وَدَخلنا العامَ محْروسينَ بِالجّنِّ وَرُؤيا العارفاتِ
قد دخلناهُ وَمِنْ بابِ فَقاقِيعِ الأغاني
وبزمّارِ التَّعاويذِ وأوزارِ الأماني
بنعاسِ الكلماتِ في بِطاقاتِ التَّهاني
مُشْرئِبًّا كان هذا العامُ مِن ثُقْبِ التَصاويرِ
يُفَلّي الذِّكْريات
غَضَبٌ يَخذِلنا
وظلامٌ راعَهُ ظُلمَتِنا
فدخلناهُ رَحيبًا وحَريصينَ بزهو وجنون
*
بأهازيجِ مَلاكِ النازِلاتِ
خُلعةً يُسْرجُها الوَهمُ لثيرانِ المآثرْ
قبلَ انْ تَعْبرَ في الحَلقِ ذُبابه
نحوَ إغْضاءِ العِواصفْ
*
قد دَخَلنا..
بِجرادِ الحوْلِ والْقوَّةِ
أَنَّى يَنزَغُ السُّلطانُ في مَغنَمهِ حَمدًا وشُكْرا
وَزنَهُ الرَّيْبُ إِلى خُبْثِ الكبائِرْ
قد مَلأنا كُلّ صَحْراءِ العروبْ
بسيوف الخانعين
*
قد دَخَلنا..
مشجَبًا تَرقدُ فيهِ جُثّةُ العامَ الجديد
وفيوضٌ مِنْ صِياغاتِ التواريخِ اللّئيمةْ
وذيول من خيول الغابرين
قد نَسيْنا قَبْضَةَ الدّرْعِ وصَدّقنا الرَّخاءْ
وحَلَلنا رَبْطَةَ الصّدقِ وأبدَلنا القِناعْ
كالأميراتِ السّبايا
نَسْتَرِّقُ السّمعَ من جُحْرِ العدوِ
علّهُم يَرضونَ عَنّا.. عاهِراتْ
*
قد دَخَلنا..
بشهودِ الشّكِ ما جاءَ بهِ حَيضُ المَخابِرْ
غُصِبَتْ خاصِرَةَ الأرضِ وأزْنوا بِالأجِنّةْ
غَيّروا أمْلاحَ قَلبي بِأَساطيرِ السّباتِ
ونَسوني عارِيًا اكظمُ موتي
لُحْمَة موّهَها الباطلُ في فَيضِ سُداهُ
*
قد دَخَلنا..
بدموعِ الأمهات
انهنّ جَنّةُ اللهِ على الأرضِ ومَوالِ السنابِل
ومَرايا الحاضِرِ السّائِرِ فينا
نحوَ مَحوِ الإنكِسار
قُبَلًا من حصّةِ الباقين منا بالبَصيرَةْ
*
قد دخلنا..
ومعَ المَجدِ بِبارودِ الحروبْ
قَوسهُ الطافَحُ بالدّمِ وأحْشاءِ الصّغارْ
لِينادي لِيعاسيب الملوكِ القتلةْ
أنتم الباقون حتى انْ خَسِرتُمْ
سوفَ نَعْتادُ على لونِ الجريدة
واقتصادِ الضّحكَةِ المُنضَبِطَةْ
…
…
ودخلنا العامَ مَهزومينَ بالصّمتِ كَزيزانِ الحُقولْ
صَوتُنا عالٍ ومنْ دونَ حِوارْ
سَقَطَتْ منّا الشِفاهْ
سَقَطَتْ أذْرُعُنا
وتَوارَيْنا سَرابًا في دُجى تيْهِ الخَراب
دونَ دارٍ او جدارْ
كلّنا الآن حِصارٌ في حِصارْ
فانْثُرينا
انْثُري أيْتُها الدُّنيا الدَّنيئةْ
جَمرَةَ الحَربِ وفَيْروسَ الفَناءْ
*
أيّها الواقِفُ عِندَ العَتَبةْ
قبلَ ان تَدخُلَ من بَوّابةِ العامِ الجَديد
لتُضِيءَ من دُروبِ الحَقِّ دَربًا
او تُصلّي في المَنامْ
**
طارق الحلفي
…………
* المَخابِر: جَمعُ مَخْبَر ومُختَبَرـ مكان الفحص وإجراء التجارب