ساعة واحدة كانت كافية لانهاء قطيعة استمرت اكثر من خمسة اشهر بين السلطة التنفيذية والتشريعية ,انتهت بتوزيع القبلات على الخدود والابتسامات التي توزعت ذات اليمين وذات الشمال ابتسامات عريضة ملئت تلك الوجوه الشاحبة المتجعّدة , حلقة من مسلسل تعود على مشاهدته العراقيين دائما بين اقطاب العملية السياسية المتناحرين كلما تخاصموا , مجموعة من السياسيين لا يجمعهم الا شيئا واحدا المصلحة وحب السلطة على حساب الشعب ,
والسؤال بعد هذا اللقاء برعاية الحكيم هل انتهت فصول المسلسل وستسير العملية السياسية نحو الهدوء والتوافق وسيعود العراق من جديد عراقا موحدا ,
لا اعتقد ان اللقاء الاخير بين المالكي والنجيفي سوف يُعيد خراب العملية السياسية الحاصل منذ سنوات الى مجرى الاصلاح وحتى اكون دقيقا بالمعنى يضع قطار العملية السياسية برمته على خط السكة وبالاتجاه الصحيح .
بعد انتهاء اللقاء انشغلت الفضائيات العربية والعراقية بهذا الحدث الذي وصف بانه تطورا جديدا يشهده العراق بعد اندلاع التظاهرات المنددة بسياسة المالكي وكنت حريصا على متابعة آراء الكتاب والمحللين بالشأن السياسي العراقي ومع الاسف لم اجد
تحليلا واحدا يحلل هذا اللقاء بشكل دقيق وما يجري خلف الكواليس , كل التحليلات كانت تدور حول شخصيتين سياسيتين المالكي الشيعي صاحب الاجندة الخارجية الاقليمية ,والنجيفي السني صاحب الاجندة القطرية ,السعودية ,التركية ,ولااعرف اذا نسيت دولة اخرى لم
اذكرها داخلة وسط المستنقع العراقي ,انا لا انكر بالمرة التدخل الاقليمي الكبير بالملف العراقي التركي المُطعّم بالايراني ويحصر الموضوع بين المالكي والنجيفي ناسين او متناسين جملة الازمات التي يعاني منها العراق ,
ويجب الا نشغل انفسنا بالسؤال ما بعد المبادرة والهدف الحقيقي منها وهل سترى هذه المبادرة الحكيمية الخجولة النور وهل ستسير بالسياسة العراقية المتعثرة بالاتجاه الصحيح وتجمع المتخاصمين في ظل غياب ابرز اللاعبين السياسيين عنها التي وصفت بالودية اين مقتدى الصدر اين اياد علاوي اين مُمثلي المتظاهرين الاساسين , فكل المعطيات لمجريات الملف السياسي توحي بفشل هذا اللقاء من البداية لغياب نقاط كثيرة على طاولة النقاش وحضور جماعات مشاركة عليها الف علامة استفهام مثل حزب الله العراقي !,المتّهم من قبل النجيفي بقتل العراقيين قبل ايام ؟ وغياب عامل الثقة بين المواطن والسياسي
من يراقب تصريحات النجيفي والمالكي معا الاخيرة حقيقة كانت تصريحات نارية قوية جدا واتهامات متبادلة بين الجانبين والمتابع يلمس ان خلافا حادّا
يسيطر على شكل العلاقة بين الرّجلين ويصل الى قناعة كاملة لن تجمعهم طاولات ليست طاولة واحدة الى يوم يبعثون
والسؤال ما الذي حصل هل ان المجلس الاعلى بقيادة عمار الحكيم يمتلك عصا موسى لتغيّر جوهر السياسة والسياسيين ,والاهم هو الهدوء الامني الذي احدثته هذه المبادرة فلا تفجيرات و لا انتشارا للميليشيات قرب السيطرات عجيب من يقتل ويفجّر ليل نهار هل غاب بعيدا هذه الايام ليضع الرّحال في بلد اخر
اعتقد ان اللقاء الذي جمع بين المالكي والنجيفي له عدّة دلائل بالنسبة للنجيفي الانتخابات على الابواب وفي حال ظل الصراع مستمرا متوترا ربّما يدفع بالمالكي الا تاجيلها مرة ثانية وحرمان متحدون من المشاركة والقصة بالموضوع الضغط على المعتصمين للجلوس الى طاولة التفاوض وفق ما يريده المالكي وتحقيق الفتات من تلك المطالب ,
بالنسبة للمالكي الرجل يسعى الى ولاية ثالثة تنال رضا البيت الشيعي المتصارع داخليا والبيت السني الخرب والبيت الكردي العامر بقوته وفي ظل هذا الصراع من جهة والتظاهرات من جهة اخرى لا يستطيع الوصول الى الهدف المنشود فلابد من جمع المتصارعين حتى لو كان الجمع بصورة شكلية فقط امام العالم بان العراق بجميع طوائفه مجتمعون متحدون تحت راية دولة القانون …….!
بالتاكيد ان الايام القادمة سوف تكشف لنا الظاهر والمستور وما هو موجود داخل سطور هذا اللقاء السياسي المبني على المصلحة , مسلسل جديد على ما يبدو ابطاله رئيس البرلمان ورئيس الوزراء وضيوف الشرف فيه هم المجلس الاعلى برئاسة عمار الحكيم