12 أبريل، 2024 8:45 م
Search
Close this search box.

ما يحدث في العراق يندرج ضمن قائمة الافلام الهندية

Facebook
Twitter
LinkedIn

تعود  سكان بغداد خلال فترة  الزمن الجميل قبل اكثر من خمسين عاما  على ارتياد دور السينما
وكانت اغلب العوائل الراقية ترتادها  بشغف  لمشاهدة عروض الافلام السينمائية  وغالبا ما كان يتم حجز المقاعد عن طريق الهاتف الارضي ..   وما ان تدخل العائلة السينما قبل عرض الفيلم تجد مكانها معد مسبقا  ” محجوز ” لجلوس العائلة التي  تجلس في مكانها المحدد  انتظارا لعرض الفيلم  وما ان  يتم العرض حتى ترى الباعة المتجولين وهم  داخل القاعة لعرض بضاعتهم للبيع وغالبا ما تكون مأكولات ” سندويشات ” او مرطبات  وتجد عامل الخدمة وهو يتجول في الداخل حاملا بيده مصباح يدوي لتنظيم عمليات الجلوس وفق الارقام  المحددة لكل شخص .. وكانت اغلب الافلام التي تعرض افلام  عصابات الكاوبوي الامريكية  التي يفضلها الشباب  والافلام الهندية  التي تفضلها العوائل واغلبها افلام  تحرك الغرائز العاطفية  حيث  يمر المشاهد  بتفاعلات  نفسية تلهب مشاعره  مع  بطل الفيلم  الذي يمر بقصة حب مع حبيبته طوال فترة  العرض..  وتنتهي مشاهد الفيلم نهاية غالبا ما تكون مأساوية  بموت بطل الفيلم او حبيبته  في حادث  مروع  .. 
وغالبا ما نشاهد وبعد انتهاء الفيلم عدد من الجمهور وقد بدا عليه الحزن الشديد  او ترى دموعه تنهمر من عينية بسبب النهاية المأساوية  لقصة الحب  .. هذه المشاهد  اشبه قربا  بالمشاهد التي نشاهدها  حاليا في العراق  لكنها ليست عبر فيلم سينمائي بل حقيقة متجسدة على الواقع ..  فانت اينما تجولت في مناطق بغداد ترى وتسمع قصة  مفجعة  شاب عراقي في مقتبل العمر يتيم الاب ومسؤول عن اعالة خمسة شقيقات يعمل سائقا  لسيارة اجرة يقتل  في  بغداد اثناء ممارسته عمله بسبب انتمائه الطائفي  فيترك عائلة فقيرة  بلا معيل تعيش الفاقة والحرمان .. وأمرأة  متوسطة العمر خرجت لممارسة  عمل شريف لتعيل  اسرتها بعد ان فقدت زوجها في الحرب العراقية الايرانية  تلقي حتفها بانفجار عبوة ناسفة فتترك اطفالها  الايتام عرضة للفاقة والحرمان  .. ورجل ميسور الحال يخرج لممارسة عمله التجاري  تقوم عناصر ارهابية  بخطفة وتطالب عائلته بفدية  مالية كبيرة لاطلاق سراحه وما ان تستلم الفدية تقوم بقتله   وتترك جثته  في  منطقة نائية من بغداد عرضه  للافتراس من  قبل الحيوانات  والطيور الجارحة ولايستدل على جثته .الا بشق الانفس  وضع في جارور بالطب العدلي . ومثقف  يبدي رأيه  في بعض القضايا السياسية  على اعتبار ان العراق يمر بمرحلة الديمقراطية  يفقد  اجزاء من جسمه  بسبب وضع عبوة ناسفة تحت سيارته .. هل اسرد المزيد ام اكتفي بهذا القدر من الحوادث وكلها تندرج ضمن قائمة الافلام الهندية  التي تجعل الدموع تنهمر توجعا والما لمثل هذه الحوادث  .. اذا نحن نعيش عصر الافلام الهندية  بكل ماتحمله من ماسي  وبطل هذه الافلام  مواطن عراقي  لاذنب له سوى انه ولد في العراق  .. ومثلما كانت الافلام الهندية تستهوي العوائل العراقية الراغبة طوعا بالبكاء  كانت  الافلام العراقية  القديمة تستهوي المواطن البغدادي للتفاعل مع الاحداث  الشعبية التي يعتز بها  ويقدسها  وغالبا ما يتفاعل معها .. 
ومن  الاحداث التي تعيد بي الذكرى الى الزمن الجميل  ماحدث لوالدي عندما كنت صبيا لايتجاوز عمري الست سنوات حيث اخبرنا انه سيظهر في احد الافلام العراقية واسم الفيلم ” سعيد افندي ”  حيث اخبرنا ان كادر التصوير صوره وهو جالس مع اصدقائه  في احدى كازينوهات شارع ابي نوآس  وانه ينتظر بشغف عرض الفيلم  .. وما ان اعلن عن موعد العرض في احدى السينمات الصيفية حتى  توجه كل افراد عائلتي واقربائي حتى الدرجة العاشرة الى دار السينما لمشاهدت  والدي في الفيلم ..  وما ان  بدأ العرض حتى ظهر كتف  والدي فقط في الفيلم  فالتفت  اقربائي الى والدي وهم ينظرون  اليه  وقد بدت عليهم علامات الاستغراب وضحكوا ضحكة  عميقة صدرت من القلب على هذا المقلب الذي اوقعنا فيه  والدي .. لكن رغم هذه المفاجئة لكننا خرجنا منشرحين والضحكة لاتفارق وجوهنا  ..  وحمدنا الله اننا دخلنا لمشاهدة فيلم عراقي وليس هندي  لكا نت حدثت مناحة وبكاء له اول وليس له اخر ..
 فما احوجنا اليوم لان نكون مبتسمين ضاحكين وليس  عابسين  بكائين  صحيح ان  بلادنا  تمر بظروف عصيبة  حيث لايخلو شارع من مأساة وقصة لعائلة فقدت وحيدها لكن واقع الحال يحتم علينا ان نكون اكثر صبرا  لتجاوز المحنة بروح رياضية  لكي لانكون فيلم هندي ابطاله  عراقيين  .. فالعراقي  مشهود عليه بالصبر وانه مهما نالته فاجعة وألم  به ضيم لابد ان يخرج من محنته منتصرا .. وكان الله في عون العراقيين .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب