كلنا نرغب كشعب عراقي كما ترغب باقي شعوب العالم ومنها الشعب التركي ان تكون هناك علاقات حسن جوار وهدوء تام على حدود كل دولة من الدول وهذا ما نرغب به نحن كعراقيين وقدمنا الكثير من التنازلات والتطمينات المهمة التي تصب في صالح الجانب التركي ولكن لا يمكن ان نقبل كشعب عراقي المعروف عنه برفضه الكامل لأي قَدَم تدنّس ارض العراق ومن اي كائن يكون وهذا التاريخ يشهد للواقع العراقي بأن الغول التركي يملي علينا عنجهيته وأسلوبه الفج في التعامل كدولة الى دولة اخرى.
هذا الامر لم يتم فيما كنّا نتوقعه من رئيس الوزراء التركي السيد يلديرم بعد زيارته الى العراق وكما توقعنا قبل يومين من الزيارة في حديث تلفزيوني على قناة افاق الفضائية ان الجانب التركي ما زال متعنتا قبل زيارة وفده الى بغداد وانه يبدو مصرا برفضه التوقيع على جدول زمني للانسحاب من الاراضي العراقية ويبدو الإصرار ما زال قائما وهذا ما برز لنا وفقا لبيان ختام الزيارة الذي اصدره المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي فالنقطة الثانية منه جاءت لتؤكد ذلك ونصها يقول الآتي ( اكد الطرفان على ان معسكر بعشيقة هو معسكر عراقي) وأين هو الاختلاف حول معسكر بعقشيقة على انه عراقي فهل هو تابع لجزر البحر الكاريبي ولا نعلم بذلك!!! كي يتعب نفسه يلديرم ويركب طائرته ويغادر إستنبول الى بغداد ليقول لنا هذا السر الغريب العجيب !!
ثم يتطرق بيان رئاسة الوزراء العراقية في نقطته الثالثة الى تأكيد العراق انتبهوا تأكيد العراق وليس التاكيد التركي على موقفه الثابت من معسكر بعشيقة والانسحاب التركي منها وهو ما لم يؤكده الجانب التركي وما لم يقدم به تنازل من قبيل التوقيع على جدول زمني للانسحاب وابقاء التعنت سمة بارزة في عقلية وتصوراتالدولة التركية والتي باتت واضحة اليوم على
وجوه كل الذين يتحدثون من الأتراك على الفضائيات وفي الاجتماعات بالطريقة البربرية المعروفة في خطابهم العقيم حيث تقول الفقرة ثالثا من البيان ( اكد الجانب العراقي على موقفه الثابت تجاه معسكر بعشيقة وان يبدأ الجانب التركي بخطوات سحب قواته وان ينهي هذا الملف ، واكد الجانب التركي التزامه بوحدة العراق واحترام سيادته ) كلام عائم لا تأخذ منه حق ابدا وانما فيه الباطل واضحا وضوح الشمس وهو الإصرار الأهوج لدولة مارقة تريد فرض ارادتها الاستعمارية بالقوة وهذا ما يجب ان يتم الوقوف ضده من كل الفصائل الوطنية الشريفة والتي تجاهد منذ عامين لإخراج العصابات الاجرامية لتنظيم داعش من العراق وكان على السيد العبادي كرئيس وزراء ان يلعب بورقة قوية جدا هي ورقة المفاوض المنتصر الذي يفرض شروطه على طاولة التفاوض لان ترويض الأتراك لم يأتي من فراغ ولا من خلف التاريخ السياسي وتعامل الدول مع بعضها البعض في الأوقات الطبيعية وانما خضعت تركيا لتغير إقليمي في سوريا ووجود لاعبين أساسيين على ارض المعركة مثل روسيا وايران وأما في العراق فهو وجود القوى العسكرية والأمنية والقوى الضاربة للحشد الشعبي ابناء بلاد النهرين الغيارى الذين غيّروا المعادلات جميعها وهزموا كل وسائل الارهاب التي سمحت لها تركيا بالدخول الى الاراضي العراقية من أجل تغيير المعادلات على الأرض لصالحها وصالح دول خليجية عمياء مثل السعودية وقطر والامارات التي لا تعرف سوى عد الدولارات والسباحة العالمية في آبار النفط لتوزيعه مجانا على دول لضمان شراء ذممها.
كان من المهم للجانب العراقي ان يكون صارما جدا في هذا الامر فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وقد نلنا لدغة كبرى من احتلال العثمانيين الأهوج للعراق في سابق العهد وبالتاكيد هذا النموذج يبقى في جينات أولئك واضحا فلا بد ان نكون واضحين ولا نهلهل ونطبّل لزيارة مسؤول رفيع وطأت أقدامه ارض العراق وكأنه متفضّل علينا لتلك الزيارة او انه انفتاح الخير والامل والرفاهية والامان والاطمئنان سوف نعيشه وراء تلك الزيارة !! لا ابدا فالامر غير ذلك تماما وستكون شواهد الايام واضحة جدا للقاصي والداني ان الأتراك ما زالوا في جلباب الحاكم العثماني المتجبّر ولا يمكن الوثوق به.
ويمكن تلخيص المشكلة مع الاتراك بالنقاط الثلاث الآتية من أجل ترطيب الاجواء السياسية بين البلدين وهي ::
1- انسحاب القوات التركية من الاراضي العراقية حتى يكون الحوار فعلا بين دولتين ذات سيادة لكل منهما ، وإلا في غياب ذلك فهو حوار بين دولة مستعمرة وأخرى تحتلها هذه الدولة المستعمرة وهذا غير مقبول في عصرنا الحالي ونحن في العام السابع عشر بعد الألفية .
2- مسألة المياه وهي مهمة جدا حيث ان سد إليسو التركي الذي سيتم افتتاحه في شهر نيسان القادم هذا العام ويبدأ التخزين فيه في يوم افتتاحه وهو ما يحتاج من سنتين الى ثلاث سنوات كي يمتلئ مما يسبب تغييرات بيئية وجفاف مع موت المشاريع الزراعية في العراق ، وهو ما يعد خرقا للقانون الدولي بالنسبة للدول المتشاطئة التي لها الحق بالمياه والنسب بينها وهذا يدخل ايضا في خانة احتلال المياه وهو احتلال ثاني غير احتلال الارض.
3- محاربة الارهاب والتي كان يجب على الجانب التركي ان يوقع على مذكرة تفاهم تشرف عليها الامم المتحدة لمحارية الارهاب وتجفيف منابعه وعدم السماح باستخدام الحدود والمطارات التي ينفذ منها عصابات داعش والتنظيمات المتطرفة الاخرى من الارهابيين لأن كل ما وصل الينا من ارهاب في أغلبه جاء من الحدود التركية ولابد من ايقافه خصوصا بعد تحرير المناطق العراقية سنكون نحن بحاجة الى تلك الوثيقة .
أضع هذه النقاط بين يدي الحكومة العراقية الموقرة للنظر فيها لأنها خارطة طريق صحيحة بين العراق وتركيا وكل الامور الاخرى تكون سهلة الحل وتكون تركيا مرحبا بها كدولة جارة وصديقة.