انا مؤمن الى درجة اليقين بأن الاسلام الذي نزل على نبينا محمد (ص) وعاشه المسلمون الاوائل، هو الوسيلة القادرة على اخراجنا من هذا الهوان الذي سلخنا عن كل المعالم الانسانية وانتهى بنا الى هذه النهاية السوداء.. ولكن اين الاسلام من هذه المجتمعات، بل أينه حتى في تصوراتهم وافكارهم؟
بل اني اعرف الكثير من الذين يكتبون ويتكلمون عن الاسلام، واعرف كذلك الكثير من الجمعيات والهيئات التي تنسب نفسها الى الاسلام، واعرف كذلك العديد من الذين يظهرون حرقتهم على الاسلام ويتبرمون من الواقع القائم، ولكنني نادراً ما وجدت نفر الذي ينطلق في سلوكه وتحركه من خلال القيم الاسلامية، حتى انه يخيل اليك ان واقع هؤلاء الناس جميعاً يؤكد ان تأثرهم بالمناخ السائد اكثر بكثير من تأثرهم بقيم الاسلام ومعانيه وان الاسلام عند هؤلاء واولئك لا يتجاوز ان يكون ثقافة لا تختلف كثيراً عن ثقافة اولئك الذين يتحدثون عن القيم السياسية والاجتماعية ولكنهم في سلوكهم صورة عن مجتمعهم الذي يعيش الماضي والظلم السياسي والاجتماعي.
كذلك نجد من الناس من يدير حديثه وتحركه مع الناس على اساس الاسلام، ولكن عندما يصطدم الاسلام بمصلحته ينقلب خصماً لهذا الدين وعدواً لدوداً لقيمه وافكاره بل انه لا يبالي ان يرتكب اكبر الحماقات التي تصل عند الله الى درجة الكفر خوفاً على مصلحته. وما اكثر ما عانى الاسلام خلال تاريخه الطويل من هذه النوعيات والنماذج.
وصورة اخرى ارادها في صفوف المتأسلمين وهي انهم لم يعدموا الرجال الاذكياء والقدرات المتفوقة في الميادين المختلفة ولكن هؤلاء الرجال الممتازين يهدرون قدراتهم بل ويؤجرون كفاءاتهم مقابل عرض من اعراض الحياة الدنيا. فان كان الاسلام حياة متميزة ذات طبائع وخصائص ترفض الذوبان فيما حولها وهي كذلك تفرض التعايش والتلاحم بين اجزائها المختلفة بكيفية تقوم على الحب والتراحم والتقدير فكيف تفسر شذوذ هؤلاء الممتازين عن الصف وانجرافاتهم بالتيارات بل انخداعهم بالسراب حتى رضوا لاتفسهم ان يكونوا احاداً في القطيع.
صحيح ان مسؤولية السلوك والعمل الاسلامي ثقيلة ولكن وضوح الغاية وسلامة التصور والوعي القائم على الثقة بالله كلها كفيلة بتذليل الصعاب وقبل ذلك كله قول الله تعالى- ( والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون).