعها في إقرار الحقوق والحريات وتأسيس أفضل لمستقبل يكتنفه الغموض وتحيط به الازمات… فقط لأن ثمة فريق آخر يعمل، مهما اكتنف عمله من صعوبات أو خلل أو عدم اتساق منهجي. أليس هذا ايضا نوع من التلبيس على القارىء، الذي هو المستهدف من حراك الجميع… أليس في هذا نوع من إجهاض مشروع مطلوب لتحريك الماء الراكد في سبيل الوصول إلى صيغة أكثر احتراماً لحق الإنسان في الحياة.

ألا توجد إمكانية لبحث القواسم المشتركة بين مثقفين مأزومين، بدلا من إخضاع جهد كل طرف للنقد والتقريض المشين، وبذل كل الوسع لغرس روح الاتهام والتصنيف والتبعية لفكر أو منهج أو نظام. ان هؤلاء لا يختلفون كثيرا عمن يسوق لوجه الاستبداد… لأنهم ببساطة حريصون على ضرب حركة خصومهم الفكريين فقط لأنهم خصومهم… بغض النظر عن نتائج ذلك الحراك الذي قد يفتح كوة في جدار معتم يستفيد منها الجميع… وبغض النظر عن نتائج جهدهم المبذول في التخذيل والاستعداء الذي يعطل حتما فكرة تطوير الحراك إلى مستوى مقبول شعبيا ورسميا.

بين هذا وذاك… ثمة ملامح تضيع، وثمة اقلام تكسر، وثمة محاولات تخسر… إلا ان الخاسر الأكبر هو المجتمع الذي ينتظر من نخبة عملا أكثر جدوى… وأقل صخباً.. أو على الأقل التزام الصمت الحميد… الذي يُشرى بالذهب عندما يكون مستقبل الشعوب نهباً لصراع الأفكار، والتوجهات… التي لم تتسق بعد في وعاء عمل وطني كبير أكثر مصداقية… وأقل ميلاً للتخذيل والاستعداء.

 

ويفسر ابن خلدون في مقدمته هذا التماثل الى اعجاب الضحية بجلادها، وتماهي سلوكه مع افعال «القوي وسلطته» كنوع من الافتتان به، وتبني ثقافته التي تشتمل على قيم القهر.

اما هيجل فيصف العلاقة التي تقوم بين «السيد» و«العبد» بـ«التكاملية»، فكل منهما يحتاج الى الآخر، فـ«السيد» يتواطأ مع العبد، والاخير يكون صورة ظلية لسلوك المسيطر.

وتطرح الخبرة الشعبية هذه الصورة من خلال المثل الشعبي الذي يلخص خبرة الجماعة، وتصل درجةُ الاستلاب الى نوع من العشق والوله، فيَرِدُ على لسان القول الدارج: «القط بحب خناقه».

ويوضح المثل الصورة الظلية للمستلب «المقهور» في قول المرأة على لسان «الرجل» زوجها، الذي يقع عليه فعل القهر، فيقوم بممارسته على الحلقة الاضعف «المرأة» للتلذذ بألمها واخفاء ضعفه، وتقليد جبروت «قاهره» وتَمثُّل صورته، فهو من جهة يخفي ضعفه، ومن جهة اخرى يحقق الرضا لذاته.لانه «يستمد رضاه وقناعاته من الم الآخرين، يصمم على حماية حصانته حتى الجبن.. لتكون اكثر قوة محركة يمكن افتراضها فيه هي الخوف».

فتكون الضحية «مزدوجة» هي الرجل المقهور، والمرأة الضحية التي يقع عليها الفعل بدافع الاستلاب والضعف الذي يعاني منه الرجل لتقول بلسان حاله:«الناس تكتلني «تضربني» وانا اكتل «اضرب» مرتي «امرأتي»، وانا بعون الله عليها قدير».. ليظهر الشق الاخير «وانا بعون الله عليها قدير» نوعا من المرارة والسخرية من الذات.

ثنائية السرد الضدي

وعلى اية حال، يمكن رصد تجليات العلاقة بين «القاتل» و«الضحية» في الادب والفن من خلال تحليل تشابكاتها وتماثلاتها لدراسة الفعل الصراعي بوصفه استعراضا سرديا وثقافيا لطرفي العلاقة ازاء فكرة الموت.

واذا كان قد قيل ان الحياة هي نص سردي، فان الموت لا يختلف عن ذلك في تفسيره الثقافي، حيث استطاع الانسان ازاء خوفه من المجهول ان يدشن روايته لتبرير او تفسير فنائه بفكرة الخلود التي لاذ بها جلجامش بعد موت صديقه انكيدو وخوفه من المصير ذاته.فيقول: «فيا صاحبة الحانة، وانا انظر الى وجهك.. ايكون في وسعي ألاّ ارى الموت الذي اخشاه وارهب».

ليعني الخلود وفق مفهوم السرد: ان الفعل ونقيضه يجتمعان ضمن ثنائية الولادة والموت، الالم واللذة، الفناء والخصب.. في دورتها التموزية. التي ما تزال تلقي بظلالها على الشعر والرواية والسينما والمسرح.. وتستمدها من الاساطير القديمة.

ولعل من اول النصوص السردية قصة «هابيل وقابيل» التي تبرز كاول الافعال التي اتصلت بتاريخ الانسان على الارض، حيث ارتبط فعل القتل بالاستحواذ على الحياة من خلال امتلاك المرأة اداة الخصب واللذة.

وتتكرر هذه الثنائية فيما اقترحته الاسطورة حول «وظيفة» الالهة «عشتار» فقد اسندت اليها صفات «الحب والاغواء والجنس والحرب ونزعات التدمير والقتال» بما تنطوي عليه من تناقض، الا انها في سياق سرد الاسطورة تنطوي على حالة من الاتساق التي تبرر تلازمهما في دورته التموزية التي تتواصل فيها دورة الحياة بالفناء والولادة.وهي لا تختلف عن فكرة «اللبيدو» التي اعتبرها علم النفس «محرك التاريخ الاعظم» في ربطه بين الجنس «الحب» والعنف «الحرب».

سردية الموت

تناول الادب والفن ظاهرة الموت في العديد من الاعمال الابداعية على اختلاف ادواتها التعبيرية واساليبها وتقنياتها، ويكاد لا يخلو اي عمل ادبي او فني من موضوعة الموت كقضية وجودية تقف ماثلة امام ضعف الانسان وعجزه، وتتركه يتجرع الآلم والحرة لفقدان حبيب او صديق.

وذهبت الاعمال الابداعية لمعالجة موضوعة الموت من جوانب نفسية وفلسفية واسطورية وفق تيارات واقعية، واخرى وجودية او فنتازية.

وتنوع تجسيد الفكرة في تجلياتها من خلال كوارث الطبيعة، والانسان وحروبه وعلاقتها بالزمان والمكان.. وتناولت دلالته ومعانيه وكنهه وغموضه، وعلاقته بالذات والآخر، ووصفت مآسيه وفواجعه ومشكلاته، وميزت بين انواعه: البيولوجي، النفسي «العزلة، الحصار» والصوفي كبوابة لانعتاق الجسد وحريته.

واذا كانت المقولة الفلسفية تعتبر ان اي فكرة لا تنطلق من موضوعة الموت باطلة، فان السرد يعتبر الموت هو الثيمة الرئيسة المحركة للعمل الابداعي.

وكما تشكل فكرة الفناء الاطار العام للاعمال الابداعية بالموازاة مع قضايا اخرى مثل: الحب والحرب والفقر، فان دوائر اخرى اصغر منها تشكل مركز العمل وتناميه وتظل تسيطر على محطاته، ومن ضمن تناولات الادب للفكرة العامة للموت فقد ركزت بعض الاعمال على حلقة غامضة من العلاقات الانسانية الملتبسة التي تنشأ بين «الجلاد والضحية»، «القاتل والمقتول»، «القاهر والمقهور»، و«المسيطر والمسيطر عليه» التي تتصف بالتعقيد لكشف وفك رموزها وابراز المواقف الانسانية فيها، وقبل الانتقال الى طبيعة العلاقة لا بد من الاشارة هنا الى انه لا بد من التعامل مع مفهوم «الجلاد والضحية» بمعادلات مختلفة تتسع الى ابعادها السياسية والثقافية والاجتماعية والبيولوجية ليبدأ التوصيف من «المسيطر والمسيطر عليه»، مرورا بالمستعمَر «بفتح الميم» والمستعمِر «بكسر الميم» وانتهاء بالجلاد والضحية.

ان النظر الى العلاقة بين الجلاد والضحية لا يمكن ان تفسر بعيدا عن الصراع الذي يقوم فيها كل طرف بحماية نفسه وفق ادواته للبقاء واستمرار الحياة على صعيد الذات والنوع.

وتتصل ادوات البقاء باستنفار طاقة الحياة البدنية والنفسية والثقافية والميثولوجية ليغدو الصراع هالة مركبة ومعقدة وغامضة تنطوي على المد والجزر، الالم واللذة، الضعف والقوة والانفعال والوحدة التي تحكم الكون وفق جدلية الفعل ونقيضه لضمان تواصله واستمراره من خلال مقترح سردي يعيد اللحظة التي واجهت «جلجامش» عند مشاهدته لاثار الفناء فدفعه الخوف الى فكرة «الخلود» التي هي نص سردي المحصلة، وليس بعيدا عن ذلك ما تقترحه غالبية الاساطير والمقولات الفلسفية لمواجهة مشكلة وجودية كالموت من خلال سرديات مثل: «التناسخ» و«وحدة العالم» و«جدل الحب»، «الخلود» و«العدم».

ان ضروب تنافر العالم تحاكي شجار العشاق، فالتصالح يكمن في قلب الخصام، وكل ما انفصل سرعان ما يتوحد من جديد، وهو ما يسميه هيجل «جدل الحب».

وبغض النظر عن البعد الاخلاقي الذي يسم به هيراقليطس واقعة العلاقة بين طرفي الصراع، الا انه يعتبر ان الصيرورة بحد ذاتها تشكل نزاعا دائما بين الاضداد لتحقق الوحدة: «ان الاضداد في قلب هذا النزاع تشكل وحدة على نحو ما يفعل المغناطيس او المصارعين في الحلبة»..

والشيء الذي يمكن ان نستخلصه من الاسطورة والمقولات الفلسفية ان علاقة التناقض والتنافر بين الافكار او الاشياء او العلاقات تفضي الى الوحدة و«التشابه» و«التماثل» الذي يحرك الوجود ويضمن استمراره.

 

طبعاً، لا أَقصدُ بذلك الثّنائيّة الأزليّة المعروفة [واحد ضحيّة والآخر جلّاد] فتلك معادلة طبيعيّة في حياة البشر منذ ان قتلَ قابيلُ هابيلَ، انّما أردت ان اطرح سؤالاً، قد يكون غريباً بعض الشيء، ثم اجيب عليه، وهو؛

هل يُمكن ان يؤدّي واحدٌ فقط، فرداً كان ام مجتمعاً، الدورَين في آن واحد؟ بمعنى آخر؛ هل يمكن ان يكون الانسان جلّادُ نفسه وضحيّتها في نفس الوقت؟!.

الجواب؛ وبلا تردّد، نعم، فانا أَجزم ان ذلك ممكن الحصول، كيف؟!.

لن اذهبَ بعيداً حتّى لا أُتّهم بالسّلبيّة، مثلاً، او اليأس والقنوط او السّعي لتثبيط العزائم، والعياذُ بالله، انّما سأحومُ حول (نهج البلاغة) فقط للامام أمير المؤمنين (ع) أَستنطقهُ واستفسر منه واستلَّ منه الأسباب والأجوبة.

يقول عليه السلام {وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالعِصْيَانِ وَالخذْلاَن}.

إِنَّهُ خلاصةً وافيةً لاجتماع مفهوم (الضّحيّة والجلّاد) في واحدٍ فقط، والذي اشرتُ اليه آنفا، فعندما يُفسِدُ مجتمعٌ ما الرأي الجمعي، يكون جلّادَ نفسه وضحيّتها في آن واحدٍ، فكيف يَكُونُ ذلك؟.

اولاً؛ إشاعة الاكاذيب ونشر الافتراءات والمساهمة في مضاعفة آثار الحرب النفسيّة التي يشنّها العدو.

انّه مجتمعٌ يقود معركة التسقيط ضِدّ نفسهِ!.

ثانياً؛ تشتّت الاهواء في اللّحظات الحرجة، وغياب او تغييب القواسم والمساحات المشتركة.

فهو مجتمعٌ عاجزٌ عن حلّ مشاكله بالحوار والمصالح المشتركة والمتبادلة، وانما يلجأ دائماً لحل ابسط مشاكله وخلافاته الى (آخر الدواء) الا وهو (الكيّ) لعجزه عن المرور بايّة حلول اخرى!.

ثالثاً؛ غياب الاولويّات بشكلٍ مهول ومُرعب ومُخيف، لدرجة طغيان التوافه والأمور الثّانويّة على تفكيره واهتماماته.

رابعاً؛ الجهل المُطبَق في معرفة المصالح والمفاسد.

انّ من أسوء المجتمعات هو المجتمع الذي لا يميّز مصالحه ولا يعرفها، فتراهُ يفرّط بها من دون ان يشعر بذلك.

خامساً؛ الاتّجار بالكلام، دبلوماسياً او بالثرثرة في المجتمع.

فبينما يقول تعالى {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} الا انّ مثل هذا المجتمع مشغولٌ بالقيل والقال، بل انّ شغلهُ هو الكلام من دون عمل او إنجاز ام انتاج.

يَقُولُ امير المؤمنين (ع) {وقَدْ أَرْعَدُوا وَأبْرَقُوا، وَمَعَ هذَيْنِ الاْمْرَيْنِ الفَشَلُ، وَلَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ، وَلا نُسِيلُ حَتَّى نُمْطِرَ}.

سادساً؛ تحكّم السّلبيّة وطغيانها وإِشاعتها في المجتمع.

فالمجتمع الجلّاد مصابٌ باليأس والقنوط، وكذلك باللّاأبالية لفرط سلبيّته.

سابعاً؛ التّفريط بالنّجاحات، فالمجتمع الجلّاد يحوّل النجاحات الى فشل والانتصارات الى هزائم، اما غيرهُ فبالعكس، يحوّل الفشل الى نجاح والهزيمة الى انتصار، انّهُ يقلب النتائج لصالحه دائماً وأبداً.

ثامناً؛ التفاخر بالتّضحيات من دون حساب المنجز ابداً، والناجح ليس هو الذي يفتخر بتضحياته وانّما هو الذي يفتخر بمنجَزه.

ان المجتمع الناجح هو الذي يتفاخر بالمنجز وبما وفّر من وقت وتضحية، اما المجتمع الفاشل فهو الذي يتفاخر بالدم، كرمز للتضحية، من دون ان ينتبه الى ما ينجزه هذا الدّم وما يوفّر عليه من وقت وتضحيات.

تاسعاً؛ تحطيم النّاجح والتّبرير للفاشل.

هو يلوم الناجح والمتفوق على نجاحه، بدلاً من ان يلوم الفاشل على فشلهِ، بل انّه منشغلٌ بالتبرير للفاشل دائماً.

عاشراً؛ تكرار التاريخ يومياً من دون الانتباه اليه ابداً، ولذلك يكرر ويجتر ويستنسخ محاولاته دائماً.

حادي عشر؛ تضييع الفرص، لانه لم ينتبه لها أساساً.

ثاني عشر؛ ربما، حضور كلّ شيء في المجتمع الا الحكمة، لذلك لا ترى المجتمع الجلّاد {إِلاَّ مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً} على حدِّ وصف امير المؤمنين (ع).

 

يخبرنا الفليلسوف الاغريقي هرقليطس، في القرن الخامس قبل الميلاد، أن الطريق إلى فوق والطريق إلى تحت، متشابهان، زي بعض. ثم أضاف إلى ذلك قوله: “المرض يجعل للصحة قيمة، والتعب يجعل للراحةطعم، فالجوع يسبق الشبع، والشر يظهر الخير.”

ماذا نسمي هذه الازدواجية بين الأضداد، التي نراها في كل مكان؟ دعنا نسميها مؤقتا، “تلازم الأضداد”. عندما تفتح النافذة في الشتاء، أنت لا تدع الهواء البارد يدخل الغرفة فقط، لكنك أيضا، في نفس الوقت، تدع الهواء الساخن يخرج من النافذة.

عندما تدق بالشاكوش على قضيب حديد، القضيب أيضا يدق على رأس الشاكوش في نفس الوقت. هنا يخبرنا اسحق نيوتن، بأن لكل فعل، رد فعل، مساو له في المقادر، ومضاد في الاتجاه.

ثم نجد المحارة، تحول الجرح إلى لؤلؤة جميلة تبهر الأنظار. ومخلوقات جميلة، تقتل لكي تبقى على قيد الحياة. كل الكائنات، تتأثر بغيرها من الكائنات الأخرى.

العلاقة بين الحيوان المفترس والفريسة، مشكلة من وجهة النظر الإنسانية. القليل من الفلاسفة، قاموا بمناقشتها، وحاولوا إيجاد حل لها.

هي مشكلة، لأن فكرة القتل، تبدو غير مقبولة للقلوب الرحيمة والتي تحب الحياة. يبقى السؤال، هل هذا ضروري؟ أي ترك الحيوانات تفترس بعضها البعض هكذا؟ وهل ترك الموضوع لقانون الغاب، والبقاء للأقوى، شئ سليم؟

نوع من المخلوقات الجميلة، تسمى الزنابير الحفارة. لونها أصفر، أو أسود، أو أصفر بخطوط سوداء. الأنثى هي التي تقوم بالعمل المرهق كله.

تفقس البيضة، وتخرج منها يرقة تتغذى على اللحوم الطازجة. لا حيلة لها في الأمر. إطعام الأطفال هي وظيفة الأم، التي تقوم بهذا العمل بجدارة وكفاءة عالية.

تبحث أنثى الزنابير الحفارة عن فريستها المطلوبة. فإن وجدت عنكبوتا في حجم مناسب. تقوم بالهجوم عليه مثل طائرة فانتوم، أو كالقضاء المستعجل.

تقوم بلدغه بسمها مع مراعات أن لا يقتله السم. إنما يقوم بشلله فقط. بعد ذلك، تقوم أنثى الزنابير بنزع أرجله الثمانية، وجره إلى الحفرة. ثم تضع عليه بيضة واحدة.

العنكبوت حي يرزق، والقلب سليم والجهاز العصبي سليم. لكنه مشلول وغير قادر على الحركة. موقف صعب مثل حالة العالم العربي اليوم.

عندما تفقس اليرقة بعد عدة أسابيع، تبدأ في أكل جسم العنكبوت. وتترك القلب والجهاز العصبي إلى الآخر، حتى لا يموت العنكبوت ويفسد لحمه مبكرا. أسلوب مبتكر لحفظ اللحوم. أن تأكل الخروف وهو صاحي.

الذنابير ليس لديها ثلاجات لحفظ اللحوم، ولا تعرف طريقة تجفيفها وتمليحها. فماذا تفعل لكي تبقي اللحوم طازجة صالحة للأكل؟ طريقة مبتكرة ولكنها بشعة بمقاييسنا الخلقية.

تجعل أرسطو قلقا في قبره، آسفا على تأليفه كتاب الأخلاق، وتجعل كانط يعيد تعريف مبادئ الأخلاق على أسس جديدة.

في عالم الأحياء لا يوجد شئ أسمه الرحمة أو الشفقة أو الأخلاق، حسب مفاهيمنا وتعريفاتنا نحن البشر. وإن وجدت، تكون بهدف واحد فقط. هو حفظ النوع واستمرار الحياة.

هناك من يعتبر كل الكائنات على ظهر الأرض، إخوة وأخوات. من العار أن تقتل أخاك وتأكل لحمه على مائدة العشاء. وإذا غالينا في هذا الاتجاه، سنجد أن كل وجبة طعام، جريمة لا تغتفر. ومنا من يزهد ويبتعد عن أكل اللحوم نهائيا، ويصبح نباتيا. بفرض أن البقرة ألصق لنا في شجرة العائلة من الجزرة.

الواقع يقول بأن الإنسان، مثل باقي الحيوانات والحشرات، وربما الميكروبات والفيروسات، يعيش بالقتل. سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

لكن، هل القتل شئ شرير، بالرغم من وجوده منسوجا في كل شبر من رداء كوكبنا؟ كلنا مدانون. حتى لو لم نقم بالصيد أو الفلاحة مباشرة. كلنا مذنبون يا ولدي.

الرئيس الأمريكي تيدي روزفلت، وهو يختلف عن روزفلت بتاع الحرب العالمية الثانية، في بداية القرن العشرين، حاول مساعدة غزلان غابة كايباب شمال ولاية أريزونا. فأمر بقتل حيوانات الكوجر والثعالب في الغابة التي تفترس الغزلان. عمل نبيل، أليس كذلك؟

عدد الغزلان الموجودة بالغابة كان 4 آلاف غزال، هذا عام 1905م. الرئيس الأمريكي كان مسرورا جدا لسماعه أنباء تزايد عدد الغزلان بعد القضاء على معظم الحيوانات المفترسة.

في عام 1920م، بلغ عدد الغزلان 60 ألف غزال. لم يعد ما تبقى من الحشائش والخضرة الكثير. وبدأ الشك يتسرب لدي المسؤولين عن حكمة قتل الكوجر والثعالب المفترسة.

في عام 1924م، وصل عدد الغزلان إلى 100 ألف غزال. كانت الغزلان تموت جوعا في كل مكان. تحولت الغابة إلى صحراء جرداء. مما أجبر علماء البيئة على دراسة الحالة والتدخل لعودة حيوانات الكوجر والثعالب ثانية للغابة.

في عام 1926، نزل عدد الغزلان إلى 40 ألف. وهو لا يزال عشرة أمثال العدد الطبيعي. بمرور السنين، عاد التوازن للغابة بين غزلانها وحيواناتها المفترسة.

قصة أخرى مشابهة وموثقة، هو ما حدث على جزيرة رويال، البالغ طولها 45 ميل، والتي تبعد 14 ميل عن أرض أونتاريو. قبل هذا القرن، كانت الجزيرة لا تعرف الأيائل. هو غزال أمريكي ضخم. ولا تعرف أيضا الذئاب.

في عام 1908م، سبحت مجموعة من الأيائل التي تجيد السباحة إلى الجزيرة، هربا من الذئاب في موطنها الأصلي. في عام 1915م، بلغ عددها 200 إيل. منذ ذلك الوقت، وفي بيئة خالية من الذئاب، ظلت تزداد في العدد إلى أن وصل إلى عدة آلاف عام 1920م.

مع قدوم عام 1930م، نفذت كل الحشائش والشجيرات وما يؤكل من أوراق الشجر. وبدأت تموت الأيائل من الجوع والأمراض. وظل ما تبقى منها، 800 إيل، تكابد الجوع والوهن والمرض، طوال الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي.

إلى أن جاء عام 1948م، عندما تمكن 16 ذئبا من القدوم إلى الجزيرة عن طريق الثلوج التي غطت سطح البحيرة التي تحيط بالجزيرة. وبدأت الذئاب تأكل الضعيف والمريض من الأيائل.

بعد سنوات قليلة، زاد عدد الذئاب إلى 20، ونقص عدد الأيائل إلى 600، وحدث ما يسميه علماء البيئة بالتوازن البيئي بين الضواري وفريستها. وهو توازن حدث بمعدل 30 إيل لكل ذئب.

الآن، الأيائل لم يعد بينها العجوز والمريض. لم يبق سوى الأصحاء الشباب والأكثر قدرة على الحياة. وأصبح الغذاء وفيرا واختفت تقريبا الأمراض بينها. الذئاب تتغذى على الأيائل، والأيائل على الحشائش والخضرة، وحدث التوازن بينها.

الذئب يأكل مقدار وزنه من لحوم الأيائل في الأسبوع، والإيل والواحد يحتاج إلى خضرة تغطي مساحة من الغابة تبلغ 10 أميال مربعة.

معنى هذا كله، أن هناك علاقة بين الحيوان المفترس والضحية لا نستطيع أن ننكرها. العلاقة هنا ليست علاقة عداء. بمعنى القوي يريد أن ينهي ويبيد الضعيف.

لكنها علاقة تعاون. كل منها يحتاج الآخر. الذئاب تحتاج الأيائل، وصدق أو لا تصدق، الأيائل تحتاج الذئاب أيضا. فالأيائل لا تعرف طريقة لتحديد النسل وحبوب منع الحمل.

الذئاب لا تقتل إلا بقدر حاجتها إلى الطعام. وهي تحرص أكثر من الأيائل نفسها على بقائها وعدم انقراضها. لأن هذا يعتبر نوعا من الانتحار الجماعي. الذئاب هنا، تسلك سلوك الفلاح الذي يقوم بتربية الماشية. يوفر لها الغذاء، ويضيف إليها بقدر ما يستهلكه منها.

لا يعني هذا أن الذئب أو الأسد يعي ما يفعل. وإنه يتوقف عن القتل لأنه يخشى المستقبل. فالصيد بالنسبة للضواري، ليس شيئا سهلا. عندما يقف الإيل في مواجهة الذئب، ينصرف الذئب في عدة دقائق. لأنه يعرف قوة رفس الإيل المميته.

فقط الأيائل الهاربة، هي التي يتم صيدها. ودائما الضعيفة والصغيرة والعجوزة وصاحبة العاهة. كل 13 هجوم للذئاب، ينجح أحدها في المهمة. هذه النسبة، تقريبا صحيحة بالنسبة لبقية الضواري: الأسد والضبع والنمر والصقر وغيرها.

الحيوانات تعرف وقت الصيد ووقت الراحة. قطيع من الغزلان، تجده وهو يرعى، يقترب بشكل ملحوظ، إلى مسافة 50 قدم، من الأسود. فهو يعرف عن طريق الغريزة، أن الأسود بعد أن تشبع، تنام. ولن تقوم بالصيد في هذه الحالة حتى لو جابوا الطبل البلدي.

لكنها عندما تشعر بالريبة، كأن يقوم الأسد ببرم شواربة وهز ذيله والوقوف، أو تفوح منه رائحة الأدرينالين وتعبق المكان، فيكون:

هذَا أَوَانُ الشَّدِّ فَاشْتِدِّي زِيَمْ … قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسوّاقٍ حَطَمْ

هذا شئ طبيعي مثل التنفس بالنسبة للحيوانات. لا تفكر فيه، ولا تخاف الموت. عندما يأتي، ياتي. آدي الله وآدي حكمته. نحن فقط المرعوبون بحقيقة الموت هذه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات