23 ديسمبر، 2024 5:51 ص

متفجرات بلا أجهزة..

متفجرات بلا أجهزة..

ظل الموضوع الأمني مثارا للجدل، وفضاء لإجتهادات وسياسات وأحيانا لمواقف وأدوار من هذه الجهة أو تلك، وهذا التشظي في المسؤوليات كان من أكثر الأسباب المسؤولة عن إرباك وإدارة الملف الأمني والتعاطي مع سياق عمله واشتراطاته..
ويمكن أنْ نعدّ- في هذا السياق- سوء توظيف التقنيات الحديثة للكشف عن المتفجرات جزءا من هذا الإرباك، إذ تحولت حيازة هذه التقنيات الى مصدر من مصادر الغش والفساد الاداري والأمني من جانب، ومصدر خطير في إحداث الكثير من الخروقات الأمنية في مدينة بغداد بشكل خاص…
خطورة هذا الموضوع تكمن في تعدد وجهات النظر لجهات أمنية وسياسية، فمن هي الجهة المسؤولة عن استيراد اجهزة كشف المتفجرات المحمولة يدويا (اي دي أي) وتوزيعها على السيطرات؟ وهل هناك فحوصات إجرائية حقيقية أثبتت جدّية هذه الأجهزة في الكشف عن القنابل والسيارات المفخخة والأحزمة والعبوات الناسفة التي تهدد حياة الناس؟ وهل كان هناك توافق حقيقي بين الجهات الأمنية المسؤولة عن حماية العاصمة على استيراد مثل هذه الأجهزة ومن مناشىء عالمية رصينة ومعروفة؟
أظن أن في الأمر ريبة وإلتباس!! ويحتاج الى الكثير من المراجعة، فمع وجود هذه الأجهزة ظلت التفجيرات والخروقات الأمنية تعصف بالعديد من المناطق، فضلا عن وجود الشكاوى الكثيرة والمتكررة عن فشلها في الكشف عن المعدات والمكونات التي تخص المواد المتفجرة..إذا ما
الجدوى من كل الذي جرى، وماهو سر إصرار البعض على وجود هذه الأجهزة في الكشف والرصد عند السيطرات الثابتة؟
إن تعدد مصادر صناعة الموقف الأمني قد تكون واحدة من تمظهرات الخلل الأمني، مثلما هي المسؤولة على أسباب فشل استيراد هذه الأجهزة وغيرها، وضمن حسابات قد تختلف فيها هذه الجهة أو المرجعية الأمنية عن تلك، في الوقت الذي ينبغي أن تكون للأمن الوطني مركزية في الإدارة وفي صنع القرار، وفي التعاطي مع كل التفاصيل التي تخص السيطرة والضبط الأمني في الشوارع والأماكن العامة، ورصد الشُبهات والحواضن وكشف العمليات الإرهابية قبل حدوثها عن طريق تنشيط الجهد الاستخباري والمعلوماتي، بما فيها آليات الحصول على تقنيات الكشف الحديثة واجهزة السونار..
وأحسب أن قرار القائد العامة للقوات المسلحة بسحب جميع الأجهزة اليدوية من الاستعمال بعد التفجيرات الاخيرة في الكرادة يأتي في هذا السياق- رغم تأخره- إلّا العمل على إعادة النظر بستراتجيات العمل الأمني ينبغي أن يكون هو المسؤولية التي يجب تنظيمها على مستوى صناعة القرار ومركزيته، وعلى مستوى حماية المدن ومنع احداث المزيد من الخروقات الأمنية، وتوظيف كل ما من شأنه أن يُحصّن البيئة الأمنية، لاسيما وأن وزارة الداخلية قد استورد ت العديد من أجهزة رابسكان لكشف العربات، وهو مايجب أن يوضع عند مداخل بغداد وتأمين مداخل المحافظات الأخرى، وأن تكون مسؤولياتها مُناطة بخبرات مُدربة وغير خاضعة للمزاج والعشوائيات، وأن يكون أمن السيطرات دقيقا ومهنيا على مستوى الفحص والمراقبة والخبرة..