حصل العراق خلال اﻷيام القليلة الماضية على عدد من التكريمات والجوائز العالمية والعربية على المستوى الفردي ، إذ حصل المدرس ، محمد رشيد، على جائزة الشيخ عيسى للعمل التطوعي في البحرين ، طالبة الطب الميسانية (دينا خلف محمود ) تكتشف خطأ علميا في كتاب التشريح بالطب العام الأمريكي فتراسل المؤلف والشركة التي تولت طباعته ليؤخذ بملاحظاتها ويتم اصدار طبعة جديدة من الكتاب في اميركا مع شهادة تقدير ، مديرة مصرف الرافدين ،خولة طالب ، تحصل على المرتبة الخامسة من بين أفضل 100 إمرأة بمجال المال والأعمال في الشرق الأوسط بحسب تصنيف “مجلة فوربس ” للمشاهير ، المخرج محمد الدراجي ، يحصد جائزة أفضل مخرج عن فيلمه ( الرحلة) ، وعادل خالد ، على جائزة أفضل فيلم وثائقي عن فيلمه ( الناجون من الفردوس) في مهرجان مالمو السينمائي في السويد ، جامعة بغداد تحصل على تصنيف التايمز البريطاني لعام 2019من أصل 1250 جامعة في العالم بواقع 7 الاف بحث عالمي بمستوعبات سكوبس”، وﻻشك أن أشهر جائزة لهذا العام حظيت بها اﻷيزيدية الهاربة من بطش داعش التكفيري ، نادية مراد ” وهي جائزة نوبل للسلام ، وأقول مبارك لكل التكريمات والجوائز التي حصل عليها أبناء الرافدين وهذا ليس بجديد على العراقيين وهم إمتداد للحضارات الغابرة ، بأستثناء نادية مراد فإني أجد ” المبارك ” تتعثر على لساني عند محاولة نطقها بخلاف البقية ..لماذا ؟ أولا ﻷن زيارتها الى الكنيست الاسرائيلي العام الماضي أفسد الفرحة بالجائزة ومازال وقع الزيارة يسبب لي صداعا مزمنا وبالأخص أن كلمتها المستفزة هناك صادرت تضحيات الشعب الفلسطيني الذي عانى اﻷمرين من القتل والتشريد والإعتقال وإنتهاكات حقوق الإنسان وتدنيس المقدسات على مدار 70 عاما أو يزيد لتختزل “مراد” كلمتها بالثناء على الصهاينة في عقر دارهم المغتصب من أهل اﻷرض وسكانها اﻷصليين وماكان ينبغي لها أن تفعل ، إذ أن المظلوم بمكان ما من العار عليه أن يمتدح ظالما في مكان آخر ، لقد مدحت الصهاينة وهم أكبر منتهكي حقوق الانسان في العالم وأشد الناس تحريضا وتأجيجا لهذه الانتهاكات والحروب في كل مكان وبنص القرآن الكريم ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ، فيما لم تأت نادية على ذكر معاناة الفلسطينيين بمسيحييهم ومسلميهم على سواء ولو عرضا ولم تعر إهتماما على أقل تقدير لمقابر الجنود العراقيين في جنين ونابلس دفاعا عن المظلومين والنازحين هناك ، هؤلاء اﻷبطال الذين قاتلوا ببسالة وبذلوا الغالي والنفيس دفاعا عن سكان الخليل حتى أن الجندي العراقي والى وقت قريب كان يسمى ” ابو خليل ” استذكارا لبطولاته وصموده ومآثره الخالدة هناك ، وثانيها ﻷن جائزة نوبل للسلام هذه تحديدا لاتمنح في العادة إلا لمن مروا بأسرائيل أو داروا في فلكها أو تعاطفوا معها ، ليس أولهم السفاح مناحيم بيغين ، وليس ثانيهم المجرم إسحاق رابين ، ولا ثالثهم قاتل اﻷطفال شمعون بيريز ، وﻻ رابعهم الخائن انور السادات وﻻ خامسهم رئيسة وزراء بورما قاتلة نساء وأطفال وشيوخ الروهينغا ، أون سان سو تشي، وﻻ سادسهم عراب حرب فيتنام وزعيم اللوبي الصهيوني ، هنري كيسنجر ، اﻷمر اﻵخر أن نادية مراد ، تجاهلت عن عمد العائلة الموصلية – عائلة عمر – التي أنقذتها من براثن تنظيم داعش التكفيري الدموي ، وخبأتها في منزلها ﻷسابيع برغم المخاطر الهائلة التي تنطوي عليها مثل هذه الخطوة آنذاك ، ما اضطر “عمر ” في نهاية المطاف الى طلب اللجوء الى المانيا من دون الحصول عليه حتى اﻵن خشية القتل بتهمة الردة أو الخيانة ، وﻷن نادية لم تتبرع بالجائزة وﻻ حتى بربع قيمتها لعوائل المضطهدات والنازحات والمختطفات لمساعدتهن على تجاوز محنتهن، علما أن قيمة الجائزة بالمشاركة مع الفائز الثاني، الطبيب الكونغولي دينيس موكويغي، مناصفة هي 500الف دولار لكل منهما !!
اﻷمر اﻵخر أن مراد بررت زيارتها الى الكيان الصهيوني على إنها جاءت ضمن مهامها بصفتها سفيرة للسلام العالمي ، ولعمري إنه عذر أقبح من ذنب ، اذ لماذا لم تكن الاراضي الفلسطينية جزءا من سفرة السلام تلك ؟ ، لماذا لم ترفض الجائزة التي حصل عليها أعتى أعداء السلم في العالم وقد سبق أن رفض نوبل للسلام السياسي الفيتنامي (لي دوك ثو ) ﻷن السلام لم يتحقق في بلاده واقعا وﻷن مهندس الحرب اليهودي المتصهين هنري كيسنجر ، فاز بالاشتراك معه بنفس الجائزة ، بدوره الكاتب الايرلندي الساخر برناردشو رفض جائزة نوبل للاداب وقال مقولته الشهيرة “إنني أَغفِر لنوبل أنه اختَرع الديناميت لكنني لا أغفر له أنه اخترع جائزة نوبل“ ، ثم الذي أعرفه أن من يحصل على جائزة في مجال ما من المفترض أن يكون له دور رئيس فيها ليس كأدوار سواه ، بمعنى ان من يحصل على جائزة في السلام يجب ان يكون له دور في وقف الحرب وتحقيق السلم واقعا ، فما هي بصمتك على اﻷرض في ذلك ؟
والسؤال الملح هنا والذي سأله مئات النشطاء على مواقع التواصل وباﻷخص على تويتر وفيس بوك ، ترى لماذا لم تحصل ، ابنة المحمودية ، عبير الجنابي ( 14 عاماً) والتي تعرضت لإغتصاب جماعي ثم القتل والحرق على يد جنود أمريكيين بعد قتل أمها وأبيها وشقيقتها الصغرى ( 5 سنوات) داخل منزلهم عام 2006 على جائزة مماثلة وان لم تكن نوبل للسلام ؟ أين حظوظ ملايين النساء المضطهدات ، اللاجئات ، المشردات ، النازحات ، المغتصبات ، اﻷرامل واليتيمات والمعاقات والمطلقات والمعتقلات ، من الجوائز المحلية والدولية ، في اليمن الذي يعاني الحرب والكوليرا والجوع ، ليبيا حيث رحى المعارك الطاحنة تسحق الاف النساء يوميا ، في سورية حيث الموت والخوف والدمار الشامل ، في العراق الذي لم تتوقف حربه بعد ، في فلسطين وهذه لوحدها حكاية ورواية ، في البورما ، في الصومال ؟!… حظ أوفر الى جميع المظلومات خارج نطاق التغطية في مشارق اﻷرض ومغاربها ، وحظ أوفر الى أيتامهم وفي مقدمتهم الطفل اليتيم جعفر الدوري ، الذي اختطف واغتصب وقتل على يد ذئب بشري هو أحد جيرانه في بغداد بدلا من أن يكفله عملا بقوله تعالى ” فأما اليتيم فلا تقهر” ، وبدلا من أن يسعى على أمه اﻷرملة عملا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ” «السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله، أوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ»، فضلا عن عدم مراعاة حقوق الجار التي قال فيها الحبيب الطبيب صلى الله عليه وسلم: ” مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ” وما ضاع حق وراءه مطالب . اودعناكم اغاتي