23 ديسمبر، 2024 12:31 م

مبادرة السلم الأهلي في عيون الماضي

مبادرة السلم الأهلي في عيون الماضي

من المؤكد ان من وقف ضد التغيير والعملية السياسية والنظام السياسي الديمقراطي الجديد يرى في كل محاولة ومبادرة لتحقيق السلم الأهلي وتحقيق مصالحة حقيقية بين إنباء البلد الواحد هي ضرب من الخيال لذلك يحاول تشويه نوايا المبادرات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار فمثلا هناك حملة لتشويه مبادرة ميثاق الشرف الوطني والسلم الأهلي التي طرحها نائب رئيس الجمهورية لتقليل من حالة التضاد الحاد والتقاطع بين الكتل السياسية الممثلة للمكونات الاجتماعية في العراق ، وهكذا تذهب هذه الحملة بتصوير هذه المبادرة وكأنها لإلهاء المواطن ومحاولة استقطابه لغرض التصويت لحزب معين أو شخصية معينة وحتى أن كان هذا صحيحاً ، العمل السياسي والتنافس يتطلب تقديم مشاريع ومبادرات لحل الأزمة في البلاد وهذه مهمة الرئاسة فضلا عن الطبقة السياسية أما الاتهامات وتشويه المبادرة يعود إلى ما يحمل صاحب هذه الحملة من أماني في أن يبقى البلد في أزمة حتى يقال أن التغيير لم يحقق للعراق أي تقدم وان البلاد كانت في زمن النظام السابق افصل متناسياً الديكتاتورية وحروبها العشوائية والفوضوية وإنها كانت السبب في تردي الاقتصاد العراقي فبعد أن كان من الدول العربية المتقدمة في الثروة النفطية وموازنته المالية المتقدمة على دول الخليج تراجع بعقود عن هذه الدول حيث كان المواطن الإماراتي يحلم بان يزور بغداد في حين غدا المواطن العراقي حلم زيارة دبي بعد النهوض الاقتصادي والعمراني لهذه الإمارة الخليجية .
والغريب أن حملة تشويه مبادرة السلم الأهلي ذهبت ابعد من ذلك حيث شككت في كل مبادرة تحاول فيها الحكومة التقليل من حدة مؤشرات الفقر في البلاد ، وكأن كل مشاكل البلاد تتحملها هذه الحكومة أما النظام السابق فهو نظام ملائكي كانت معدلات البطالة منخفضة ومؤشرات الفقر متدنية ، هذه المؤشرات كانت من الإسرار العسكرية لا يطلع عليها إلا القائد الضرورة وهكذا أصبح البعض لا يملك شيء سوى وضع السلبيات أمام الرأي العام حتى عملية توزيع قطع أراض على الفقراء والمحتاجين يصورها هؤلاء بان الهدف منها فقط الحصول على أصوات الناخبين متناسين أن هذا من أهداف العمل السياسي ومهمة حيوية تقع على عاتق الأحزاب والكتل السياسية ، فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة تزداد شعبية ومقبولية المرشح الرئاسي لأنه يعطي وعود بتخفيض نسبة البطالة والفقر فضلا عن زيادة الضمان الاجتماعي والصحي أما في العراق فأي مسؤول يصرح في هذا الاتجاه يتهم بأنه يريد البقاء بالسلطة وكأن مصلحة البلد في تغيير الوجوه فما الضير من انتخاب مسؤول سابق حقق بعض الانجازات في المجال السياسي ، الاقتصادي ، الخدمي ، تولت لديه خبرات وعلاقات داخلية ودولية وبالتالي البقاء على النفس المعارض لكل شيء هذا لن يخدم العملية السياسية وسيبقى البلد يدور في فلك المشاكل المحلية ولن يحقق تطور ملموس في الواقع الاقتصادي للبلاد .
من هنا عملية الاتهام لمبادرة السلم الأهلي بأنها جاءت من اجل تقاسم السلطة بين الطبقة السياسية فأي سلطة ستتقاسمها هذه الطبقة إذا كان هناك تقاطع بين دولة القانون وباقي كتل التحالف الوطني زد على ذلك تقاطع مع القائمة العراقية ومكوناتها متحدون والحل والعراقية العربية والحرة والبيضاء ، وعليه هل يعقل مبادرة لتحقيق الأمن والاستقرار والحوار والتوقيع على وثيقة الشرف هدفها فقط تقاسم السلطة التي هي أصلا بيد الشعب الذي سيقرر في الانتخابات المقبلة من يمكن أن يفوز بمعنى أن القرار بيد الناخبين فلماذا التخوف من المبادرات التي تهدف إلى لم الشمل وحل الخلافات بالحوار أم أن منتقدي هذه المبادرة لا يتمنون حل هذه المشاكل لأنهم ينظرون إلى العراق بعيون الماضي ، قائد ضرورة وحزب حاكم وإعلام يطبل للديكتاتورية ، أما نظام سياسي ديمقراطي يعتمد حرية الرأي والرأي الأخر وحقوق الإنسان والحق في التظاهر السلمي هذا نظام لا يرغب به المطبلين للماضي عندما كان القائد الضرورة يقود الحملات على المحافظات الجنوبية والشمالية ويقتل الناس بالأسلحة الكيماوية والأسلحة الثقيلة ، هكذا نظام يريده هؤلاء المطبلين .
المطلوب اليوم من قادة العراق الذهاب إلى المؤتمر الوطني وتوقيع وثيقة الشرف الوطني ومبادرة السلم الجاهلي وعدم الاستماع إلى أصوات الماضي لان مهمة إنقاذ العراق تقع على عاتق الشرفاء من الطبقة السياسية سواء من الشيعة أو السنة آو الأكراد وهي مهمة دستورية وقانونية وأخلاقية فالبلد لا يمكن إن يحكم من مكون معين ولابد من اشتراك كل المكونات الاجتماعية في السلطة لان الجميع مشترك في الأرض والسماء والماء والدين والتاريخ .