الحياء والإستحياء يعني في اللغة الإحتشام، والإحتشام يعني التعفف عن ظهور العورة، والعورة هي الفرج، هذا ما تقولهُ اللغة، ولكن للناس قولاً آخر: ثمةَ فعلٍ وقولٍ معيبٍ يقوم بهِ الكائن، وهو ما يجب الإستحياء منهُ. هُم بذلك إبتدعوا مبررات عديدةٍ، لأفعالٍ عدَّوها عيباً، وكل مجتمع إتفق أبناءه على أمورٍ معيبة، ولهم أسبابهم المورثة في ذلك، ومن تلك المجتمعات، المجتمع العربي.
تبنت الثقافة العربية أفعالاً كثيرة وإعتبرتها عيباً، وبالرغمِ من مجيئ الإسلام وتبيانهِ إلى ما يجب الحياء منهُ، حتى جاء القول المشهور: لا حياء في الدين؛ ففتح المجال أمام المسلمين للبحث والعمل وتطوير المجتمع، إلا أنهُ لم يستطع تغيير المجتمع، ونظرته الموروثة للأمور المعيبة، التي أوجدها هو(أي المجتمع)، ولا دليل على صحتها أبداً، لا من عقلٍ ولا من دين، ولا سيما قضية الجنس وممارسته.
كثُرت في زماننا حالات الضعف الجنسي، عند كثير من الشباب(من كلا الجنسين)؛ سألت أحد الاطباء عن سبب ذلك فأجاب: “إن بعض أسبابه نفسية، وأُخرى عضوية، لكن المشكلة الحقيقية نجدها نحن الأطباء، في أن النساء تراجع المستشفيات لعلاج من هذه الحالة لديهن، ولكن الذكور يمتنعون وبشدة، عادَّين ذلك” فضيحة”! فهم يستحون من ذلك، ويعتبرونهُ(عيباً)، وإنتقاصاً لهم وطعناً في رجولتهم!
ذاتَ مرةٍ كنت جالساً عند أحد الاصدقاء الصيدلانيين، فحَضَرَ عنده رجل كبير، فقال له: تفضل يا حاج، فأومأ له الرجل أن إقترب، ليحدثه في أُذنه، فهمس له؛ ذهب صديقي وأعطاه دواءه، وكاد الخجل يقتل الرجل. وحينما ذهب، قال صديقي: أتعرف ماذا أراد؟ قلتُ: لا! قال: أراد مقويات جنسية، ولولا أنه يعرفني، وأن الطبيب عرَّفه عليَّ، لَمَا جاء ولَمَا أخذ الدواء! قلتُ: لقد كان الخجل بادٍ عليه، قال الصيدلاني: يا أخي متى نترك هذا الخجل غير المبرر، فما المخجل من هذا الفعل؟!
أن الثقافة الجنسية تُعدُّ عند الشعوب العربية جريمة، فكيف بممارستها وإعلانها؟! إنها الفضيحةُ والعار! والخزي والشنار!
بالطبع نحنُ لا نتحدث عن الزنا، فهو فِعلٌ مرفوضٌ من العقل والدين، لكن ما نقصده أن الرجل والمرأة في مجتمعاتنا العربية، لا يتحدثون عن مشاكلهم الزوجية، خصوصاً تلك التي ترتبط بالجنس، بينما أن حلها بسيط جداً، وهو تعميم الثقافة الجنسية وتعليمها، والوسائل كثيرة للوصول إلى ذلك.
بقي شئ…
الثقافة الجنسية ضرورة ملحة، يجب على الشعوب العربية أن تعي ذلك، لِتَحُل كثيراً من مشاكلها الإجتماعية.