20 مايو، 2024 11:49 ص
Search
Close this search box.

مبــــــروك التـخرج

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد ان حصلت على شهادة البكلوريوس في احد الأختصاصات , كنت متشوقا لدخول الجامعة مرة اخرى لكسب اختصاص اخر , لان ماشاء الله الشهادات صارت بوفرة نتيجة افتتاح الجامعات الحديثة والتي اصبحت كاوراق لعبة الورق او الدومينو وبتشبيه اكثر شعبيا صارت مثل ( الركية) لو تطلع حلوة لوفاهية وانت وحظك !! فهي كثيرة ومتعددة ولكن من الصعب التكهن بنوعية التدريس فيها او حتى القائمين عليها ومن يدريها اصلا !! فاصبح الطالب العراقي يستطيع الحصول على شهادتين بكلوريوس او اكثر خلال اعوام قليلة (يعني بس تحسب سنوات) لتحل هذه الشهادة هي الأخرى بمكانة صغيرة مقارنة بالماجستير والدكتورا التي اصبحت متوفرة بشكل اسهل بكثير عن ايام زمان بس شوية يحتاجلها تفرغ وفلوس و(علاقات) , وبطاري الفلوس ماعرف ليش ادارة أي كلية او جامعة اهلية تركز دائما على (قسط) وطبعا صار القسط بارقام خيالية والمتمكن ماديا الموضوع صار جدا سهل عليه يعني (ادفع نقدا تنجح صفا) والمحزن انو الجامعات التي تنتهج مسار البحث عن الاقساط كان حيزها بمحيط الجامعات الانسانية بس هسه صارت المصيبة اعظم من انتهجت الكليات العلمية نفس المبدء لتشمل كليات الطب والصيدلة وطب الاسنان ..وطبعا لكل قاعدة شواذ وهناك جامعات لاتزال تحمل الرصانة العلمية موجودة في داخل المؤسسة التعليمية العراقية واحنة حديثنا ينصب نحو الجامعات الاهلية بالتحديد حتى ليكون هنالك لبس بالحديث … وقبل ايام وقعت في يدي وثيقة مصورة وهي عبارة عن شهادة في المرحلة الابتدائية تعود الى الملك فيصل الثاني اخر ملوك العراق عام 1944-1945 ومثبت عليها علامات ودرجات الملك موقعة من قبل الاستاذ الراحل مصطفى جواد وهي كالتالي (( القران الكريم 9 والقراءة 8 والمحادثة 9,5 والمحفوظات 6,5 والرسم 10 والخط 7 والنشيد 6,5)) ان العجيب في الأمر ان الدرجات هذه كانت تنقل بالارقام مقدار ذهنية وعقلية ذلك الطفل ( الملك فيصل الثاني) بأمانة دون تزييف اوتغيير لانها افتقرت لعنصر المجاملة والمحابة للملك بالرغم من انها تعود الى الشخص الاول في الدولة حينها ! اننا نكتشف من تلك الوثيقة التي بقيت محفوظة كل تلك السنين وتصل الى ايادينا لتكون شاهد عيان على رصانة تلك الفترة التربوية في العراق فناهيك عن قطاع التعليم العالي في ذات الفترة , ويبدو انني وعلى ماعتقد منحازا نوعا ما لتلك الفترة التي لم أعشها حقيقة حيث بينت ذلك الشيئ في اكثر من موقف منها مقالة سابقة حملت عنوان ” المملكة العراقية المتحدة ” , والسؤال المهم لماذا لم يسعى الاستاذ مصطفى الجواد على منح الملك درجات عالية كنوع من التقرب اليه وللاسرة الحاكمة ؟ لماذا لم يفكر ذلك الاستاذ بمصالحه الشخصية تجاه ماكتب من ارقام ودرجات ؟ لابد انها الامانة العظيمة لشرف المهنة التي اتقن في حملها مصطفى جواد في تدريسه ليقدمها لملك العراق وبقية زملائه بالتساوي …انها فعلا لعدالة عظيمة اتقنها الجواد قبل كل ملوك ورؤوساء العراق على امتداد تاريخ العراق الحديث , وكيف لا ؟ وهو كان يسعى لايصال مايتمنى ايصاله وبالتالي يستطيع ان يفهم طالبه الصغير كل تفاصيل الدرس وان يرضي ضميره في عمله وعلمه , فهو لم يرتضي للملك ولنفسه ايهام الملك بانه الطالب الاول عن ذلك الصف ! فمصطفى الجواد عند دخوله ذلك الصف رمى جميع المناصب خارج قاعة ذلك الصف , ليوصل رسالة صريحة الى الوصي على العرش ان ذاك بوضوح وامانة عن مقدار الذهنية التي كان يمتلكها ملك العراق حينها … كثيرا مانعرف اشخاصا عاشوا في حقب الاربعينات والخمسينات فلم يستطيعوا

الحصول الا على شهادة المتوسطة او الاعدادية ونراهم معتزين ومفتخرين جدا بتلك الشهادات البسيطة فعادة ماتكون اجابتهم موحدة في عدم مقدرتهم الحصول على اعلى الشهادات عازين ذلك كون التعليم والتدريس لم يكن بهذا اليسر الذي نعيشه اليوم ! فكان قديما من يحصل على الشهادة الكبرى هم نسبة قليلة جدا كونهم يخضعون الى امتحانات عسيرة ومتعددة وبتالي لن يحصل على هذه الشهادة الا من كان اهلا فعليا لها .. واليوم في عراق العجائب تمتد العديد من الاراضي في جمهورية العراق لتبنى فوقها الجامعات العراقية كانها محطات لتعبئة الوقود !! والعجيب اننا نسمع اصواتا متعددة تنادي بنقص الجامعات في العراق والحاجة لعدد اخر منها !! كأنها نوادي ترفيهية !! ان الحقيقة الساطعة التي لابد ان يعلمها اصحاب العقول الهشة ان الجامعة صرح من صروح العلم والمعرفة وليست ابنية فاخرة الطراز والمعمار فلابد عند اقامتها ان تتوفر فيها جميع الشروط العلمية والاكاديمية قبل توفر الشروط الادارية لانشائها ..يعلم الله انني اليوم اكتب وبين عيني صور الجيل العراقي القادم الذي سيمارس مهامه في ادارة شؤون البلاد في السنوات القادمة بعد تخرجه من تلك الجامعات ومايمتلكه من حيز علمي يستطيع به خدمة هذه البلاد المنهكة التي تحتاج من ينهض بها من اغمائها المدمن والذي دفعني للكتابة العديد من الاراء التي سمعتها وسجلتها لشرائح متعددة من هذا المجتمع … فعند حديثي مع بعض الاخوة في شأن واقع الجامعات الأهلية في العراق كانت هنالك عدة تعليقات في اجابتهم عن تساؤلاتي نحو مستقبل اكاديمية العلم الأهلي في العراق وارغب ان اعرضها لكم كماهي فمنهم من قال لي ( سهلها استاذ على العالم والناس وخلي الناس تنجح !!) والأخر قال (هو كلشي خربان في هذه البلد بقت على الجامعات الاهلية ! ) يعني كأن الجامعة شي سهل عنده !! ومنهم من تحدث لي ليحاول دفع رغبتي في اكمال دراسة الماجستير او الدكتورا في هذه المرحلة ومثل مكال ( لحك استغل هذه الفترة حتى تحصل على اعلى الشهادات ) اما الاخ الاصغر لاحد اصدقائي والذي يستعد لتخرجه من احدى الجامعات الاهلية فهو مشغول بتزين سيارته الجديدة بشرائط الاعراس وانا اعرفه عز المعرفة هو بالكاد يستطيع كتابة اسمه بشكل يسير !! وكنت مجبرا ان اقول له ( مبروك التخرج) وهو حال كحال غيره ضحية التعليم الاهلي في العراق .. اخوتي انا احدثكم اليوم والحسرة تنهال من نفسي الى مستوى التعليم الاهلي في العراق , ففي ايام الدكتاتور المقبور كانت تسيطر زمرة من اتباع النظام على الشهادات العالية وولد الخايبة ينحرمون منها مع وجود استثنائات شبه معدومة , وبعد ان زال ذلك النظام الاسود حتى جاء حكام الخارج وحكموا البلد والمصيبة ان كل واحد منهم يتمتع بحرف (د) قبل اسمه وهو محد يعرفه في جامعته لافي بغداد او حتى الخارج !!! وطبعا لكل قاعدة شواذ فلابد اكو اشخاص سهروا الليالي للحصول على تلك الشهادات ومن الامانة ان يتم انصافهم لان مثل ميكولون بالمثل الشائع ( اصابع الانسان ليست بالتساوي) يعني الي تعب وجاهد حرام يتساوى مع نفر اخذ تلك الشهادات بطرق فنية !! نتمنى ان يكثف المسؤولين في الجهات المعنية جهدهم من اجل تعزيز الدعم اللازم لرفع قيمة الشهادة العراقية لتبقى منافسة ومشرفة لاسم العراق الغالي بين المحافل الدولية فتكون سهلة ويسرة على المجتهد ومصعاب وعسيرة على المراوغ والكسول لترتفع قيمة تلك الشهادة وخصوصا تلك الصادرة من الجامعات الاهلية .. وان ينصب جهد المسؤولين في الجهات المعنية على تلك الجامعات لان البعض منها ونكرر كلمة ( البعض) اصبحت ليست بجامعات لتلقي العلم والمعرفة بل امست اماكن للترفيه والمداعبه والقائات الشبابية !! فاما ان تكون جامعات لتلقي المحاضرات او تكون نوادي ثقافية وينتهي الموضوع وبذلك تكون ملزمة الحجة في دخولها من عدمه لان الحال وصل بالمتقدم على الدراسة في تلك الجامعات بان يقوم بسؤال اولا عنها قبل الدخول والقبول فيها !!! كانه يبحث عن فتاة لايعرفها لغرض الزواج , نحن نشيد

بشريحة من الاساتذة والجامعيين الكبار الذين نعتبرهم رفعة رأس حقيقية ونسلط الاضواء بشكل كبير على الجامعات الاهلية التي يعتبرها القائمين عليها مشروع تجاري اكثر من انها صرح علمي دؤوب ..نتمنى ان نرى في يوم من الايام القادمة افتتاح جامعات اهلية تحمل الرصانة العلمية اللازمة وان تكثف الجهود والاجرائات في مراجعة سير عمل وتدريس الطلبة في الجامعات الاهلية بدون استثناء .. وفي الختام نتمنى ان يأخذ الاخوة في الوزارات المعنية ملاحظتنا تلك بعين من الأعتبار و برحابة الصدور ورجاحة العقل… وترة القوم التي تعاونت ماذلت …

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب