عادة ما تكون المبادرات السياسية لحلحلة العقد والمشكلات السياسية ، مبادرات أفكار جديدة تفتح ابواباً لحوار مختلف على توجهات جديدة من شانها الدفع بالعقدة السياسية الى مساحات الحل ، وحين تكون الازمة على مستوى الموت السريري للعملية السياسية في البلاد ، فان المبادرة لبث الروح فيها يتوجب ان تكون بعقلية جديدة وافكار تتسم بالجرأة والشجاعة لتجاوز حتى الخطوط الحمر والثوابت والاحتكام الايديولوجي والمصالح السياسية الضيقة .
لنر اهم فقرات مبادرة الاطار التنسيقي ، التي من المفترض ان تكون قائمة على بديهية تفكيك الأزمة بابتكارات حلول واقعية خارج الاطار التقليدي لافكار الحوار القائمة والتي ادت الى حالة الموت السريري لعملية سياسية تعاني من الامراض المستعصية ببنائها الداخلي وعناصر التعقيد الخارجي وتدخلاته !
يدعو الاطار التنسيقي الى حوار يقضي الى انجاز الاستحقاقات الدستورية وتحقيق شراكة حقيقية في ادارة البلاد، وهي دعوة تقليدية مكررة ، فهذه القوى تتحاور وتجتمع وتدور حول قضية واحدة هي ” الشراكة ” بما يعني الدوران في محيط العقدة نفسها والاختلاف الجذري بين مفهومي التوافق والاغلبية ، وهي واحدة من العقد المبدئية لكلا الطرفين الاطار والتيار،فعلى أي شيء يتكرر الحوار اذا كانت الفكرة نفسها افضت الى الحال الذي نحن عليه ؟!
في بندها الثاني تكرر المبادرة فكرتين ، الاولى ، المؤامرة والثانية التهديد المبطن من ان هذه المؤامرة تريد الاضرار بالاستقرار السياسي وامن البلد والسلم الاهلي، وهي اشارة واضحة الى قوى تم اتهامها علناً بالتواطؤ مع المؤامرة او العمل على تمريرها ، والقائمة على عقدة التمثيل الشيعي وتحويله من اكثرية الى أقلية !
فمع من يكون الحوار في قائمة الاتهامات هذه ؟!
وتوجه المبادرة الدعوة الى التيار الصدري تخصيصاً والمستقلين الى التحاور حول تشكيل الكتلة الاكثر عدداً بشكل جديد لخدمة الوطن والمكون الوطني الاكبر ، هي دعوة تبدو كما لو انها التفاف على ماقدمه السيد الصدر وحلفاؤه في تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني بكتلة الاغلبية الوطنية ” تحالف انقاذ وطن” وتم الاعلان عنها باعتبارها الكتلة الاكبر.وعقدة العقد التي لم تتطرق لها المبادرة،هي ان السيد الصدر قالها صراحة ” لأتحالف معكم وافضل الانسداد السياسي على توزيع الكعكة ” ، بما يعني أن لاآمال بتراجعه عن مفهوم جديد للكتلة الاكبر التي يريدها وطنية فيما يصر الاطارعلى مفهوم الكتلة الشيعية الاكبر بمبررات الحفاظ على حقوق المكوّن الشيعي .وهي نقطة العقدة والافتراق والازمة .
تطرح المبادرة اتفاق الكتلة الاكبر على معايير اختيار رئيس الوزراء ، وهي بذلك تسلب حق الكتلة الصدرية في تقديم مرشحها ككتلة فائزة وكتحالف اكبر ، فما هي الافكار الجديدة والمفاتيح التي تمنح الازمة والعقدة قليلا من الاوكسجين في غرفة انعاش بلا معايير ولا مواصفات !
هذه هي العقدة الرئيسية التي يحاول الاطار حلّها من خلال العقدة نفسها ، فطرح في المبادرة على التيار تتضمن اعطاء مساحة لمقتدى الصدر بالتحرك بالسلطة التنفيذية وتشكيل الحكومة من خلال اختيار رئيس مجلس الوزراء والكابينة الوزارية، على إن يكون منصب النائب الاول لرئيس البرلمان ورئاسة اللجان النيابية للاطار التنسيقي كي يراقب عمل الحكومة ، دون ان يعلن الاطار صراحة استعداده للذهاب الى المعارضة .
وتعود المبادرة لتقول لايمكن تشكيل الحكومة من دون التيار ، متجاهلة ماقاله السيد الصدر ، اذهبوا وتحاوروا وشكلوا الحكومة من دون الكتلة الصدرية” ، رامياً الكرة في ملعب الاطار الذي عادة مايصرح قادته بانهم الكتلة الاكبر وان تعطيلهم لجلسة نصاب انتخاب رئيس الجمهورية تؤكد قوتهم ونفوذهم ومقاعدهم التي تتزايد ، مراهنين في ذلك على كسب تحالف السيادة برئاسة الشيخ خميس الخنجر ونواب الديمقراطي الكردستاني ، لكن بيان اجتماع السيادة والديمقراطي الكردستاني اغلق الابواب على مراهنة من هذا النوع بتمسكه بالتحالف من التيار .
المبادة الاطارية ، باعتقادي الشخصي ، ستلتحق بالموت السريري للعملية السياسية ، ومهلة الاربعين يوماً الصدرية ستمضي هادئة ، ولن يجد الاطار التنسيقي امامه الا طريقين، الاول حضور جلسة النصاب و اختيار المعارضة القوية والحصول على رئاسة لجان مهمة تساعدهم في طريق المراقبة والتقويم ،أو استمرار الوضع الحالي على حاله ، فيما يستأثر تحالف انقاذ وطن باللجان البرلمانية ، وتفرج الاطار على التغييرات التي سيحدثها هذا التحالف حتى على مستوى تمرير القوانين المعلقة وحسب توجهاته وهو الضامن والمتمكن من الاغلبية المطلقة داخل البرلمان .