23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

مبادئ قرآنية سامية تنقضها التفاصيل 3/4

مبادئ قرآنية سامية تنقضها التفاصيل 3/4

«لَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ»: هذا مبدأ إنساني وإلهي رائع في كون المرأة متساوية تماما مع الرجل في الحقوق، لكني ذكرت فيما يتعلق بالعدالة الكثير من الأمثلة، كما فصلت في بحثي (المرأة في القرآن)، ثم وجدنا كيف إن هذا المبدأ الرائع سرعان ما ينقض في نفس النص، عندما يُكمَّل بعبارة «وَلِلرِّجال عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ»، وكيف يكون العدل مع «وَضرِبوهُنَّ»، أو مع «الرِّجال قَوّامونَ على النِّساءِ»، أو مع «لِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ»، وغيرها وغيرها، ناهيك عن كل الفقه المستنبط من الكتاب والسنة الذي يظلم المرأة في كثير من الميادين، كما أشرت إلى بعض المصاديق في النقاط الآنفة الذكر حول انتفاء العدل، فيما يتعلق الأمر بالأحكام الخاصة بالمرأة.
«يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِّن ذَكَرٍ وَّأُنثى، وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَّقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقاكُم»: هنا مبدأ المساواة بين الشعوب والقبائل وبين الرجال والنساء، إلا بالتقوى، وأكتفي بما ذكرت من أمثلة آنفا وفي مواقع عديدة أخرى من هذا الكتاب عن التمايز دنيويا وأخرويا، كما سأشير إلى مسألة التسايد والتفاضل اللامبرر. [ثم معيار التقوى يؤدي بالنتيجة حسب الفهم الديني للتقوى إلى تمايز وتفاضل، لا يعتمد بالضرورة موازين القسط والعدل، إذا ما فهمت التقوى بأنها لا تتم إلا بتحقيق شرط الإيمان، وإذا كان الإيمان لا يكون إيمانا مقبولا، ما لم يكن إيمانا بالدين الإسلامي بالذات، والالتزام بلوازمه.]
«لا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ على أَلّا تَعدِلوا، اعدِلوا، هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى»: مبدأ العدل مثبَّت في هذا النص على أجمل وأكمل وجه، حيث هناك دعوة للعدل حتى مع من تكون العلاقة معهم على أشد ما تكون عليه العداوة والبغضاء، المعبَّر عنه بالشَّنَآن. لكننا نجد في مقابل ذلك الكثير مما يتعارض مع العدل، من حالات عدم التكافؤ في الحقوق، وذكرت في هذا الكتاب [أو ما سأذكر في كتبي القادمة] الكثير من الأمثلة. من ذلك موضوع إجهار المسلمين بالأذان والقرآن، دون السماح لغيرهم بالإجهار بعقائدهم المخالفة لعقائد المسلمين، كما لو أذَّن الإلهي اللاديني بعقيدته بتنزيه الله بنفي الدين، فيقول على سبيل المثال «أشهد ألا إله إلا الله، أشهد ألا أحد رسول الله»، ولو أذَّن اللاإلهي بعدم وجود الله، والبهائي بعقيدته بالباب، وهكذا المسيحي بكون المسيح ابن الله، وغيرها. وهكذا نفتقد مبدأ التكافؤ في الحق الذي يمنحه المسلمون لأنفسهم في دعوتهم أتباع الديانات الأخرى للتحول إلى الإسلام، وذلك حتى في المجتمعات ذات الأغلبية غير المسلمة، بينما لا يُسمَح لأتباع الديانات الأخرى في المجتمعات المسلمة أو ذات الأكثرية المسلمة بدعوة المسلمين إلى التحول إلى دينهم، بل يمنع ويقمع الداعون والمبشرون إلى ذلك الدين، ويعاقب المستجيبون بسبب جريمة الارتداد، بما قد يصل إلى القتل.